"أزمة تبحث عن حل".. الأخطاء الكارثية فى الترجمة الأدبية: البعض يستعين بـ«جوجل»

- سمير جريس: يعتمدون «الترجمة الحرفية» دون فهم خصوصية النص

- مجدى خاطر: سببها الرغبة فى تحقيق المكاسب على حساب الجودة

- أحمد شافعى: رصدت مؤخرًا أخطاءً نحوية كبرى وركاكة فى «ليالى الوباء»

- عبدالمقصود عبدالكريم: ناتجة عن عدم الفهم الحقيقى للغة الأجنبية

الترجمة فن أصيل، وأكبر خطأ يمكن أن يقع فيه المترجم أن يتعامل مع النص بشكل حرْفى، فيترجم معانى الكلمات كما جاءت فى قواميس اللغة، دون النظر إلى طبيعتها والظروف التى قيلت فيها، أو خصوصية السياق والدلالات من ورائه.

ولا يخلو واقعنا الثقافى من أزمات كبرى فى مجال الترجمة، سواءً من ناحية النقل الحرفى أو المغالطات الدلالية أو حتى الركاكة والأخطاء النحوية، وهى الانتقادات التى طالت الكثير من الإصدارات مؤخرًا.

وتحاول «الدستور» التوصل إلى أصل المشكلة، من خلال الاستماع إلى وجهات نظر عدد من المترجمين المعتبرين، الذين أجمع عدد منهم على أن استحواذ الجانب التجارى على الجانب الفنى هو السبب الرئيسى والدافع لحالة الاستسهال والأخطاء الكارثية التى ظهرت فى العديد من الأعمال.

وقال المترجم والكاتب أحمد شافعى إنه اكتشف أخطاءً نحوية كبرى، وأخرى تخص الصياغة الركيكة فى ترجمة رواية «ليالى الوباء» للروائى أورهان باموق، والصادرة عن «دار الشروق» على سبيل المثال.

وكشف أنه اكتشف أيضًا أخطاءً فى عملية تحويل النص الأجنبى إلى العربية، بما يُغيّر المعنى فى رواية «واحد منا» لويلا كاثر، الصادرة عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، قائلًا: «فى الصفحتين الأوليين فقط من هذا الكتاب، كم من أخطاء الترجمة يستوجب تحذير القراء منه، وتنبيه المترجمة إلى أنها بحاجة إلى المزيد من الصبر قبل الاجتراء على نشر مجهوداتها فى الترجمة، ومطالبة هيئة الكتاب باتخاذ إجراء ما». 

ولفت المترجم البارز عبدالمقصود عبدالكريم إلى أن الترجمات الرديئة التى يصادفها «لا تعد ولا تحصى»، قائلًا: عندما كنت أُترجم رواية «عشيق الليدى تشارلى» للكاتب البريطانى د. ه. لورنس وجدت ما يقرب من ست ترجمات معظمها ملخصات، أما الترجمة الوحيدة المكتملة فوجدت بها أخطاءً كارثية بسبب عدم فهم اللغة الإنجليزية والصياغة الركيكة اللذين قادا إلى كتابة نص عربى ليست له علاقة بالنص الأصلى. 

وتابع «عبدالكريم»: أيضًا حينما شرعت فى ترجمة رواية «١٩٨٤» لجورج أورويل، راجعت ترجمتين منشورتين ووجدت بهما «كوارث» على مستوى فهم المعنى والصياغة البلاغية العربية للنص الأجنبى والتى لا تناسب مناخ العمل الأصلى. 

وأوضح «عبدالكريم» أن المشكلة الأساسية التى قادت إلى كثرة الترجمات المشوّهة تكمن فى أن معظم المترجمين لا يعرفون اللغة العربية ومن ثم لا يحسنون صياغة المعنى، فضلًا عن الافتقار إلى الدقة ونقل التعبيرات بشكل مثير للسخرية. 

وتابع: «مع الأسف، توافق معظم دور النشر على نشر أعمال مترجمة رديئة توفيرًا للنفقات، فتلجأ إلى مترجمين غير مؤهلين، وقد تركز على الأعمال التى ليست لها حقوق ملكية فكرية بصورة أكبر».

رأى المترجم الكبير سمير جريس أن شيوع الترجمات المشوهّة بالمكتبات المصرية يرجع إلى اعتماد كثير من المترجمين على الترجمة الحرفية. فعندما لا يفهم المترجم النص، ويقول: «هذا ما كتبه الكاتب وأنا مترجم فحسب»، فيترجم دون فهم، ولا ينتبه- مثلًا- إلى أن العبارات الاصطلاحية لها معنى آخر غير المعنى الحرفى، ولا يلتفت إلى الإحالات التاريخية والثقافية فى النص، ويستبدل فقط كلمة عربية بكلمة أجنبية، تكون النتيجة نصًا غير مقروء وغير مفهوم.

وأضاف: كذلك، فإن ما أتاحه البحث الإلكترونى من إمكانات مفيدة للمترجمين دعت البعض إلى الاستسهال. ووصل الأمر إلى استعانة بعض «المترجمين» بـ«جوجل» فى الترجمة، ثم تحرير تلك الترجمة قليلًا وتقديمها باعتبارها ترجمتهم. والنتيجة ما نراه فى الترجمات الركيكة التى تحتاج إلى ترجمة.

وأرجع جريس، فى حديثه مع «الدستور»، سبب شيوع الترجمات الرديئة إلى جشع الناشرين الذين يبحثون عن الترجمة بأرخص سعر، دون النظر إلى أى معيار آخر.

وفى هذا الصدد، اتفق المترجم البارز مجدى خاطر مع الرأى السالف، فأوضح أن «العنصر التجارى وتحقيق المكاسب على حساب الجودة غالبًا ما يكون الوازع فى نشر ترجمات يمكن وصفها بالرداءة؛ فغالبًا ما تكتفى بعض دور النشر بتحقيق الكتاب الأصلى رواجًا فى اللغات الأخرى، أو حصوله على جوائز بارزة، دون اهتمام بكفاءة المترجم الّذى توكل إليه ترجمة الكتاب، وكأنّ لا حقّ للقارئ العربى فى الوصول إلى نصّ يضاهى النصوص الأصليّة، ويُحقق له المتعة المنشودة من قراءة الكتاب».

وتبنى المترجم محمد السباعى، الحاصل على جائزة معرض الكتاب عن ترجمته لكتاب «تاريخ شعبى لكرة القدم»، الرأى ذاته فنوّه بأن دور النشر ترغب فى تقليل النفقات ومن ثم تستعين بمترجمين غير مؤهلين بشكل كاف، مشيرًا إلى أن الترجمة عملية تقتضى الوعى باللغة المترجم منها واللغة المترجم إليها، فضلًا عن الفهم الكامل للسياق التاريخى الذى يشير إليه العمل. 

ما الإجراءات التى يمكن اتباعها للحد من نشر ترجمات رديئة؟ يقول مجدى خاطر: ما من إجراء ميسور فى ظل الظروف الراهنة؛ ذلك أن أغلب جهود الترجمة فى عالمنا العربى جهود فردية، سواء من جهة المترجم، أو من جهة الناشر، لا سيما فى ظل سيطرة دور النشر الخاصّة على المشهد؛ وهو جهد مشكور بالطبع. لكن إذا تمكنّا من تشجيع النّاشر المثقّف من جهة، وتشجيع الجهود النقديّة بعيدًا عن الشللية والمصالح والمجاملات، فأظّنهما أمران يُساعدان على الغربلة والفرز. 

ويلفت سمير جريس إلى أن تحقق ذلك مرهون بدور الصحافة الثقافية، ودور النقد الغائب فى فرز الترجمات، والإشادة بالجيد وفضح الكوارث التى تحدث باسم الترجمة.

أما محمد السباعى فيدعو الدولة إلى تقديم برامج لدعم الترجمة بما يشجع الناشرين على ترجمة عناوين مهمة واختيار المترجمين المؤهلين وتحفيزهم على تطوير أدواتهم بشكل ملائم. 

تاريخ الخبر: 2023-06-06 21:21:12
المصدر: موقع الدستور - مصر
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 57%
الأهمية: 55%

آخر الأخبار حول العالم

مع مريـم نُصلّي ونتأمل (٤)

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-05-04 06:21:31
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 59%

عاجل.. لحظة خروج الدكتور التازي من سجن عكاش

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-04 06:25:38
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 64%

عاجل.. لحظة خروج الدكتور التازي من سجن عكاش

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-04 06:25:45
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 70%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية