صوت الناي المغرد يلعب على أوتار القلوب منذ اللحظة الأولى، ليجذب الأذهان والأرواح، تتحرك كل الآلات الموسيقية وراءه في تناغم تام وسيمفونية روحانية، تجهز الملايين في البيوت مهما اختلفت ثقافتهم أو درجة وعيهم وتعليمهم لدقائق مع تفسير الإمام المبسط لآيات الذكر الحكيم، ليكون حديث القلوب لأكثر من 4 عقود بتوقيع إمام الدعاة. 

تجري عيناك بين سطور تتر أشهر برنامج ديني على شاشة التليفزيون المصري، تبحث عن صاحب الألحان ولا تجده، تسأل عنه ولا تعرفه، تظنه في البداية عازف الناي الشهير الفنان الراحل محمود عفت، وصاحب مقطوعة أشهر البرامج العلمية في تاريخ مصر «العلم والإيمان»، ولكن لن تجد الإجابة، ووسط هذا البحث تسمع المايسترو في أحد المقاطع يذكر اسم الملحن الراحل أحمد صدقي، ويكشف عن صاحب المقطوعة الخالدة، التي ترن في أذن كل مصري، معلنة عن قدوم الشيخ الشعراوي.

الموسيقار أحمد صدقي يُعد واحداً من أشهر الملحنين المصريين، وله العديد من الألحان التي تغنى بها كبار المطربين مثل فتحية أحمد وعبد الحليم حافظ وليلى مراد ومحمد قنديل، كما يعد رائد الأوبريتات الغنائية الموسيقية التي اشتهرت في الإذاعة المصرية لفترة طويلة.

«الوطن» حاورت المايسترو فاروق البابلي، المشارك في عمل تتر لحن برنامج الشيخ الشعراوي، ويروي كواليس عمل تتر لحن برنامج الشيخ الشعراوي.

اللحن من علامات الموسيقى العربية

- ما دور الملحن أحمد صدقي في تتر برنامج الشيخ متولي الشعراوي؟

الملحن أحمد صدقي له دور كبير في خروج اللحن إلى النور، حيث استخدم فيه «إيقاع موسيقي عربي»، غير معتاد، وعمل على توظيفه مع الآلات الموسيقية المختلفة، ليخرج هذا اللحن بالشكل المبهر، والذي يعد من علامات الموسيقى العربية وما زالت له شعبيته حتى الآن.

- ما كواليس تسجيل هذا اللحن الخاص بالبرنامج؟

في البداية أحضر أحمد صدقي اللحن مجهزا ومكتوبا، وعرضه علينا، وأخبرنا أنه لحن للشيخ الشعراوي، وأعجبنا به كثيرا في الحقيقة، وبالرتم الموسيقي للحن، وبدأت البروفات التي لم تستمر طويلا، نظرا لخبرة العازفين الكبيرة بالعمل الموسيقي فمنهم من عمل مع السيدة أم كلثوم مثل جلال حسين عازف الناي، وحسين معوض عازف الإيقاع.

أحمد صدقي خلق حالة موسيقية فريدة

- هل الناي فقط هو العنصر الرئيسي في لحن تتر البرنامج أم آلات أخرى؟

لحن التتر اشتركت فيه عدة آلات موسيقية من بينها الناي، الكمانجات، الكونترباس، الرق والطبلة، وغيرها من آلات الموسيقية، لكن أحمد صدقي خلق حالة موسيقية فريدة بأن جعل الناي يتولى العزف وترد عليه باقي الآلات الموسيقية الجملة التي عزفها الناي.

- هل كان هناك أي رد فعل للشيخ الشعراوي أثناء تسجيل هذا اللحن أو بعده؟

في الحقيقة لم أكن حاضرا لحظة سماع الشيخ الشعراوي للحن البرنامج، لكن من المؤكد أنه نال إعجابه، لأن اللحن عرض في البرنامج واستمر عرضه لسنوات، دون أن نسمع أو نتلقى شكوى عنه.

- هل كنتم تتوقعون نجاح هذا اللحن بشكل كبير كما حدث؟

مصر في تلك الفترة امتلكت جيلا مميزا من الملحنين من بينهم أحمد صدقي، كمال الطويل، والسنباطي، وغيرهم، عند اشتراك أي من هؤلاء العظماء في أي عمل نكون على ثقة أنه سيكون من الأعمال الناجحة، فاليقين بنجاح العمل يأتي من الثقة في القائمين عليه.

- ممكن أن تحدثنا عن علاقتك بالملحن الكبير أحمد صدقي؟

التقيته أول مرة حينما كان مع فرقة سامي نصير، وبعدها تم التعارف بيننا، وحدث تعاون في عدة أعمال، حيث كنت أكتب له الألحان الموسيقية، وتطورت علاقة العمل إلى صداقة، فهو شخصية رائعة وإنسان راقٍ.

- لماذا تحرص مع فرقة الموسيقى العربية للتراث على إعادة هذا اللحن مرة أخرى؟

أنا قائد فرقة الموسيقى العربية للتراث، ووجدت أن هذا العمل رائع يستحق أن يتم إعادة تلحينه، فهو نموذج فريد من الأرتام والإيقاعات الموسيقية.