قال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبوالغيط إن البيئة العالمية ما زالت حافلة بالمخاطر والأزمات، مشيرًا إلى أن هذه الأزمات لم تشهد الساحة الدولية لها مثيلًا منذ عقود طويلة، وامتدت آثارها وتبعاتها إلى كل بقعة فى العالم، مُخلفة مخاوف جمة، وحالة خطيرة من انعدام اليقين.

ونبه «أبوالغيط»، فى كلمته خلال اجتماع وزراء الخارجية التحضيرى للقمة العربية بجدة، اليوم، إلى أن صراع القوى الكبرى، الذى تمثل الحرب فى أوكرانيا واحدة من حلقاته، يخصم من الأمن العالمى، ويشيع الاضطراب فى الاقتصاد الدولى، ويضع على كاهل الكثير من الدول تكاليف إضافية، سواء فى تعزيز الأمن، أم الحصول على الموارد، لا سيما فى الطاقة والغذاء.

ورحَّب أمين الجامعة العربية بحضور وزير الخارجية السورى فيصل المقداد للاجتماع، متمنيًا أن تكون استعادة سوريا مقعدها بالجامعة مقدمة لنهاية أزمتها واستعادتها حيويتها وحضورها فى العمل العربى.

وشدد على أن الصراعات تمثل تطورًا سلبيًا، خاصة على الدول البازغة الساعية إلى النمو، والأسواق الناشئة التى تحتاج إلى الاستقرار، ومن بينها الكثير من دول منطقتنا العربية.

وتطرق إلى أن الصورة فى المنطقة العربية خلال الشهور الماضية مختلطة، وتحمل بعض المؤشرات المطمئنة جنبًا إلى جنب مع مخاطر جديدة تثير القلق الشديد.

وعن الوضع فى السودان، قال «أبوالغيط» إن الجميع شاهدوا النزاع المسلح الذى اندلع فى السودان، ومدى خطورته على شعب السودان الذى رُوِّع أبناؤه، وواجهوا الموت والتشريد جراء صراع لم يتسببوا فيه، مشيرًا إلى خطورته على الدولة السودانية واستقرارها ووحدتها وسلامة مؤسساتها الوطنية. 

وأضاف أن السودان بلد عربى مهم، واشتعال الصراع العسكرى فى مدنه وشوارعه على هذا النحو المؤسف أدمى قلوب العرب جميعًا، مؤكدًا أن قمة جدة فرصة يتعين اغتنامها من أجل وضع حد لكل المظاهر المسلحة، كخطوة أولى نحو استعادة الهدوء والعودة إلى مسار السياسة.

وأكد أن العرب لن يتركوا إخوانهم فى السودان وحدهم، بل يواكبوا التطورات ويقدموا كل الدعم الممكن، لافتًا إلى أن المملكة العربية السعودية قامت بجهد كبير متواصل للوساطة، ولكن الأمر مرهون فى المحصلة بإرادة السودانيين وقياداتهم لوضع حد لهذا الانحدار، وإسكات البنادق فى أسرع وقت.

وأشار إلى أنه على الرغم من أن الأزمات فى سوريا وليبيا واليمن ما زالت قائمة دون حل شامل أو تسوية نهائية، فإنها تمر بمرحلة من الجمود، التى تسمح بمقاربات جديدة، وهو ما حدث بالفعل فى عدد من هذه الأزمات.

وتابع: «اتخذ مجلس الجامعة الموقر قرارًا فى ٧ مايو حول سوريا، انطوى على مقاربة شاملة للأزمة، ومهّد الطريق لانخراط عربى أكبر وأكثر فعالية فى تعزيز التسوية، ومعالجة التبعات والآثار التى لحقت بسوريا ودول الجوار فى السنوات الماضية». 

ونوه إلى أن سوريا لها إسهام حضارى بارز فى هذه المنطقة على مر تاريخها، وهى دولة مؤسسة فى الجامعة العربية، معربًا عن تطلعه لتفاعل سورى بناء وإيجابى مع الحراك العربى لصالح شعبها وتعزيزًا لدورها وحضورها.

وقال الأمين العام لجامعة الدول العربية: «نلمس بعض التطورات الإيجابية فى مواقف دول الجوار، وإدارة علاقاتها مع المنطقة العربية، وأتحدث هنا عن إيران وتركيا على وجه التحديد، وليس خافيًا ما عانته المنطقة العربية، ولا تزال، من الآثار السلبية الخطيرة للتدخل فى شئونها الداخلية».

من جانبه، أكد السفير حسام زكى، الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، أن جدول أعمال القمة العربية الثانية والثلاثين سيناقش عددًا من القضايا العربية المهمة، فى مقدمتها القضية الفلسطينية والأزمة السودانية وتطورات الأوضاع فى سوريا.

وقال السفير حسام زكى، فى تصريح للصحفيين، إن أزمة السودان واستمرارها تؤثر على استقرار دولة عضو مهم فى المنظومة العربية، ويمتد تأثيرها إلى خارج السودان، منوهًا بالمبادرة السعودية الأمريكية التى توصلت لهدنة إنسانية، ومعربًا عن أمله فى التوصل إلى وقف مستمر لإطلاق النار.

وأضاف أنه تم تشكيل مجموعة اتصال عربية بقرار الجامعة الأخير لمتابعة الوضع فى السودان، تضم السعودية ومصر والأمين العام، وستجتمع اللجنة على مستوى وزراء الخارجية على هامش الاجتماعات التحضيرية للقمة.

وفيما يتعلق بالشأن السورى، قال «زكى»: «لقد بدأت مرحلة جديدة بمشاركة سوريا فى اجتماعات الجامعة العربية، والاهتمام العالمى بالشأن السورى قد تراجع، ولكن سوريا دولة عربية مهمة وما يحدث بها يؤثر على محيطها العربى، خاصة مسائل مثل اللاجئين وتهريب المخدرات، ومن هنا كان القرار العربى بعودة مشاركة سوريا فى اجتماعات الجامعة العربية».