كيف استفاد المغرب من أحداث 16 ماي الأليمة؟


 

شيماء مومن- صحافية متدربة

 

20 عاما مرت على أحداث 16 ماي 2003 الإرهابية، التي هزت مدينة الدار البيضاء، الرئة الاقتصادية للبلاد بشكل غير مسبوق، منذ هذه الفترة والنقاش يتجدد في كل سنة حول مدى نجاح السياسة الأمنية الاستباقية في تفكيك الخلايا الإرهابية.

 

وضع ديني استثنائي

قال محمد عبد الوهاب رفيقي، الباحث في الشأن الديني، أن الوضع الديني ماقبل أحداث 16 ماي كان استثنائيا، ‘‘إذ لا يمكن أن نقيده فقط بما حدث قبل الفاجعة، بل كان نتيجة تراكمات عقود من الزمن’’

 

وأضاف الكاتب في الفكر الأسلامي، في حديثه مع “الأيام 24″، أن المغرب بدأ منذ الستينات في بلورة فكرة مواجهة اليسار، بالتيارات الدينية، التي فتحت الباب أمام حركات الإسلام السياسي بمختلف توجهاتها سواء من الإخوانية أو السلفية التي حاولت اكتساح المجتمع المغربي، وتدبير سياسته الدينية، بل تحديد حتى أفكاره الدينية وتوجهه الفكري، حتى ولو كانت تلك الأفكار مناقضة للخصوصية الدينية المغربية وللنموذج المغربي الذي كان مؤسسا عبر قرون من الزمن.

 

وأوضح المتحدث نفسه، أنه نتيجة لهذه السياسات الدينية التي انتهجت في فترة الستينات ثم بجرعة أكبر في فترة الثمانينات، تمت “سلفنة” المجتمع المغربي وتمرير مجموعة من الأفكار الدخيلة على الدين من طرف العديد من الشيوخ و بواسطة الكتب والأشرطة المرئية والمسموعة التي كانت توزع بالآلاف في ذلك الوقت، إضافة إلى المساجد التي كانت تؤدي دورا كبيرا من أجل تأطير الشباب بالإديولوجية الوهابية، التي ساهمت من جهة أخرى في التأثير عليهم وتعميق فهمهم للأفكار الجهادية والإيدولوجيات السلفية.

 

وأضاف رفيقي، ‘‘صحيح أن ماوقع في 16 ماي 2003 كان نتيجة لتراكمات عقود من الزمن، أعلنت فيها تيارات الإسلام السياسي عن سيطرتها على الحالة الدينية بالمغرب، من خلال المساجد والمنشورات التوعويية والبرامج والمناهج الدراسية التربوية، وكذلك الجامعات.

 

وأشار رفيقي إلى أن الوضع الذي كان سائدا، أنتج فوضى دينية بالمغرب، نتج عنه عدم توحد الخطاب الديني، في وقت برزت فيه التيارات السلفية بقوة بحكم بساطة خطابها الذي جذب عواطف الشباب المغربي خاصة داخل الأحياء المهمشة والفقيرة.

 

 

الفعاليات الحقوقية: حضور استثنائي بصم تلك الفترة

 

أكد الكاتب في الشأن الديني، أن المناخ العام الذي طبع المغرب في أحداث 16 ماي أثر على الفعاليات الحقوقية من حيث مناهضة الإرهاب والتعبير عن التمسك بالوحدة الوطنية وثوابت الدولة ومسلماتها ، حيث كان الخوف يسيطر على غالبيتها، وبالتالي كان من الصعب الحديث عن البعد الحقوقي بالمغرب في هذه الفترة التي تلت الحادث الأليم.

 

وأضاف الرفيقي، أنه بعد سنوات خفيفة من الحادث تحرر الجسم الحقوقي وتغير نوعا ما، وهذا ماشجعها على تسجيل ملاحظاتها حول أحداث الفاجعة، والاعتقالات التي تلتها، مشيرا أن الذي شجع الجسم الحقوقي بشكل أكبر هو الاستجواب الذي خص به جلالة الملك محمد السادس جريدة “ال بايس” الإسبانية بخصوص التجاوزات التي طالت ملفات اعتقالات 16 ماي.

 

وأشار إلى أنه مباشرة بعد هذا التصريح وجدنا نوعا من الحركية للدفاع عن حقوق المعتقلين داخل السجن، أو بالأحرى المطالبة بإعادة النظر في عدد من الملفات التي رأت الجمعيات الحقوقية أنها لم تراعى فيها شروط المحاكمة العادلة. مبرزا أن هذا التعاطف خصوصا أثناء الاضراب العام الذي نظمه معتقلو أحداث 16 ماي في ماي سنة 2005، جعل هذه الأخيرة تدافع بقوة على ملفات المعتقلين وتعيد النظر في التجاوزات التي طالت حقوقهم.

 

وأشاد المتحدث ذاته، برد الفعل الإيجابي لبعض الفعاليات الحقوقية في ذلك الوقت. ( جمعيات الكرامة، لجنة النصير للدفاع عن المعتقلين الإسلاميين) التي ساندت ويقفون عائلات المعتقلين.

 

20 سنة مالذي تغير أمنيا واجتماعيا ؟

 

قطع المغرب أشواطا كبرى فيما يتعلق بالإجراءات الأمنية الكفيلة لمواجهة خطر الإرهاب.ٍ حيث كانت مديرية الأمن الوطني ومازالت تواصل ضرباتها الاستباقية في محاربة المخططات المتطرفة، سواء من خلال تفكيك الخلايا الإرهابية، أو التنسيق الأمني على المستويين الإقليمي والدولي، حيث أفضت المعلومات الدقيقة، التي وفرتها الأجهزة الأمنية المغربية، إلى إحباط عديد من المخططات في عديد من الدول عبر العالم.

في هذا الصدد نوه المرصد المغربي لنبذ الإرهاب والتطرف،” بنتائج المقاربة الاستباقية التي ينهجها الجهاز الأمني الاستباقي المغربي، الذي كان صمام أمان بخبراته وقيمه لعدد من الدول التي أوشكت يد الغدر أن تطالها لولا الرؤية المبكرة للدولة المغربية في ترسيخ مفهوم مواجهة الإرهاب’’.

وتوقف المرصد في ذكرى 16 ماي من العام الماضي أي سنة 2022، عند احتضان المغرب لمؤتمر التحالف الدولي ضد داعش، بدعوة مغربية أمريكية، مبرزا أن هذا الحدث “يرجح سداد التصور المغربي المبكر حول ضرورة خلق جبهة دولية ذات طابع تنسيقي واستباقي وتدخلي لتطويق التطرف وحاضنات العنف باسم الدين’’.

وبخصوص الاستراتيجيات التي اعتمدها المغرب لمواجهة الإرهاب، أكد رفيقي، أن المغرب كان له دور كبير في الحد من بؤر التوتر، من خلال انتهاجه استراتيجيات عديدة منها ماهو أمني ومنها ماهو تنموي اجتماعي وكذلك ديني.

حيث اعتبر أن إطلاق الدولة لبرنامج التنمية البشرية بعد الهجمات الإرهابية كان له وقع كبير بخصوص تقليص التهميش والفقر الذي تعاني منه الأحياء الفقيرة، إضافة إلى إنقاذ العديد من الشباب من خلال برامج ومشاريع تحد من حدة الهشاشة الاجتماعية المؤدية إلى الهشاشة الفكرية.

وثمن رفيقي مجهودات الدولة الرامية إلى وضع برامج تنموية على رأسها برنامج “مدن بدون صفيح، حيث ساهم هذا الأخير في هدم الأحياء الصفيحية التي كانت مشتلا للأفكار الإرهابية، خاصة على مستوى المدن الكبرى كالدار البيضاء وفاس. مضيفا أن هذه السياسة الاجتماعية لم تنجح بشكل جيد لكنها شهدت تطورا على أكثر من صعيد.

في سياق آخر أشاد رفيقي بمجهودات الدولة أمنيا، حيث أكد أن المغرب أصبح نموذجا للعديد من الدول خاصة فيما يتعلق بمواجهة التطرف، حيث أصبحت الدول الأروبية تتطلع للاستفادة من خبرات المغرب في المجال الأمني، وتدابيره للقبض على المتطرفين أو تقديم معلومات أمنية حول العديد من قضايا الإرهاب الدولي، وهذا مايظهر من خلال الزيارات الكثيرة التي باتت تشهدها البلاد من طرف مسؤوليين أمنيين دوليين كبار حسب رأيه.

تاريخ الخبر: 2023-05-17 18:19:59
المصدر: الأيام 24 - المغرب
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 73%
الأهمية: 79%

آخر الأخبار حول العالم

مركز دراسات مصري : المغرب رائد إقليمي في مجال صناعة السيارات

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-05-02 18:25:06
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 70%

مجلس الحكومة يصادق على مقترحات تعيين في مناصب عليا

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-05-02 18:25:15
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 54%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية