خوارزميات تويتر حليف أردوغان في الانتخابات!


في يونيو عام 2020 كان الغضب يسود طلاب الجامعات التركية بسبب تغيير موعد اختبارات نهاية العام، فقرر الرئيس رجب طيب أردوغان الحديث إلى مجموعة من الطلاب وإذاعة الحديث في بث مباشر عبر قناة الرئاسة التركية على يوتيوب، ولكن يبدو أن المسؤولين عن القناة فوجئوا بالتعليقات السلبية من الجمهور الشاب ضد الرئيس أردوغان والحكومة فأغلقوا ميزة التعليق على الفيديو.

لم يمنع هذا القرار الطلاب من التعبير عن آرائهم، فاتجهوا إلى تويتر ودونوا تحت هاشتاق #OyMoyYok ويعني "لن تحصل على صوتي" في إشارة إلى أن الطلاب يعتزمون معاقبة الرئيس التركي خلال أقرب اقتراع، وتزامن ذلك مع نشر دراسة في تركيا تقول إن طلاب الجامعات الذين يمثلون الجيل Z سيكون لهم دور حاسم في انتخابات 2023 من خلال تحكمهم في أصواتهم وتأثير على أصوات والديهم.

مادة اعلانية

كانت الحكومة التركية قد انتبهت منذ سنوات إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي هي البديل المتاح لدى المعارضة بعد أن سيطرت الحكومة على الإعلام التقليدي، فبدأت تبحث عن أسلوب للتحكم في محتوى منصات الإعلام الجديد، وحاولت استغلال الآليات المتاحة لدى الشبكات ومنها تقديم طلبات حذف المحتوى أو إغلاق حسابات، وخلال الفترة 2013 إلى 2020 تلقى موقع تويتر 181 ألف طلب من حكومات دول مختلفة حول العالم وكان للحكومة التركية نصيب الأسد برصيد 84 ألف طلب، ولكن الحكومة التركية أدركت أن موقع تويتر ليس مضطرا للاستجابة لهذه المطالب فبحثت عن طرق أخرى.

بدأت الحكومة في الترويج إلى أن الشبكات الاجتماعية تروج لمحتوى يضر المجتمع التركي مثل المواد غير الأخلاقية وجرائم القرصنة والترويج للإرهاب والجريمة، وفي مايو 2020 أصدرت الرئاسة التركية "دليل استخدام وسائل التواصل الاجتماعي" المكون من 161 صفحة ويوجه الدليل إلى إعطاء البيانات الحكومية أولوية الانتشار على الشبكات الاجتماعية خصوصا في أوقات الأزمات ويقول الدليل إن تركيا تواجه توجيها وتلاعبا خارجيا بالمعلومات.

كان واضحاً أن هذا الدليل ليس مؤثرا، فهو ينظم النشر ولا يضمن الانتشار الذي تتحكم فيه خوارزميات الشبكات، كما أن الشركات المالكة للشبكات لا تستجيب عادة للضغوط الحكومية وتخضع لقوانين الولايات المتحدة ودول أوروبية بحكم الوجود الجغرافي لمقارها، فقررت الحكومة التركية أن تقترح مشروع قانون يجبر عمالقة الإنترنت على الالتزام بالقوانين التركية وتعديل خوارزمياتها إن لزم الأمر.

وفي ويوليو 2020 أقر البرلمان التركي قانونا يفرض على شبكات التواصل الاجتماعي تعيين ممثلين في تركيا ليكون هؤلاء الممثلون مسؤولين عن استقبال شكاوى وطلبات الحكومة التركية والاستجابة لها، ويلزم القانون الشركات بتخزين بيانات المستخدمين الأتراك داخل الأراضي التركية وإزالة المحتوى المخالف خلال أربع وعشرين ساعة، وفي حالة عدم الاستجابة يعاقب القانون الشركات بغرامات باهظة ومنع الإعلانات وتقييد وصول الجمهور إليها وهو ما يعني عمليا منع عمل المواقع في تركيا. ونال القانون انتقادات المنظمات الدولية لحقوق الإنسان، مفوضية حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة وصفت القانون بأنه يشدد قبضة الحكومة التركية على المشهد الإعلامي.

اضطرت الشركات العملاقة إلى الاستجابة للقانون التركي، فهي لا تريد خسارة ملايين المستخدمين وهو ما يعني التخلي عن مليارات الدولارات من أموال الإعلانات، ولكن الشركات وجدت ثغرة في القانون فلم تعين موظفيها ممثلين في تركيا وإنما تعاقدت مع شركات محلية لتقوم بدور الممثل. وحتى هذه التسوية لم تعجب المنظمات الحقوقية واعتبرتها لا تنفي رضوخ الشركات للحكومة التركية.

وخلال الفترة التي سبقت الانتخابات الرئاسية والتشريعية في مايو 2023 لم تخل العلاقة من الشد والجذب بين الحكومة التركية والشركات، فصدرت قرارات قضائية تفرض التزامات على الشركات بموجب القانون الجديد ومهد الإعلام الرسمي وشبه الرسمي إلى أن الشبكات الاجتماعية وخصوصا تويتر تتسامح مع المحتوى المخالف للقوانين والموجه للجمهور التركي.

في 16 مارس 2023 قالت صحيفة ديلي صباح التركية إنها أجرت تحقيقا خلص إلى أن تويتر يروج لمحتوى إرهابي لدى الجمهور التركي وأشارت صراحة إلى أن نتائج التحقيق تأتي قبل أقل من شهرين من الانتخابات واعتبرت أن الجمهور التركي يتعرض لحملات من التضليل عبر تويتر وأشارت إلى ما اعتبرته ملايين التغريدات التي تنشرها حسابات زائفة.

وعندما جاءت الانتخابات كان تويتر محاصراً بقرارات المحاكم التي تفرض حذف المحتوى أو مواجهة العقوبات الصارمة والتي تصل فعليا إلى منع عمله في تركيا. ففي الحادي عشر من مايو (قبل ثلاثة أيام من الانتخابات) وجهت هيئة تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات التركية خطابا إلى ممثلي شركة تويتر في تركيا تقول لهم إن الشركة لم تنفذ قرارات قضائية سابقة بحذف محتوى وإن القرارات تستند إلى قانون تنظيم البث عبر الإنترنت لعام 2007 وأنهت الهيئة خطابها بمطالبة تويتر بالالتزام الفوري.

وقالت شركة تويتر إن مراسلات أخرى أبلغتها بأنها المنصة الاجتماعية الوحيدة التي لا تلتزم بالقرارات القضائية، واعتبرت المراسلات تهديدا أخيرا بتقييد الوصول إلى الموقع، وقالت تويتر إنها اضطرت إلى اتخاذ إجراءات ضد أربعة حسابات وأكثر من أربعمائة تغريدة لضمان استمرار عمل الموقع خلال الانتخابات.

أعلنت شركة تويتر هذا القرار وأبلغته للحسابات المتضررة قبل الانتخابات ومثل الإعلان إحراجا للشركة وأصحاب الحسابات تحذيرا لأصحاب الحسابات المعارضة الأخرى، فهم أدركوا أنهم الطرف الأضعف في المعركة وأن الحكومة التركية تحتمي بالقوانين وشركات التكنولوجيا تبحث عن مكاسبها الاقتصادية.

في المقابل، أدى القرار إلى تعزيز صورة الرئيس التركي وحكومته ومؤيديه باعتبارهم تفوقوا في معركة تويتر سواء على المعارضة أو على الشركة نفسها، ومثل ذلك إقرارا من شركة تويتر بنجاح استراتيجية الحكومة التركية التي بدأت قبل سنوات وشملت إقرار القانون وتكللت بإجبار الشركة على تعديل خوارزمياتها خلال الانتخابات لخدمة الرئيس التركي في مواجهة معارضيه.

تاريخ الخبر: 2023-05-18 06:18:24
المصدر: العربية - السعودية
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 84%
الأهمية: 97%

آخر الأخبار حول العالم

“غلاء" أضاحي العيد يسائل الحكومة

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-29 12:26:45
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 67%

“غلاء" أضاحي العيد يسائل الحكومة

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-29 12:26:39
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 56%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية