يعيش الاقتصاد المغربي في الآونة الأخيرة ارتدادات عدة، يتجلى أهمها في نسب التضخم التي ارتفعت بنسب كبيرة وتأبى الانخفاض. ومسلسل التحرير الكلي لسعر صرف الدرهم في المغرب هو الآخر يعيش تأجيلات تلو الأخرى؛ رغم الإلحاحات المتكررة لصندوق النقد الدولي. ما يقابله بنك المغرب بكون الظرفية الاقتصادية الراهنة غير ملائمة للدخول في مرحلة أخرى أكثر تطورا. ليبقى بذلك تحرك الدرهم مستقرا في نطاق 5 في المائة نزولا وصعودا منذ مارس 2020.
وفي هذا الصدد أوضح محمد جذري، الخبير الاقتصادي، في حوار خص به “الأيام 24″، أن تحرير سعر الدرهم هو أحد الالتزامات التي تجمع المغرب بمجموعة من المؤسسات الدولية، مثل البنك العالمي وصندوق النقد الدولي، وكذا مجموعة من الشركاء الدوليين. والمغرب قد انخرط فعليا في هذا المسلسل الذي سيمتد خلال حوالي 15 سنة لتحرير الدرهم.
وصرح جذري أن الدرهم في المغرب انتقل من سعر صرف ثابت إلى سعر صرف مرن، منذ النصف الثاني من سنة 2017، على أساس أن يصل إلى تحرير كلي. كما توقع أن ينتهي مسلسل التحرير هذا مع نهاية العشرية الحالية.
فعرض الخبير الاقتصادي أهم محطات تحرير صرف الدرهم قائلا: “كان لدينا سعر صرف ثابت فيما بعد انتقلنا إلى سعر ينخفض أو يرتفع ب 0.5 في المائة، يعني لا يمكنه أن ينخفض أو يرتفع أكثر من هذا الحد مقارنة مع العملات الأجنبية. ومررنا لمرحلة ثانية وصلنا فيها ل 2.5 بالمائة نزولا و2.5 صعودا، واليوم نحن في 5 في المائة نزولا و5 في المائة صعودا”.
وتابع المتحدث أنه كان من المتوقع خلال سنة 2021 أوسنة 2022 المرور لمرحلة أخرى أكثر تقدما، لكن لا يمكن الوصول إليها اليوم نظرا لمجموعة من العوامل المتحكمة في ذلك. مذكرا في هذا السياق بتجربة عدد من الدول كتونس ومصر وتركيا؛ الذين فقدت عملاتهم من قيمتها بشكل كبير جدا.
وفسر محمد جذري ما قاله بنك المغرب عن كون الظرفية الحالية غير ملائمة لتحرير الدرهم، بأن “أول ما يجب أن يكون لدينا هو أن نكون متحكمين في المؤشرات الماكرواقتصادية الخاصة بنا، أي أن يكون لدينا نمو جيد وتحكم في عجز الميزانية الذي يجب ألا يتجاوز 3 أو 4 في المائة، وأن نمتلك خصوصا نسبة تضخم ما بين 1 و2 في المائة، في حين أنهينا السنة الماضية ب6.6 في المائة وهذه السنة من المتوقع أن ننهيها على الأقل ب5 في المائة”.
كما يتطلب هذا التحرير أيضا، حسب جذري، التوفر على احتياطات مهمة من العملة الصعبة، إذ يجب رفع هذه الاحتياطات لتصل مثلا إلى سنة من تغطية الواردات. وخلص إلى أن تحري الدرهم في الظرفية الراهنة سيؤثر سلبا على قيمة العملة المغربية وبالتالي على القدرة الشرائية للمواطنين.
