قال عبدالحميد شرف الدين، مستشار رئيس الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، إن معدلات الإنجاب مرت بقفزات كبيرة؛ ففى الثمانينيات وصلنا لـ٥ مواليد/ سيدة، وبالتوعية انخفضت لـ٣ مواليد/ سيدة، ثم حدث ارتداد فى ٢٠١٤ ووصلنا لـ٣.٥ مولود/ سيدة.

وأضاف مستشار رئيس الجهاز، فى حواره لـ«الدستور»، أنه بفضل جهود الدولة انخفض معدل الإنجاب لـ٢.٨٥ مولود/ سيدة، لكن رغم هذا التحسن فهو غير كافٍ، ومن المأمول الوصول بالمعدل لـ٢.١ مولود/ سيدة، أى ما يعرف بمرحلة الإحلال. وأكد أن المبادرات الصحية انعكست بشكل عام فى تحسن مؤشرات الصحة بين المصريين.

وإلى نص الحوار:  

■ بداية.. ما أهمية المسح الصحى للأسرة المصرية؟

- مسح صحة الأسرة يعتبر من أهم المسوح التى يجرى تنفيذها فى أكثر من ١٠٠ دولة حول العالم، إذ تتشابك نتائجه مع دوائر صنع القرار والسياسات.

أجرى المسح لأول مرة فى مصر بداية من عام ١٩٨٨، على مدار ٦ دورات، آخرها فى عام ٢٠١٤، تحت مسمى «المسح الديموجرافى الصحى من قبل الوكالة الأمريكية»، لكن هذه الدورة من المسح أجريت لأول مرة بتكليف للجهاز للقيام بإجراءات المسح تحت مسمى «المسح الصحى للأسرة المصرية».

وتأتى أهمية هذا المسح من أنه يتعرض لمجموعة من الموضوعات، فى مقدمتها معدلات الإنجاب والعدد الأمثل لأفراد الأسرة، ووسائل تنظيم الأسرة والحاجة غير الملبّاة، والرعاية الصحية وصحة الطفل ورعاية الحمل والتطعيمات، والحالة التغذوية مثل النحافة والتقزم والأنيميا، إضافة إلى تمكين المرأة وعمالة الأطفال والختان والعنف داخل المنزل.

كما يتعرض لاتجاهات الشباب من ١٥- ٢٩ عامًا من غير المتزوجين حول العدد الأمثل للأطفال وتنظيم الأسرة، وتم إعداد ونشر البيانات بشكل تفصيلى على مستوى الأقاليم ومحافظات الجمهورية، لتحديد نقاط القوة والضعف، لتبدأ أجهزة الدولة التحرك على أساسها.

■ هل سيتكرر هذا بشكل دورى أم بناء على طلب أجهزة الدولة؟

- من المخطط أن يقوم الجهاز بإجرائه بصفة دورية كل ٥ سنوات، ليبدأ الإعداد لتنفيذ الدورة المقبلة فى عام ٢٠٢٤، كغيره من بحوث الدخل والإنفاق والقوى العاملة، نظرًا لأن نتائجه تغطى العديد من الموضوعات الصحية المهمة وصحة المرأة، وكذلك توافر أكثر من ٤٠ هدفًا من أهداف التنمية المستدامة.

عملية تحديث بيانات أهداف التنمية المستدامة تعتمد على نتائج المسح، التى أظهرت تحسنًا ملموسًا فى عدد كبير من المؤشرات، فى مقدمتها معدل الإنجاب الذى انخفض من ٣.٥ مولود/ سيدة فى عام ٢٠١٤ لـ٢.٨٥ مولود/ سيدة.

■ ما مستجدات معدلات الإنجاب على مستوى الجمهورية؟

- معدلات الإنجاب فى مصر مرت بقفزات كبيرة طيلة العقود الماضية، ووصلنا فى فترة من الفترات إلى معدل إنجاب ٥ مواليد/ سيدة فى ثمانينيات القرن الماضى، قبل أن تكثف الدولة جهودها نحو التوعية ببرامج تنظيم الأسرة.

وتحسنت بالفعل المعدلات فى التسعينيات حتى وصلت إلى متوسط إنجاب ٣ مواليد/ سيدة فى تلك الأثناء، لكن حدث ارتداد آخر فى عام ٢٠١٤ وصل وقتها المعدل لـ٣.٥ مولود/ سيدة، وكان عدد المواليد فى هذا التوقيت قد وصل إلى ٢.٧ مليون مولود فى السنة، لتتراجع مجددًا أعداد المواليد لـ٢.٢ مليون مولود فى عام ٢٠٢٢، بمعدل إنجاب ٢.٨٥ مولود/ سيدة، بفارق نصف مليون مولود، لكن رغم هذا التحسن فهو غير كافٍ، ومن المأمول الوصول بالمعدل لـ٢.١ مولود/ سيدة، أى ما يعرف بمرحلة الإحلال.

والمحافظات الحضرية هى الأقل فى معدلات الإنجاب بنحو ٢.٢ مولود/ سيدة، يليها حضر وجه بحرى بمعدل ٢.٤ مولود/ سيدة، لكن يرتفع المعدل فى ريف وجه بحرى لـ٣.٤ مولود/ سيدة، وفى حضر قبلى يبلغ معدل الإنجاب ٢.٥ مولود/ سيدة فى عام ٢٠٢٢، مقابل ٣.٢ مولود/ سيدة فى عام ٢٠١٤، ويسجل معدل الإنجاب أعلى مستوياته فى ريف وجه قبلى بنحو ٣.٦ مولود/ سيدة فى عام ٢٠٢٢ مقابل ٤.١ مولود/ سيدة فى عام ٢٠١٤.

■ هل تغيرت خريطة المحافظات الأعلى إنجابًا؟

- هناك تحسن فى معدلات الإنجاب على مستوى كل الأقاليم والمحافظات، لكن لا يزال ريف وجه قبلى ومحافظات الحدود هى الأعلى، وتأتى محافظة مطروح فى المرتبة الأولى بمعدل إنجاب بلغ ٤.٣ مولود/سيدة، تليها محافظة أسيوط ٣.٨ مولود/ سيدة، ثم محافظة الفيوم ٣.٧ مولود/ سيدة، ومحافظة بنى سويف ٣.٤ مولود/ سيدة، بينما أقل المحافظات إنجابًا هى محافظة بورسعيد التى تراجعت بها المعدلات عما هو مستهدف بنحو ١.٨ مولود/ لكل سيدة، ومحافظة القاهرة ٢.١ مولود/ سيدة، ومحافظة دمياط ٢.١ مولود/ سيدة.

■ لماذا ترتفع معدلات الإنجاب فى الصعيد؟

- لا شك فى أن ارتفاع معدلات الإنجاب يرتبط بشكل أساسى بمستويات الفقر والتعليم وتمكين المرأة وثقافة العزوة، لكن تبين لدينا أن هناك أسبابًا أخرى متعلقة بعدم توافر خدمات تنظيم الأسرة بشكل كافٍ فى تلك المحافظات، سواء نتيجة عدم توافر وسائل أو عدم وجود طبيبات سيدات فى قرى الصعيد، ما يشكل عائقًا أمام جهود تنظيم الأسرة بها.

وإجمالى الحاجة غير الملبّاة من وسائل تنظيم الأسرة ارتفع حاليًا إلى ١٣.٨٪ مقارنة بـ١٢.٦٪ فى عام ٢٠١٤، وهذا يعنى أنها فرصة أمام الدولة لزيادة معدلات استخدام تنظيم الأسرة من ٦٦.٥٪ لـ٨٠٪، وتشكل محافظات الصعيد النسبة الأكبر من الحاجة غير الملبّاة لوسائل تنظيم الأسرة، فى مقدمتها محافظة أسيوط بنسبة ٢٢.٤٪، وسوهاج ٢٢.٣٪، وقنا ١٨.٧٪، وأسوان ١٧.١٪، والأقصر ١٣٪، والقاهرة ١٤.٢٪، أقلها فى محافظة جنوب سيناء ٥.٥٪.

■ كيف انعكست المبادرات الصحية الرئاسية على مؤشرات صحة المرأة والطفل؟

- المبادرات الصحية انعكست بشكل عام فى تحسن مؤشرات الصحة بين المصريين، إذ انخفض متوسط عدد الوفيات من ٦٨ ألف حالة لـ٤٨ ألف حالة وفاة شهريًا، مع تفعيل مبادرة إنهاء قوائم الانتظار وحملة الـ١٠٠ مليون صحة، وبصفة خاصة مؤشرات صحة المرأة التى تشهد تحسنًا كبيرًا جدًا فى رعاية الحمل.

وقد أصبح ٩٧٪ منهن يتمتعن برعاية صحية فى أثناء الحمل مقابل ٩٠٪ فى السابق، بينما ارتفعت معدلات الولادة القيصرية من ٥٢٪ فى عام ٢٠١٤ لـ٧٢.٢٪ فى عام ٢٠٢٢، وهى معدلات مرتفعة للغاية، حيث تأتى مصر فى المركز الرابع عالميًا فى الولادة القيصرية، ويتركز معظمها فى الحضر، ففى حضر بحرى ارتفع المعدل لـ٨٤٪ مقابل ٧٠٪ فى عام ٢٠١٤، وحضر قبلى كان ٥٠٪ وأصبح ٧٦٪، وأقله فى محافظات الحدود بنسبة ٥٣.٦٪ ارتفاعًا من ٤١٪، وأعلى ولادات قيصرية فى محافظة بورسعيد بنحو ٩١.٣٪، ومحافظة كفرالشيخ ٨٨.٤٪، ومحافظة الأقصر ٧٧.٣٪.

أما عن مؤشرات صحة الطفل، فهناك تحسن فى معدل وفيات الأطفال أقل من ٥ سنوات لتصبح ٣ وفيات لكل ألف مولود، مقابل ٥ لكل ألف مولود فى السابق، كما تراجعت وفيات حديثى الولادة أقل من سنة من ٨ وفيات لكل ألف مولود لـ٧ وفيات لكل ألف مولود.

■ إلى أى مدى انعكست الأوضاع الاقتصادية الحالية على معدلات عمالة الأطفال؟

- تحسنت مؤشرات عمالة الأطفال فى الأعمال الخطرة من ٥ سنوات لـ١٧ سنة على مستوى الجمهورية، والتى تراجعت لـ٤.٩٪ حاليًا مقارنة بـ٧٪ فى عام ٢٠١٤.

ونحن بصدد إجراء مسح متخصص فى عمالة الأطفال للمرة الثانية فى تاريخ الجهاز، بالتنسيق مع منظمة العمل الدولية.

■ ما العدد المتوقع للسكان داخل مصر مستقبلًا؟

- رصدنا توجه الشباب نحو العدد الأمثل للأطفال، وكانت الغالبية العظمى من الذكور ترى أن العدد الأمثل ٢.٦ مولود/ سيدة، بينما ينخفض العدد بين الإناث لـ٢.٤ مولود/ سيدة، وهو أعلى من المستهدف، وهنا تأتى أهمية العمل على توعية الشباب فى مرحلة الجامعة.

ومن المتوقع أن يصل عدد السكان عام ٢٠٥٠ إلى ١٦٥ مليونًا فى حالة ثبات معدل الإنجاب عند ٢.٨٥ مولود لكل سيدة، بينما فى حالة انخفاض معدل الإنجاب إلى ١.٦ مولود لكل سيدة عام ٢٠٤٢ فمن المتوقع أن يصل عدد السكان لنحو ١٣٩ مليونًا فى عام ٢٠٥٠، أى بفارق ٢٦ مليون نسمة.

■ وإلى أى مدى انعكست مشروعات البنية التحتية على معدلات تغطية الخدمات الأساسية؟

- هناك تطور كبير فى توصيل الخدمات الأساسية من كهرباء وغاز طبيعى ومياه شرب وصرف صحى، فنسبة الاتصال بشبكات الكهرباء تجاوزت ٩٩.٧٪، وبلغت نسبة تغطية مياه الشرب فوق الـ٩٨.٥٪، والصرف الصحى أكثر من ٦٧٪.

■ ما مستجدات الاستعداد لإطلاق النسخة الجديدة من التعداد؟

- بدأنا بالفعل فى تحديد فريق العمل المسئول عن إدارة منظومة التعداد بجميع محافظات الجمهورية، ودراسة تجارب بعض الدول التى تعتمد على السجلات الإدارية فى الحصول على البيانات، بدلًا من جمع البيانات ميدانيًا.

وجارٍ تنظيم ورش عمل لإعداد منهجية العمل وتطوير الاستمارات فى غضون شهرين، ودراسة الربط مع الجهات الحكومية لرصد بيانات السجلات الإدارية، كحالة العمل والحالة الزواجية، وحصر الثروة العقارية، وكذلك توفير أجهزة التابلت المطلوبة.

■ هل سيتطرق التعداد للاجئين؟

- هناك أرقام متضاربة بشأن أعداد اللاجئين فى مصر ما بين ٩- ١٥ مليون لاجئ، لكن هناك رقمًا تم تداوله صادرًا عن منظمة الهجرة الدولية التى أجرت دراسة من خلال السفارات الموجودة داخل مصر، والتى توصلت إلى أن العدد يبلغ ٩ ملايين لاجئ، ونأمل فى التعداد المقبل لعام ٢٠٢٧ أن يكون هناك وعى لدى الجميع للعمل على حصر الأجانب داخل مصر، وفق أعدادهم والجنسيات والخصائص.

■ ما آخر تطورات بحث الدخل والإنفاق؟

- أنهينا بالفعل كل الأعمال الميدانية المتعلقة بالبحث فى أكتوبر ٢٠٢٢، والآن يجرى الإعداد للعرض وتجهيز المؤشرات المتعلقة بالدخل والإنفاق والدعم، ومستوى معيشة الأسر، وستتطرق النتائج إلى رصد تأثير أزمة كورونا، والحماية الاجتماعية ودورها، ومنح العمالة غير المنتظمة.