هل سيحل البشر محل الروبوت؟ .. باحث اجتماع فرنسي يجيب، وذلك في كتابه “في انتظار الروبوت”، والصادر في نسخته العربية عن دار المرايا، بترجمة مها قابيل.

ويذهب باحث علم الاجتماع بكلية الاتصالات اللاسلكية بباريس، أنطونيو كازيللي، إلى أنه وفي مؤتمر عن الأعداد القابلة للحساب، ألقى آلان تيورينج ــ الرياضي البريطاني ــ فرضية ستكون أساسا لأبحاث تالية عن الذكاء الاصطناعي.

ومفاد فرضية  “تيورينج” إذن سيصبح البشر آلات مثل غيرهم، هذا الطرح الذي دفع أجيالا من العلماء إلى الاعتقاد في إمكانية إنتاج آلات ذكية، وقد عمل أجيال من رجال الصناعة على الاستفادة من هذا الحدس.

فإن هذه الرؤية المكيانيكية للعقل قد انتقدها بقوة بعض الفلاسفة منذ بدايتها، ومن بينهم الفيلسوف لودفيج فيتجنشتاين، الذي اتخذ موقفا مناقضا تماما يتلخص في ملاحظته لآلات “تيورينج” ويصفها بأنها لا تتعدي كونها بشرا يقومون بالحساب.

ويمضي “أنطونيو كازيللي” مضيفا: إن تشككه العميق في نمذجة عمل العقل البشري رياضيا يبدو بالقطع اليوم شيئا من الماضي. بدءا من انتصار الحاسوب العملاق علي لاعب الشطرنج العالمي جاري كسباروف عام 1997، وحتي استخدام الشبكة العصبية التلافيفية عام 2017 لتشيص السرطان بنفس درجة دقة الطبيب.

ــ هل سيحل البشر محل الروبوت؟

ويلفت “أنطونيو كازيللي”، إلى أنه: تتعدد الانتصارات المتتالية للذكاء الاصطناعي، وإن كان الرأي العام اليوم يجد صعوبة في تصديق من يزعم أن الآلات لا يمكنها أن تفكر مثل البشر، وإن لم يكن هذا الأمر واقعا بالفعل، فتبعا للمنطق السليم، فإنه سيكون كذلك في المستقبل القريب.

مع ذلك فإن شكوكية فينتجتشتاين لا تتناول مستوى الأداء المتوقع أن تصل إليه الآلات في محاكاة عمليات الإدراك البشري، ولكنها على العكس تتصدى للطبيعة الفعلية لهذه الاختراعات، حيث أكد أنه لا يمكن للـ “الآلات” أن تتواجد دون مساعدة البشر المستعدين لتعليمها “كيف تفكر” .

وهؤلاء البشر ليس فقط العلماء الذين صمموا تلك الآلات أو الذين وضعوها قيد التنفيذ. ولم يكن الحاسوب الفائق IBM أن يهزم البطل الروسي إن لم يكن قد تدرب علي يد أربعة معلمين كبار طبقا لإستراتيجياتهم الأكثر سرية. 

بالطريقة نفسها لم يكن “للشبكة العصبية”  المستخدمة في تشخيص السرطان أن تكون على هذا المستوى من الأداء لولا ملايين الصور لسرطان الجلد التي اتخذت كأمثلة بعد إنتاجها ورقمنتها وشرحها من قبل آلاف المختصين.

ويشدد "أنطونيو كازيللي” على أن: روية فينتجتشتاين تضطرنا إلى تغيير نظرتنا نحو الذكاء الاصطناعي مشيرة إلى سوء الفهم السائد الذي يكمن في أن الآلات الذكية يمكنها أن تستقل عن أي تدخل بشري بفعل قدرتها المعرفية.

بيد أن الفيلسوف النمساوي يشير إلى أن هذه الاستقلالية ليست حقيقة مسلم بها من جانب، اتفق معه "تيورنج" على حقيقة أن الذكاء الاصطناعي لا يفترض مسبقا امتلاق الآلات لقدرات معرفية. بالإضافة إلى أن الحاسوب “عنوان الذكاء”، ولكنه ليس إلا تنفيذا آليا لأوامر أعطيت له: أخذ متغير ومنحه قيمة وقسمتها على معامل، .. إلخ يمكن اعتبار هذه الأوامر “مهام متناهية الصغر” برنامج أو عملية حسابية.