أشاد عدد من الخبراء المصريين والإماراتيين بحديث رئيس الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، مؤخرًا، مع نظيره الروسى فلاديمير بوتين، بشأن دخول الإمارات فى مشروع المنطقة الصناعية الروسية فى شرق بورسعيد، ليكون مشروعًا بتعاون ثلاثى.

وخلال لقاء الزعيمين، فى منتدى سانت بطرسبرج الاقتصادى الدولى، قال «بوتين» للرئيس الإماراتى إن المشروع واعد، فرد الشيخ محمد بن زايد قائلًا: «لنجعله تعاونًا ثلاثيًا»، مشيرًا إلى أن هناك استثمارات إماراتية كثيرة فى مصر.

ورحب الرئيس الروسى بمقترح نظيره الإماراتى، ووصفه بالفكرة الجيدة للغاية، قائلًا: «يمكن مناقشة هذا الموضوع مع الرئيس السيسى».

وتعليقًا على هذا المقترح، قال السفير جمال بيومى، الأمين العام للمستثمرين العرب، إن المنطقة الصناعية ستتمتع بالعديد من المزايا للمستثمرين والمنتجين، إذ تقع فى منطقة مهمة، وهى المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، ذات الموقع الاستراتيجى، حيث تقع بجوار القناة المصرية وتربط بين قارتى آسيا وإفريقيا، مما يجعلها مركزًا للتجارة والصناعة فى المنطقة، فضلًا عن تسهيلات النقل الحديثة، حيث تتميز بموقعها الاستراتيجى الذى يجعلها مركزًا للتجارة الدولية، بما فى ذلك ميناء دمياط القريب والمطارات الدولية القريبة.

ولفت إلى الحوافز الحكومية العديدة، مثل الإعفاءات الضريبية والتخفيضات فى الرسوم والتسهيلات الجمركية، ما يجعلها مكانًا جذابًا للاستثمار، فضلًا عن تمتع المنطقة بالبنية التحتية الحديثة والمتطورة، بما فى ذلك الطرق والشبكة الكهربائية والمياه والصرف الصحى والاتصالات، مما يتيح للمستثمرين والشركات إمكانية توسيع أعمالهم بكفاءة وسرعة.

وأشار إلى أن مصر تتمتع بالعمالة الماهرة والمؤهلة فى مجالات مثل الصناعة والتكنولوجيا والهندسة، فضلًا عن توافر المواد الخام للصناعات المختلفة، ما يجعلها مكانًا جيدًا للصناعات التى تحتاج إلى موارد طبيعية، متوقعًا أن يتم إنشاء العديد من المصانع والمشروعات الصناعية فى المنطقة الصناعية، مما يؤدى إلى توفير فرص عمل للسكان المحليين وتحسين حياتهم.

وقال: «يمكن الاستنتاج من هذه المزايا أن إنشاء المنطقة سيكون له تأثير إيجابى على الاقتصاد المصرى، وسيعزز التعاون الاقتصادى بين روسيا والإمارات ومصر».

من جهته، قال الدكتور محمد شعير، العضو المنتدب السابق للشئون التجارية بشركة النصر للتصدير والاستيراد، إنه من المتوقع أن تسهم المنطقة فى تحقيق العديد من الأهداف الاقتصادية والاجتماعية، بما فى ذلك زيادة الصادرات وتعزيز الإنتاجية وتوفير فرص العمل وتحسين مستوى المعيشة للسكان المحليين.

وأضاف أن هذه المنطقة خطوة مهمة فى إطار التعاون الاقتصادى بين مصر وروسيا والإمارات، وتعكس التزام البلدان الثلاثة بتعزيز التعاون والتبادل التجارى والاستثمارى بينها، متوقعًا أنه سيكون لها تأثير إيجابى على الاقتصاد المصرى والإقليمى.

وأكد رئيس مجلس إدارة «منصة صناعة» الإماراتية الحكومية، محمد بن سالم بن كردوس، أن مقترح التعاون الثلاثى لتأسيس منطقة صناعية مشتركة بين «القاهرة وأبوظبى وموسكو» يأتى فى إطار اهتمام وإيمان الرئيس الإماراتى بالتكامل الاقتصادى الصناعى بين مصر والإمارات فى هذه المرحلة، لضمان حياة عزيزة وكريمة لشعبى البلدين.

وقال «بن كردوس»، المستشار فى ديوان ولى العهد، عضو المجلس الوطنى السابق، لـ«الدستور»، إن «رئيس الدولة مهتم جدًا بالمساهمة فى التعاون الاقتصادى مع روسيا ومصر، وإعلانه بشكل مباشر عن استعداده للتعاون الثلاثى مع روسيا ومصر لإقامة منطقة صناعية مشتركة دليل واضح وقاطع على حبه لمصر وشعبها».

وأشار إلى إعلان الرئيس الإماراتى، فى منتصف العام الماضى فى أبوظبى، عن الشراكة الصناعية التكاملية بين الإمارات ومصر والأردن والبحرين؛ وجرى تخصيص ١٠ مليارات دولار لذلك.

وأكد أن الإمارات مهتمة دائمًا بأشقائها وتعلم أهمية الاقتصاد «ميزان الرفاهية والاستقرار» للشعوب العربية، إذ يعد القطاع الصناعى من أهم القطاعات التى تساعد على خلق فرص عمل جديدة مساهمة مباشرة فى استقرار الدول ورفع مستوى دخل الفرد وزيادة الناتج المحلى للدول.

من جهته، قال الكاتب والباحث السياسى الإماراتى، محمد خلفان الصوافى، إن مقترح الرئيس الإماراتى يعد دليلًا على طبيعة العلاقة بين القيادات السياسية الثلاث، وكذلك أفضل تعبير عن مكانة مصر لدى دولة الإمارات والشيخ بن زايد، الداعم الدولى العربى الأول لكل ما يهم مصر حكومة وشعبًا.

وأوضح «الصوافى»، لـ«الدستور»، أن منطلقات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان فى السياسة الخارجية لدولة الإمارات تقوم على أساس الشراكات مع الجميع؛ لذلك نجد تنويع دولة الإمارات علاقاتها التعاونية بشكل عام، وأضاف: «ليس مستغربًا طرح فكرة الشراكة الثلاثية بين روسيا ومصر والإمارات».

فيما قال المحلل والسياسى الإماراتى، سرور الكعبى، إن اصطفاف الإمارات الاقتصادى مع مصر والاستفادة من قدرات روسيا سيزيدان من قوة الاقتصاد العربى بشكل عام واقتصاد البلدين.

وأضاف «الكعبى»، لـ«الدستور»، أن السياسة الاقتصادية للدول العربية أصبحت أكثر نضجًا، خصوصًا مع عمق وطول تجاربها مع مرور الزمن، وأصبحت الإرادة العربية أكثر حاجة للتحرر من الضغوطات التى تمارس فى الخفاء، والتى لا تتحقق إلا باستقلال الاختيار وحرية الممارسة، مشيرًا إلى أن الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، يسعى لأن يكون الاقتصاد مصدر استقرار سياسى فى المنطقة العربية ورافدًا ثابتًا لحماية مستقبل الدول للعربية.

وأوضح أن هذا التعاون الثلاثى سيسهم فى دعم البنية التحتية للصناعات العربية، سواء الدفاعية أو الاقتصادية، ولا شك فى أن الأمن الغذائى يتصدر جميع هذه التعاونات.

وأكد السياسى الإماراتى أن التعاون الثلاثى بين مصر والإمارات وروسيا يخلق توازنًا حقيقيًا فى المنطقة، ويزيل التخوفات والمحاذير القديمة التى لا يزال الآخر يحاول التلويح بها كلما حاولت دولنا النهوض الحقيقى وإحداث التغييرات التى تعيد المجد والقوة لبلداننا العربية.

وأضاف: «الشيخ محمد بن زايد آل نهيان يستمر فى دعم العلاقات مع مصر، وهو طريق بدأه والده المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، وذلك ينبع من قناعة إماراتية عربية أصيلة بمكانة مصر عبر الزمن، وقدرتها على القيام بدورها الريادى والنهوض من الكبوة التى حاول أعداء الأمة العربية جميعًا أن يبقوها فيها».

وتابع: «نحن ومصر كتفًا بكتف، وكل إماراتى يؤمن بذلك، فمصر هى الكتف الحقيقية التى نستند عليها عند الحاجة، والتى لا بد أن تبقى قوية مهما حاولت القوى الأخرى إضعافها، فالوقوف إلى جانب مصر ليس خيارًا ولكنه مصير».