بيانات غسل الأيدي من دماء الأبرياء
بيانات غسل الأيدي من دماء الأبرياء
لحظات من الرعب تعيشها الضحايا, وفي كل مرة يقف المتفرجون في عجز كامل عن تلبية نداءات الاستغاثة التي تسبق الاستسلام بين فكي القرش, في مشهد دموي يعتصر له قلب الإنسانية, وبالرغم من ذلك تظل الأزمة لدي المسئولين إدارية سياسية, ربما لأنها تقترب من نفوذ وبقاء وزير أو محافظ في موقعه أو عزله عنه الأولي, وتزهق الأرواح تزهق, ولا يكترث أحد لمن يأتي الدور التالي.
يبدو أن المسئولين منذ عام2010- واقعة الافتراس الأولي- لا يهتمون سوي بإصدار بيانات إثبات حالة لدي القيادة السياسية, بينما يبقي المواطن جاهلا بما يمس حياته, وليس أدل علي ذلك من تجاهل إصدار التحذيرات إلا بعد وقوع الحادث, بالرغم من أن هجوم القرش بات متكررا, وللأسف يتكرر معه رد فعل وزارة البيئة وبياناتها, فعقب الواقعة الأخيرة في الغردقة يوم الخميس الماضي حينما التهم القرش سائحا روسيا, أصدرت الوزيرة د. ياسمين فؤاد بيانين يتضمنان تعليمات وتكليفات بالبحث عن السمكة وفحص سبب سلوكها! نفس سيناريو بيانات العام الماضي, حينما قضي القرش علي سائحتين أجنبيتين, وها أنا أنتقد أيضا للعام الثاني علي التوالي, فإذا كانت مهمة كل لجنة يتم تشكيلها البحث عن سمكة شاردة سوف نظل العمر كله في تشكيل لجان تلهث خلف الأسماك.
أين نتائج اللجنة التي تم تشكيلها في العام الماضي؟ ولماذا انتظر كل من وزيرة البيئة د. ياسمين فؤاد ومحافظ البحر الأحمر, اللواء عمرو حنفي وقوع الحادث ليهيبان في بيان لاحق بالمواطنين ومرتادي سواحل البحر الأحمر بالتزام بالتعليمات والضوابط المنظمة للتعامل مع الموارد الطبيعية بالبحر الأحمر حرصا علي سلامتهم, ولم يصدرا بيانا استباقيا لموسم السياحة لإعلان التحذيرات اللازمة مادامت الحوادث تتكرر بدلا من بيانات غسل الأيدي من دماء الأبرياء, ومن منطلق حماية السياحة التي تنتعش حينما يحترم المسئولون سائحيهم, فيطلعونهم مع كل موسم وكل زيارة علي المخاطر التي قد يتعرضون لها, وما يثير الدهشة أن البيان الرسمي الأول للوزيرة عن الواقعة يتضمن تحديد نوع القرش وهو من نوع النمر, وبالرغم من ذلك استرسل البيان ليوضح أناللجنة التي أمسكت السمكة سوف تفحصها Tiger Shark للتعرف علي سبب سلوكها, يا سيادة الوزيرة بمجرد أن تم ذكر النوع فإن أي باحث مبتدئ علي شبكة الإنترنت يمكنه معرفة أن قرش النمر هو واحد من أسماك القرش الأشد خطورة في العالم, وله رغبة عالية في الحصول علي الدم.
والأشد دهشة هو إصدار بيان آخر عن الوزيرة يعلن: أنه إزاء ما تم رصده سلوكيات غير طبيعية من سمكة القرش المتسببة في الحادث!- ولا أعرف ما هو غير الطبيعي تحديدا- قام فريق العمل بصيد السمكة لفحصها والوقوف علي الأسباب المحتملة لقيامها بالهجوم!! وبيان ما إذا كانت هي نفس السمكة التي تسببت !!في الحوادث السابقة.
ألا تخجلون؟ هل تبحثون الآن عن نفس السمكة المتسببة في حادث العام الماضي؟! أين دراسة البيئة البحرية التي صارت القروش تظهر فيها سنويا وفي نفس الموعد؟ وهو ما يحيلنا لقضية الأغنام النافقة, التي لم تذكرها الوزيرة ولا مرة في أي بيان, صحيح أنه لا يمكن الجزم بسبب محدد للهجوم, لكن ما يتردد ويثار عن توقيت تكرار الحوادث أمر يدعو للالتفات, إذ يبدو أن إلقاء الأغنام النافقة يلعب دورا في تحفيز القروش للخروج من العمق إلي المياه السطحية, أو استثارة نشاطها, وهذا ليس من عندياتي, ولكن في العام 2010 وعلي أثر هجوم القرش علي أربعة سائحين صرح محافظ جنوب سيناء آنذاك اللواء محمد عبد الفضيل شوشة إن تقرير العلماء المكلفين بالبحث في ظاهرة هجوم أسماك القرش خلص إلي أن قيام السفن بإلقاء مخلفات من الخراف النافقة يؤدي إلي اقتراب أسماك القرش من الشواطئ, وأعلن شوشة حينها أنه يتم بالتعاون مع وزارتي البيئة والسياحة دراسة سبل مواجهة تلك الظاهرة, ومنها وضع شبكة من النايلون حول الشواطئ لإبعاد أسماك القرش, وإقامة أبراج للمراقبة مزودة بأجهزة اتصال حديثة.
وفي مايو من العام 2018 قام د. خالد فهمي وزير البيئة السابق بالتنسيق مع الأجهزة الأمنية بعمليات مسح جرت إلي جانب مراجعة السجلات للوصول إلي السفن التي عبرت محملة بالأغنام من قناة السويس, وذلك علي أثر وجود 15 جسما نافقا منها في مياه البحر الأحمر.
إذا الأمر معروف, لكننا لم نسمع عن أي إجراء منذ2018 حتي الآن يتعلق بربط تلك الجرائم بحوادث القرش, أين عمل أبراج المراقبة والتنسيق مع المحافظة, هل توجد شباك كما تم طرحه من قبل, وإن وجدت هل ذات جدوي؟ أين نتائج دراسات حادث العام الماضي؟ أسئلة تحتاج إلي إجابات لا تفلح معها دبلوماسية البيانات, التي في وجهة نظري ذات لغة استفزازية,لأن المعرفة حق للمواطن لا يجب أن يحتكره المسئولون بحجة حساسية مناصبهم, فالكراسي زائلة وتبقي الإنسانية.