اشتباكات السودان: لاعب كرة القدم النيجيري الذي فر بزيه الرياضي

  • تمارا إيبوي
  • بي بي سي نيوز - أبوجا

صدر الصورة، Courtesy Charles Collins

التعليق على الصورة،

شارلز كولينز (بالزي الأبيض) لاعب خط الوسط في فريق حيدوب النهود السوداني

كان تشارلز كولينز يتطلع إلى مباراته القادمة في الدوري السوداني الممتاز عندما اندلع القتال في البلاد في 15 أبريل/ نيسان المنصرم، مما جعل المدينة التي يعيش فيها تتحول إلى منطقة حرب.

قال لاعب كرة القدم النيجيري البالغ من العمر 28 عاما، والذي يلعب مع فريق الخرطوم حيدوب النهود، إنه اضطر إلى ترك كل ممتلكاته وراءه، والهرب مرتديا سرواله الرياضي الأسود القصير فقط، بعد أن وصلت المعارك بين الجيش وقوات الدعم السريع شبه العسكرية للمنطقة التي يعيش فيها في أحد أحياء العاصمة السودانية.

"سألتني هل أنت سوداني أم إسباني؟ وعندما أخبرتها أغلقت الخط على الفور"

مقتل الممثلة السودانية آسيا عبد الماجد في اشتباكات الخرطوم

وكان كولينز من بين 396 نيجيريا عادوا إلى أبوجا قادمين من مصر هذا الأسبوع، بعد فرارهم من السودان فيما وصفه كثيرون برحلة خطيرة استمرت عدة أيام.

تخطى قصص مقترحة وواصل القراءة
قصص مقترحة
  • اشتباكات السودان: الجيش يتهم قوات الدعم السريع بإرسال تعزيزات إلى الخرطوم رغم المحادثات في جدة
  • اشتباكات السودان: مراسل بي بي سي من الخرطوم يوثق رحلة نجاته من الحرب
  • اشتباكات السودان: مغادرة آخر رحلات إجلاء البريطانيين من البلاد
  • اشتباكات السودان: الدول المجاورة ليس لديها ما تقدمه للنازحين - الغارديان

قصص مقترحة نهاية

وبينما كان كولينز يتحدث لبي بي سي في مطار أبوجا الدولي، استدار ليرينا حقيبة ظهر سوداء ويقول: "سأعود إلى المنزل بهذا فقط.. بطانيتي".

وتابع قائلا: "خرجت من منزلي مرتديا سروالا رياضيا قصيرا فقط ، لقد كانت تجربة مروعة".

ونادي حيدوب النهود، الذي صعد إلى الدرجة الأولى فقط هذا الموسم، كان في طريقه للتأهل إلى كأس الكونفيدرالية الأفريقية (CAF Confederation Cup) وهي مسابقة لكرة القدم أنشأها الاتحاد الأفريقي لكرة القدم (كاف)، وتنظم سنويا من قبل الاتحاد الأفريقي وتعد ثاني أكبر بطولة أفريقية على مستوى الأندية بعد دوري أبطال أفريقيا.

وخسر فريق حيدوب النهود أمام فريق كوبر الخرطوم بهدف مقابل لا شيء، قبل أسبوع واحد فقط من بدء القتال، لكنه رغم تلك الخسارة ظل في المركز الرابع في الدوري المتوقف حاليا.

ولكن بعد ما مر به، لا يرى كولينز نفسه قادرا على العودة إلى السودان لمواصلة مسيرته المهنية.

وقد انتقل عدد قليل من لاعبي كرة القدم النيجيريين المصنفين ضمن صفوف الدرجة الأولى إلى السودان على مر السنين، ووجدوا أن الأندية السودانية الكبرى التي تلعب في المنافسات القارية جذابة.

'لقد كانت تجربة مروعة'

قال كولينز الذي انتقل ليعيش في السودان منذ ثلاث سنوات ونصف بعد وصوله من نادي موريشيوس ريتشي مور روفرز، إنه خسر كل شيء يملكه في البلاد، بما في ذلك مبلغا نقديا قدره 20 ألف دولار (16 ألف جنيه إسترليني).

كان يجمع بين مهنته كلاعب كرة قدم ويمارس بعض الأعمال التجارية، وقد استورد وصلات الشعر إلى السودان لبيعها واستلم شحنة قبل ثمانية أيام من اندلاع القتال، والتي خسرها بطبيعة الحال جراء القال الدائر في البلاد وما نجم عنه من انفلات أمني.

وقال كولينز لدى وصوله إلى أبوجا، مشيرا إلى رجل يحمل حقيبة سوداء أشبه بكيس بلاستيكي: "هناك الكثير ممن عادوا وهم لا يملكون أي شيء.. على الأقل عدت ببطانية".

وأضاف: "من الواضح أن هذا الرجل عاد يحمل طعامه فقط".

ما القواسم المشتركة بين القتال الدائر في السودان والصراع في ليبيا؟

صدر الصورة، Getty Images

التعليق على الصورة،

استمر القتال في العاصمة السودانية الخرطوم رغم اتفاق الجانبين على وقف إطلاق النار

تخطى البودكاست وواصل القراءة
البودكاست

بودكاست أسبوعي يقدم قصصا إنسانية عن العالم العربي وشبابه.

الحلقات

البودكاست نهاية

وقد نُقل الأشخاص الذين تم إجلاؤهم جواً في طائرتين - إحداهما تعود لطائرات شركة النقل التجارية النيجيرية إير بيس Air Peace، والأخرى طائرة عسكرية من أسوان في مصر المجاورة. لقد تقطعت بهم السبل لعدة أيام على الحدود المصرية بسبب مشاكل في تأشيراتهم.

وقبل اندلاع القتال كانت أعداد النيجريين الذين يقيمون في السودان تقدر بأكثر من 5 آلاف شخص، معظمهم من الطلاب. وتشتهر السودان بالدراسات المتخصصة في الإسلام واللغة العربية الفصحى، والتي كان يدرسها العديد من النيجيريين.

من هي العصابات المسؤولة عن عمليات السرقة والنهب في السودان؟

هل هناك طرق "آمنة وقانونية" للفرار من السودان إلى بريطانيا؟

القواسم بين السودان وموريتانيا، أكثر من مجرد أغنية

كما كانت كليات الصيدلة والطب ذات المصاريف المعقولة تحظى بشعبية لدى النيجيريين.

وعلى الرغم من الوضع الصعب إلا أن الأمر لم يخلُ من مشاهد مبهجة في مطار أبوجا حيث التقى الأشخاص الذين تم إجلاؤهم بأفراد أسرهم والمسؤولين الحكوميين.

لكن بطبيعة الحال مازال معظمهم في حالة صدمة بسبب ما حدث لهم مؤخرا.

وقالت الطالبة زينب عبد القادر لبي بي سي "لقد كانت تجربة مروعة طوال الرحلة".

وشرحت كيف أن ساقها كانت منتفخة جراء الجلوس طوال الليل في سيارة أثناء فرارها مع آخرين من السودان من دون ماء أو طعام.

وقالت "شعرت بحالة من التوتر الشديد المصحوب بالخوف وعدم الاستقرار".

أما معيزة عبد العزيز، وهي طالبة في جامعة أفريقيا الدولية في الخرطوم، والتي تحظى بشعبية لدى النيجيريين، قالت إن الأمر قد التبس عليها في أول يوم اندلع فيه القتال إذ اعتقدت إطلاق النار حينها مجرد ماس كهربائي.

"كانت رحلة الفرار مرهقة للغاية، وكانت معنا سيدات حوامل ... لكننا نشكر الله أننا عدنا إلى الوطن".

وأضافت معيزة، وهي طالبة في السنة الأولى، إنها تأمل في العودة إلى السودان عندما ينتهي القتال.

و كان سفير السودان في نيجيريا، محمد يوسف، قد ناشد النيجيريين العائدين من البلد المتضرر من الصراع، التفكير في العودة إليه بمجرد عودة السلام واستتباب الأمن.

التعليق على الصورة،

يدرس معظم الطلاب النيجيريين في السودان الطب أو اللغة العربية الفصحى

كما طلب السفير من أولئك النيجيريين اعتبار السودان بلدهم الثاني، معربا عن تفاؤله بإمكانية السيطرة على القتال في وقت قريب.

ونقلت عنه صحيفة كيبل النيجيرية قوله "أنا آسف جدا لما يحدث في السودان ولكن في نفس الوقت أنا سعيد للغاية لأن هؤلاء الذين تم إجلاؤهم قد وصلوا بأمان، ولم تقع أية خسائر في الأرواح".

وقالت سعدية فاروق، وزيرة الشؤون الإنسانية وإدارة الكوارث النيجيرية، إن كل عائد سيحصل على 200 دولار (160 جنيه إسترليني) لتمكينه من الاستقرار في وطنه.

وقد أرسلت نيجيريا 40 حافلة فاخرة لنقل الأشخاص الذين تم إجلاؤهم من السودان إلى مصر، حيث يمكن نقلهم جوا بعد ذلك إلى ديارهم.

لكن لم يتضح بعد عدد الطلاب الذين سيتم إجلاؤهم إلى نيجيريا من بين العدد الإجمالي البالغ 5 آلاف، إذ أن البعض قد وضع خططه الخاصة للعبور إلى بلدان مجاورة.

وقال العديد من الطلاب الذين تم إجلاؤهم إنهم سيفكرون في الالتحاق بالجامعات النيجيرية لمواصلة تعليمهم، لكن الحال بالنسبة لكولينز مختلف، إذ أنه لا يمتلك هذه الرفاهية.

قال كولينز: "لا أعرف ماذا سأفعل".

"لكنني سعيد بالعودة ، لقد كانت تجربة مروعة".

شارك في التغطية جوزيف جيغيديمن أبوجا.