ركن نقاش

أيها السودانيون: اسمعوا كلام الببكيكم!!

عيسى إبراهيم

** استمعت لتسجيلين صوتيين لشخصين أحدهما من دارفور يحكي عن التطهير العرقي الذي تم في دارفور في عهد الإنقاذ المشؤوم، رغم مرارة المحتوى لابد من إيراده والاستماع إليه لأن كل تجربة لا تحدث عظة تكرر نفسها وأصدقكم القول فإن استماعي للسرد المؤلم للأحداث في دارفور قد أبكاني وأجرى مدامعي.. والتسجيل الصوتي الآخر من جنوب السودان ينعي على السودانيين جهلهم بالتركيبة الديموغرافية المشكلة للسودان ومحيطه الجغرافي القبلي حيث فصلت الحدود الاستعمارية بين إثنياته..

التطهير العرقي بدارفور:

** يقول صاحب التسجيل الأول: “أنا من جنوب دارفور واتربيت في جنوب كردفان اسمعو الكلام دا كويس أنا شاهد عيان لما حدث ما فيش زول قال لي.. الشعب السوداني شعب عاطفي ونحن أكثر ناس منافقين الشعب السوداني النفاق العندو في الدنيا دي ما في.. أنا داير منكم ما تزعلو المعاناة البتعانوها دي (يقصد الحرب في الخرطوم) نحن قبلكم عانيناها.. دارفور دي الإبادة التمت فيها الصنع موسى هلال الصنع علي كوشيب الصنع أحمد هارون الصنع  حميدتي ديل منو أربع نفر ديل ابادو اهلنا في دارفور الصنعم منو الجيش دا ما جيش وطني.. عمرو كلو بيكتل في اهلو ياها ديك حلايب وشلاتين مالو ما شالوها.. كلهم عملاء بيكتلو اهلنا في دارفور.. وين الكتلوهم في دارفور المرة البترضع في جناها يشيلو جناها ويمسكوهو من كرعينو ويضربو بيهو الشجرة لغاية ما يموت.. انتو نسيتو الإبادة الحصلت في دارفور يدخلو في القطية العشرة والعشرين يولعو فيهم نار تسمع العيال واي واي لغاية ما يموتو.. ما سمعتو الناس بيصلو جوا المسجد ابادوهم دل دل دل جوا المسجد ما سمعتو المسجد دا لغاية الان بياذن ما معروف الباذن فيهو منو؟.. اوسخ قلوب قلوبنا نحن السودانيين.. برهان وحميدتي كانو بيبيدو اهلنا في دارفور انا بكيت لي الله المصيبة دي تحصل في الخرطوم عشان الشعب دا يعرف الحصل في دارفور.. أنا دعيت ربي واستجاب ليا”..

التطهير العرقي أو القتل على الهوية ما المبرر؟!:

** حتى الان (وبانهاك ذهني مستمر) لم استطع قط فهم دوافع ومسوغات واهداف علي عثمان والبشير وقيادات الحركة الإسلاموية في اتجاههم لإجراء تطهير عرقي على سودانيين مسلمين اشتهروا بجهدهم القديم المقدر في كسوة الكعبة وايمانهم العميق بدينهم وسلميتهم التي اشتهروا بها على مر الأزمان.. كيف تسنى لهؤلا القتلة أن يعملوا آلة القتل والإبادة بلا ذنب جنوه على هذه الفئات؟؟.. فإذا قال أحدهم هي فوبيا الإسلاعروبية قلنا له إن تلك ليست برباط دم وإنما هي رابطة لسانية فكما قال سيد ولد آدم (عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم): “من تحدث العربية فهو عربي” مخرجاً لها من العنصرية البغيضة!!.. فهل يا ترى هناك محددات أخرى مغايرة؟؟..

تداخل قبلي تفصله حدود مصطنعة:

** أحد إخواننا من جنوب السودان يعيب على السودانيين (بناء على إطلاق اسم الجنجويد على الدعم السريع وضمه لأفراد من النيجر وتشاد وأفريقيا الوسطى وغيرها) عدم معرفتهم بجغرافية وسكان وقبائل السودان واعتمادهم (في التفريق) على الحدود السياسية التي وضعها الاستعمار والتي فصلت (كما يقول) بين القبائل في الجوار الحدودي وذكر أن الكثيرين لا يعلمون أن هناك كيزاناً في تشاد وكيزاناً في السودان.. وهناك زاندي في الكونغو وزاندي في جنوب السودان.. وتداخل إثني قبلي في يوغندا وفي جنوب السودان..

** والسؤال هل يريد الكاتب بإفادته عن مكونات “الدعم السريع” العابرة للحدود أن نقوم بإلغاء الحدود؟ فإن أراد ذلك لاتسع فتق السودان على الراتق فنحن حتى الآن فشلنا في دمج مكونات السودان الإثنية وأكبر مثال انفصال جنوبنا الحبيب.. ولعل انفصال الجنوب هذا قد نبهنا إلى تعددنا الإثني والعقدي والثقافي واللغوي وهو عنصر قوة لا ضعف إن أحسنا السير في اتجاه تجانسه لا تشاكسه.. ونتمنى أن يعود جنوبنا الحبيب ولو كونفدرالياً فإن عوامل التقارب أكثر من عوامل المفارقة!!..

eisay1947@gmail.com