يوم أدار كويلو مباراة للمنتخب المغربي بغرفة إنعاش متنقلة!


 

 

كان من أوائل المتخصصين في الطب الرياضي في المغرب، وأحد واضعي أسس ممارسته في نادي الجيش الملكي من خلال مركزه الرياضي المتميز وطنيا وقاريا. شغل مهمة طبيب رياضي في نادي القوات المسلحة الملكية ثم المنتخب لسنوات طويلة، عاش خلالها مجموعة من التجارب وكون خبرة ميدانية غنية يحرص حاليا على تمرير عصارتها لطلبة معهد علوم الرياضة في سطات.

 

ثراء مسار الدكتور بوجمعة الزاهي المهني يصعب الإلمام به في حوار واحد، حيث يتشعب الحديث في كثير من الأحيان لتناول مسارات مختلفة. وفي هذا الحوار الذي خص به “الأيام” يستعرض الزاهي بعضا من تجربته في تأسيس الطب الرياضي في المغرب ورؤيته لواقع الممارسة اليوم بعد أزيد من 3 عقود على الاعتراف به في الجريدة الرسمية.

 

 

وفي إطار القصص الطريفة التي تحمل الكثير من العبر، يروي الدكتور الزاهي حكاية لأول مرة عن المدرب البرتغالي أمبرتو كويلو الذي قاد مباراة المنتخب المغربي مع نظيره الكيني في أكتوبر 2001 ضمن إقصائيات كأس إفريقيا للأمم في الدار البيضاء، بعد ثلاثة أيام من تعرضه لجلطة خطيرة في القلب. الجهاز الطبي بقيادة الزاهي أخفى الواقعة عن الجميع بمن فيهم محيط المنتخب واللاعبين حيث وفر كل الإمكانيات لكي تدور المباراة في ظروف عادية.

 

يقول الزاهي واصفا ما حدث حينها: «كنا نخوض معسكرا إعداديا في معهد مولاي رشيد لمواجهة منتخب ساحل العاج بالدارالبيضاء ضمن إقصائيات كأس إفريقيا، جاءني المدرب أمبرتو كويلو يوم الخميس أو الجمعة يشكو من ألم حاد في صدره، وكان حينها يدخن بشراهة، فطلب إجراء حصة تدليك لكني فضلت إجراء فحوصات سريرية وتخطيطا للقلب. فتبينت لي خطورة حالته حيث كان في مرحلة تطوير جلطة قلبية مما اضطرني لنقله على وجه السرعة إلى إحدى مصحات القلب والشرايين في سلا وأدخلناه للعناية المركزة، فقال لي حينها الطبيب المختص إنه لن يغادر المصحة لأن حالته حرجة فاعترضت على الأمر وشرحت له أننا مقبلون على مباراة مهمة تأهيلية لكأس إفريقيا بعد ثلاثة أيام لكنه رفض، فاقترحت نقله إلى معهد مولاي رشيد رفقة كامل التجهيزات الطبية الخاصة بالإنعاش والعناية المركزة والطاقم الطبي ليظل قريبا من اللاعبين».

 

 

وعما حدث يوم المباراة يضيف طبيب الأسود السابق: «لعلها من الطرائف أننا قمنا بهذه الإجراءات قبل أكثر من 20 سنة في وقت لم يكن أحد يعرف عن الذكاء الاصطناعي. انتقلنا يوم المباراة إلى الدار البيضاء فحولنا غرفة الملابس في الملعب إلى مصحة صغيرة مجهزة بكل التجهيزات الطبية حيث كان المدرب جالسا في كرسي الاحتياط يدير المباراة ونحن خلفه على بعد أمتار قليلة نتابع حالة قلبه عن طريق ما يسمى بالرسم البياني عن بعد (télémétrie) وجهاز استقبال (أي حاسوب) لمتابعة التخطيط الكهربائي للقلب حيث كان معنا طبيب القلب وطبيب التخدير والإنعاش. أصدرنا يومها تعليمات صارمة للمدرب لكي لا يتحرك نهائيا من مكانه ولا ينفعل أو يصرخ أثناء المباراة لأن ذلك من شأنه يرفع الأدرينالين الذي سيجهد القلب وتزيد بالتالي احتمالات الإصابة بنسبة كبيرة، وقد كنا على أهبة الاستعداد حينها في حالة ساءت حالته لنقله على وجه السرعة إلى غرفة الملابس ومنها مباشرة إلى المستشفى العسكري».

 

 

«مرت التجربة بسلام بفضل حنكة الأطر الطبية، في وقت كان المدرب المساعد يتولى توجيه اللاعبين ومنحهم التعليمات على خط التماس. وهكذا، بفضل تقنية المراقبة عن بعد المعروفة حاليا بالذكاء الاصطناعي والتخطيط الكهربائي للقلب تمكنا من تدبير هذه المدة الزمنية، قبل أن نعيد المدرب بسرعة إلى المستشفى بعد نهاية المباراة. أحطنا الأمور بسرية تامة حرصا منا أولا على السر المهني وثانيا على صحة المدرب وسمعته حفاظا على السير العادي للمباراة، فباستثناء الفريق الطبي والمدرب المساعد لا أحد كان على علم بالحالة الصحية للمدرب إلى يومنا هذا». واستغل بوجمعة الزاهي الفرصة لدعوة القائمين على شؤون كرة القدم في المغرب إلى إيلاء الطب الرياضي المكانة اللازمة، مواكبة للطفرة التي تحققها بلادنا سواء من حيث البنية التحتية أو الأطر الطبية المتخصصة، مضيفا في ما يشبه العتاب بهذا الخصوص: «أذكر هذه الواقعة التي عشناها في المغرب في مطلع القرن الحالي في حين أن الملاعب الكبرى في المغرب اليوم لا تتوفر على مصحة ولا غرفة مستعجلات ولا مصحة للجراحة في الحالات الطارئة مثل الكسر والفك والالتواء والغيبوبة ونوبات قلبية وتوقف القلب. رغم أن الأمر لا يتطلب سوى الإرادة فكل الإمكانيات متوفرة».

تاريخ الخبر: 2023-05-19 12:19:58
المصدر: الأيام 24 - المغرب
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 62%
الأهمية: 84%

آخر الأخبار حول العالم

بوريطة يتباحث ببانجول مع نظيره المالي

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-05-03 03:24:56
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 55%

بركة : مونديال 2030.. وضع خارطة طريق في مجال البنيات التحتية

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-05-03 03:24:53
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 64%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية