محمود المليجى.. الفصيح بلا كلام
محمود المليجى.. الفصيح بلا كلام
كان حلمه الأول أن يصبح مطربًا وملحنًا، ولكن صوته الجاف القوى وتعامله مع الأوتار بخشونة كانا السبب فى استبدال حلمه بالتمثيل، والذى تألق فيه بسبب صوته الحاد وامتلاكه عينين فصيحتين قادرتين على الحديث من غير كلام، وعلى تجسيد مختلف الانفعالات والتنقل بينها بسلاسة، لتجعل منه واحدًا من أهم نجوم الصف الأول، حيث برع فى تجسيد أدوار الشر خلال فترة الأربعينيات والخمسينيات من القرن الماضى.
استطاع الفنان الراحل، الذى تحل اليوم ذكرى رحيله الـ٤٠، خلال مشواره الفنى أن يتقن أداء النمطين «الطيب والشرير» معًا ببراعة حتى يخيل لمن يشاهده وهو يجسد دور الشرير فى فيلم ما أنه من المحال أن يكون هو نفسه الذى يجسد دور الرجل الطيب الحنون الأنيق فى فيلم آخر، مثل دوره كأب نصوح للصحفية هند رستم فى فيلم «الخروج من الجنة»، ورئيس تحرير صارم مع موظفيه عبدالحليم حافظ وعبدالسلام النابلسى فى فيلم «يوم من عمرى»، حتى قدّم أكثر من ٧٥٠ عملًا فنيًا، ما بين سينما ومسرح وتليفزيون وإذاعة، وتم اختيار ٢١ فيلمًا له ضمن قائمة أفضل ١٠٠ فيلم بذاكرة السينما.
ويعتبر فيلم «الأرض»، الذى جسّد فيه دور الفلاح محمد أبوسويلم البسيط الذى يرفض الظلم ويتمسك بأرضه فى مواجهة الإقطاعيين، نقطة التحول فى حياته الفنية.
وكانت وفاة «المليجى» بمثابة مشهد تمثيلى، حيث كان يستعد لتصوير آخر لقطات دوره فى فيلم «أيوب» بجانب النجم عمر الشريف، فى الاستديو فى تمثيل مشهد الموت، وجلس وطلب أن يشرب فنجان قهوة، وفجأة مال برأسه كأنه فى حالة نوم عميقة، وكل مَن فى الاستديو يعتقدون أنه مشهد تمثيلى يؤديه، إلى أن تأكدوا من وفاته فى ٦ يونيو ١٩٨٣.
