حينما تُغلقُ في وجه الإعلامي الأبواب، عليه أن يبحث عن مخرج. ولحظة موت الكلمة، يولد التعبير. ليس أقسى على الصحافي من قرار منع، لكن لا يفوق القسوة، سوى طرده من معايير مهنته، وحدود أخلاقياتها. نحن في المجال الرياضي أسرى لتنميط طويل منذ سنوات طوال. يبحث المُعلّق على الأحداث وملاحقها، عن فرصة له ومكان لشخصه، لا عن التطبيق الصارم للمهنة، ويقع من ينتهج ذلك في ترويج الذات، ووهم التأثير، فيجنح إلى الخطأ، ويرتكب الجُرم في حق الصحافة قبل أن يظلم نفسه. لا أحد فوق النقد، كما أن لا أحد فوق المسؤولية.
المُعادلة الصعبة عند الإعلامي الرياضي السعودي هي الوصول للناس دون كسر القواعد. والمطروح، المُتعارف عليه، أصبح إطار لا متحدث يبتعد عنه، وحين يأتي أحد ويقترب أكثر ويطرح لغة جريئة وغير مُجرّمة، تنطلق الجماهير غير المعتادة بالحملات للإسقاط والمعاقبة، لكن لا أحد يتذكّر أن الاستخدام للكلام القوي المُباح، يختلف تمام الاختلاف عن إثارة التعصّب، والتضليل، والعنصرية. إنّ الثوب الواسع جدًا، لا يستوعب سوى جسد واحد، حتى وإن كان نحيلًا.
لقد وضعت هيئة الإعلام المرئي والمسموع مبادئ العمل والممارسة ونقاط الوقوف وعدم التعدّي، كما أن وزارة الرياضة تطرح هذه الأيّام مشروع نظام الرياضة وفيه مواد خاصة بالإعلام. والساحة بأكملها مفتوحة للجميع بأي شكل من أشكال التعبير، ومن يرى أن تأثيره لا يحدث إلاّ ببث السموم، واللعب على المتناقضات، والمرور إلى مناطق الانقسام، وضرب المشروع الرياضي، سيجد العقاب في وجهه من الناس المواطنين قبل أن يكون من الجهة الرسمية.
إنّ من يُسلّم بتسطيح الجماهير وأخذهم متى ما أراد إلى أساليب الضغط منه تجاه مسؤول أو جهة، لواهم كبير، وحين يكون بمفردة في خانة الغرامات، لن يجد ولو فرد مناصر من الجموع التي استسهل قيادتها.
لقد غرق البعض في بحر الهتافات المؤقتة، ولم يكن هناك من أحد مبادر للإنقاذ. إنّنا أمام مرحلة تغيير كبرى على الأصعدة كافّة، وأمام خطاب إعلامي يرفع الوطنية أولًا، ثم الهُويّة القومية للسعودية، وسيظلّ المناخ الرياضي الأخصب في الاستقطاب والزرع للأفكار العُليا، كون الحدث يومي والمتابعين بالملايين، لكن الأمر مع ذلك كُلّه في حاجة لواعٍ لا لبوق أو لسان طويل.
إن الصحافي الرياضي السعودي محظوظ بالمشروع الحكومي أكثر من أي إعلامي عربي ودولي، لكنّه، وبكل أسف، موهوم بالمكانة التي يظنّ أنّه هو من صنعها، وهذا علاجه بكسر النمطية.
*نقلا عن الرياضية السعودية
