كشف الدكتور جرجس الجاولي، أستاذ النحت الميدانى والفراغي ورئيس قسم النحت السابق بكلية الفنون الجميلة بجامعة المنيا، ” لجريدة وطني” المكونات التي استخدمها داخل المجسمات النحتية لكي يخرج لنا في النهاية تحفًا فنية، و أيضًا لكي يطبق آية الكتاب المقدس والتي تقول ” من الآكل خرج أكلاً ، ومن الجافي خرجت حلاوة ” .. ويطبق المثل الشعبي الدارج بمصر والذي نستخدمه جميعًا ويقول ” يعمل من الفسيخ شربات”، وان هذا يعد نهجه بمجال النحت منذ بداياته ..

وقال لنا الدكتور جرجس الجاولي عن صور تحويل “نفايات” لـ أعمال فنية يقول : الصور توثق لطريقة جديدة في فن النحت تأتي في نطاق تجربة فنية شخصية للفنان محتواها النظرة الإيجابية لما حولنا والتعامل بمبدأ كل الأشياء تعمل معًا للخير .

وتابع الدكتور الجاولي يقول : فالمشكلة كما يقولون أم الاختراع ووجود تلك المخلفات المصنوعة منها هذه التماثيل لم يعد وجودها ضررًا للإنسان لو فكر بإيجابية في كيفية استغلالها لأنها فى الآخر خامات وربما هذا ما دفعني إلى التفكير الإيجابي في كيفية الاستفادة منها لتتحول من جافٍ إلي حلاوة .. ونخرج منها أكلاً تلك النظرة الإيجابية التي تحول المشكلة إلي اختراع و هذا ما يجب أن نتجه نحوه في ظل الأزمات لتتحول الأزمة إلي حلول .

وقال “الجاولي” : فقد كانت تلك الأشياء وهذه النفايات تمثل عبئًا فى التخلص منها ، ولكنها وفرت لي الكثير من الوقت والجهد والمال عندما فكرت بإيجابية نحوها ، لقد كانت معظم أبحاثي العلمية للترقية للأستاذية تتمحور حول هذه الرؤية وتلك الفلسفة الممتدة معى من عدة سنوات استخدمت خلالها كثيرًا من الخامات التي تعد نفايات أو مخلفات في نظر الجميع مثل الفويل والزلط وبعض الأحجار الملقاة في الطرقات وهذه النفايات من البلاستيك والعبوات المعدنية الفارغة وبقايا القوالب الجصية والاسطمبات وحتى الكراتين الورقية وقطع الفوم الفائضة من التغليف كلها صارت خامات ترص وتجمع بالجبس للحصول على شكل وكتلة التمثال في دقائق معدودة

وتابع: ثم أتفرغ لعمل ما به من تفاصيل دقيقة لم تكن تلك الكراتين وذلك البراميل والعبوات المعدنية الفارغة والفوم مجرد خامات فقط ، بل إنها الأنسب من وجهة نظرى فى نحت تلك التماثيل التى تدعم اغلبها الهوية الفنية والبصرية خاصة الطابع المصري والتراثى لتلك المنحوتات .

وتابع الجاولي : لكن من الجميل أنني بعد الانتهاء من نحت هذه الأحجام من التماثيل و عمل الاسطمبات اللازمة للإنتاج يبقى من الضروري هدم والتخلص من النموذج الأصلي ليفسح المجال لآخر غيره وهنا يسهل تكسيره وتفكيكه بسبب ما به من فراغات داخل حيز الكراتين وخلافهما من العبوات البلاستيكية والمعدنية الفارغة ، إضافة إلي أن هذه الطريقة المباشرة فى النحت باستخدام تلك الخامات توفر لي عناء عمل الكركاز ونحت الطينة التي تجف وتتشقق حال تركها لفترة وجيزة ويصعب عمل الإسطمبات المستديمة على خامة الطينة ولهذا تحول الأمر من خامات مضرة إلي جمال وفن وحلاوة وتوفير للوقت والجهد والمال المطلوب لشراء خامات جديدة مخصوص .

وأنهى الدكتور الجاولي يقول : وهنا دعوة إلي التفكير الإيجابي لحل المشكلات لربما نصل من خلال المشكلة إلي اختراع كما يقول المثل ، لقد كنت حريصًا على توثيق تلك المراحل منذ سنوات عديدة ليستفيد الآخرون من هذا النهج وتصل إليهم الفكرة بسهولة و يسر ، فالصورة تغني عن ألف كلمة ، والشاعر يقول كن جميلاً تري الوجود جميلاً ..وليحقق القول “من الآكل خرج أكلاً ومن الجافي خرجت حلاوة ” .