الدلتا الجديدة.. 2.2 مليون فدان تنضم إلى الرقعة الزراعية لتحقيق الاكتفاء الذاتى

على مدار السنوات التسع الماضية، شهد عهد الرئيس عبدالفتاح السيسى تدشين العديد من المشروعات القومية الكبرى، خاصة فى مجال التنمية الزراعية وتحقيق الأمن الغذائى، وكذلك تنمية الموارد المائية، بما يعود بالتبعية على الاقتصاد القومى والناتج المحلى الإجمالى، ويسهم فى خفض فاتورة الاستيراد من الخارج، وزيادة الصادرات الزراعية. ووضعت الحكومة نصب عينيها، بتوجيهات مباشرة من الرئيس السيسى ضمن «رؤية مصر ٢٠٣٠»، زيادة الرقعة الزراعية كأولوية قصوى، من خلال التوسع الأفقى، وخلق مساحات جديدة من الأراضى الزراعية، وإقامة مجتمعات زراعية وتنموية كبرى جاذبة للسكان.

ويعد مشروع «الدلتا الجديدة» واحدًا من أهم المشروعات لتحقيق ذلك الهدف، الذى أطلقه الرئيس عبدالفتاح السيسى ضمن رؤية شاملة لتحقيق الأمن الغذائى، تقوم على التوسع الزراعى، وزيادة إنتاج المحاصيل الزراعية المختلفة خاصة الاستراتيجية.

المشروع يعادل 30% من مساحة الدلتا القديمة.. ويسهم فى إنتاج 6 ملايين طن قمح

تبلغ مساحة «الدلتا الجديدة» ٢.٢ مليون فدان، بما يعادل ٣٠٪ من مساحة الدلتا القديمة، تستهدف الدولة منها تحقيق الاكتفاء الذاتى من المحاصيل الأساسية ومنها القمح، وذلك بإنتاجية تصل لـ٦ ملايين طن.

وتضم «الدلتا الجديدة» مشروعين رئيسيين هما: «مستقبل مصر»، و«جنوب محور الضبعة»، واللذان سيتم توفير مياه الرى لهما من خلال أكبر محطة لمعالجة مياه الصرف الزراعى بقدرة ٦ ملايين متر مكعب مياه يوميًا، مع إمكانية استغلال المياه مرة أخرى، وذلك فى إطار خطة الدولة للحفاظ على الموارد المائية وحسن استغلالها.

ويقع المشروع الأول ضمن «الدلتا الجديدة»، وهو «مستقبل مصر»، على امتداد طريق محور «روض الفرج- الضبعة» الجديد، وهو الطريق الذى أنشئ ضمن المشروع القومى للطرق، ويبعد نصف ساعة عن مدينة السادس من أكتوبر، وذلك بمساحة إجمالية قدرها نصف مليون فدان.

أما المشروع الثانى ضمن «الدلتا الجديدة» فيتمثل فى استصلاح ٥٠٠ ألف فدان جنوب محور الضبعة، وهو المشروع الذى ينفذ غرب مشروع «مستقبل مصر»، وذلك بالقرب من دلتا النيل، وشبكة الطرق والموانئ، سواء البحرية أو البرية أو الجوية، وأيضًا يربط بين الحدود الإدارية لـ٣ محافظات «مطروح والبحيرة والجيزة»، ويقام على مساحة قدرها ٥٠٠ ألف فدان، ويستهدف إنتاج المحاصيل الاستراتيجية، ومنها القمح والذرة والخضر.

ويتميز المشروع بتوافر شبكات طرق تربطه بالموانئ البحرية، بما يدعم منظومة تصدير الحاصلات الزراعية، إلى جانب تطبيق نظم الرى الحديثة، مثل الرش والتنقيط، لتعظيم إنتاجية الأراضى والحد من إهدار المياه.

وقال الدكتور على عبدالمحسن، مدير معهد بحوث الاقتصاد الزراعى بوزارة الزراعة واستصلاح الأراضى، إن هناك مشروعات كبرى نفذتها الدولة للاستثمار فى استصلاح واستزراع الأراضى والتصنيع الزراعى، على رأسها «الدلتا الجديدة».

وأضاف «عبدالمحسن»: «هناك فرص واعدة بالتصنيع الزراعى، لتقليل الفاقد فى الإنتاج وزيادة القيمة المضافة، وذلك بالنسبة للخضر والفاكهة، وعلى رأسها الطماطم والبطاطس والموالح، إلى جانب النباتات الطبية والعطرية، علاوة على الاستثمار فى إنتاج وتصنيع التمور والزيتون، وكذلك الجوجوبا التى تزرع فى الأراضى الهامشية لاستخراج الزيوت القيمة، فضلًا عن إنتاج وتصدير عسل النحل، وإنتاج الطرود والصوب الزراعية».

وواصل: «كما يتبين مما سبق، هناك مجالات متعددة للاستثمار الزراعى، لكن لابد من تحسين مناخ الاستثمار للمستثمر الأجنبى أو المحلى، خاصة أن قطاع الزراعة إحدى الركائز الأساسية للاقتصاد القومى».

وشرح: «قطاع الزراعة المسئول عن توفير الغذاء والكساء للسكان، ويسهم فى الناتج المحلى الإجمالى بحوالى ١٥٪، ويستوعب حوالى ٢٥٪ من إجمالى عدد المشتغلين، وتسهم الصادرات الزراعية بنحو ١٨٪ من الصادرات الكلية».

واختتم «كما أن قطاع الزراعة يوفر المواد الخام اللازمة لقطاع الصناعة، ويعتبر أيضًا مستخدمًا لمنتجات الصناعة، مثل الأسمدة الكيماوية والآلات الزراعية ومواد التعبئة والتغليف». 

مشروعات تصنيع زراعى وزراعات محمية وثلاجات لحفظ الحاصلات

قال الدكتور على إسماعيل، أستاذ الأراضى والمياه فى معهد بحوث الأراضى والمياه والبيئة بوزارة الزراعة واستصلاح الأراضى، إن المساحة الإجمالية للمشروع القومى العملاق «الدلتا الجديدة» تصل إلى نحو ٢.٢ مليون فدان، علمًا بأن المرحلة الحالية تستهدف زراعة مليون فدان وفقًا لكميات المياه المتاحة.

وأضاف «إسماعيل»: «(الدلتا الجديدة) من أهم المشروعات التى تتميز بقربها الجغرافى من أراضى مناطق غرب ووسط الدلتا، وهو شريان جديد يخدم التنمية الزراعية والاقتصادية، وهو يتميز بتوافر شبكات طرق تربطه بالموانئ البحرية، بما يدعم منظومة تصدير الحاصلات الزراعية». وأشار إلى تطبيق نظم الرى الحديثة فى «الدلتا الجديدة»، معتبرًا أن مشروع «مستقبل مصر» من أهم المؤشرات التى تؤكد نجاح الزراعة ضمن المشروع الأكبر وتحقيقها العائد الاقتصادى المطلوب. وأشاد بتطبيق نظم الرى الحديثة فى المشروع، الذى يتضمن مشروعات فى التصنيع الزراعى، والزراعات المحمية، وثلاجات حفظ الحاصلات، ومحطات تعبئة وحفظ، وصوامع تخزين، إلى جانب محطات لإنتاج التقاوى. وشددت الدكتورة هدى رجب، مدير مشروع الزراعة التعاقدية فى وزارة الزراعة واستصلاح الأراضى، على أهمية المشروع فى زيادة الرقعة الزراعية، وزيادة الإنتاج من المحاصيل الاستراتيجية على وجه التحديد، بما يسهم فى سد العجز بها، وخفض الاستيراد من الخارج، فضلًا عن دورها فى زيادة الإنتاج من الحبوب التى تدخل فى تربية الدواجن والمواشى وغيرهما من مصادر اللحوم. وكشفت مدير مشروع الزراعة التعاقدية بوزارة الزراعة عن استفادة المشروع من مياه الصرف الصحى والصرف الزراعى عن طريق المعالجة الثلاثية، وكذلك من الطاقة الشمسية، بما مكن الدولة من التوسع فى المساحات الزراعية الكبيرة. ونبهت إلى تطبيق المشروع سياسة «الزراعة التعاقدية»، التى تساعد على التجميع الحيازى، وتشجع على تسويق المحاصيل الاستراتيجية بشكل فعال، بخلاف ما يعرف بـ«التفتيش الحيازى»، الذى قضى على كثير من المساحات الزراعية، وهو ما دعا الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى إصدار قانون «الزراعة التعاقدية».

واختتمت «الزراعة التعاقدية أسهمت فى زيادة المساحة المزروعة من المحاصيل فى جنوب الوادى والدلتا الجديدة، كما أن قرار الرئيس بتحديد أسعار استرشادية للمزارعين، كما حدث فى القمح وفول الصويا والذرة، أدى إلى التوسع فى زراعة هذه المحاصيل على مستوى الجمهورية».

توسع فى زراعة البنجر.. وتركيز على المحاصيل الزيتية

ذكر الدكتور مصطفى عبدالجواد، رئيس مجلس المحاصيل السكرية بوزارة الزراعة واستصلاح الأراضى، أن مشروع الدلتا الجديدة يشهد توسعًا فى زراعة محصول البنجر، بهدف الوصول للاكتفاء الذاتى من السكر، مع تنفيذ مشروعات تحسين إنتاجية المحاصيل السكرية، وتنفيذ خطة طموحة لرفع الإنتاجية من محصولى القصب والبنجر.

وأوضح «عبدالجواد» أنه يتم استخدام الميكنة وأساليب الرى الحديثة فى زراعة محصول البنجر بالدلتا الجديدة، ما يزيد من إنتاجية الفدان من البنجر أكثر من الأراضى القديمة، لافتًا إلى أنه من المقرر زراعة ما بين ١٠٠ و١٥٠ ألف فدان سنويًا من محصول البنجر، مع دراسة إمكانية إنشاء مصنع فى منطقة الدلتا الجديدة للمساهمة فى تحقيق الاكتفاء الذاتى من السكر.

وأضاف: «الدولة تسعى للتوسع فى زراعة المحاصيل الاستراتيجية بالدلتا الجديدة، مثل المحاصيل الزيتية، كعباد الشمس وفول الصويا، ومحاصيل الأعلاف، مثل الذرة، وأيضًا القمح، للوصول للاكتفاء الذاتى من بعض المحاصيل، وتقليل الفجوة الاستيرادية فى محصولى القمح والذرة».

من جهته، قال المهندس محمود الطوخى، رئيس الجمعية العامة لمنتجى الخضر والفاكهة وعضو الاتحاد التعاونى الزراعى، إن مشروع الدلتا الجديدة يضيف مساحة ٢.٢ مليون فدان جديدة إلى الأراضى القديمة، التى تصل مساحتها إلى ٩ ملايين فدان، ما يساعد على تحقيق الاكتفاء الذاتى فى كثير من المحاصيل، مع تقليل الواردات والتوسع فى الصادرات.

وأضاف: «المشروع يستخدم تدوير مياه الصرف والمياه المحلاة، وقد تم إنجاز أطول نهر صناعى فى الصحراء الغربية لرى أراضى الدلتا الجديدة، ما يؤكد رغبة الدولة فى زيادة الرقعة الزراعية لتلبية الاحتياجات المتزايدة».

وتابع: «مصر تسعى للوصول إلى مساحة ١٥ مليون فدان، عبر استغلال أفضل لمياه النيل وللمياه الجوفية فى الصحراء الغربية، واستخدام كل قطرة مياه ممكنة لزراعة أراض جديدة فى الدلتا الجديدة وتوشكى الخير وشرق العوينات وغيرها».

ولفت إلى أن الأراضى الجديدة تركز على زراعة البطاطس لتصديرها، وكذلك زراعة البنجر لإنتاج السكر، وفول الصويا لإنتاج الأعلاف، من أجل السيطرة على أسعار الدواجن، بالإضافة إلى تدشين مصانع مختلفة لتحسين استغلال المحاصيل وتوفير الواردات».

استخدام أساليب الرى الحديثة.. والاستفادة من محطة المعالجة فى مدينة الحمام

شدد الدكتور عباس شراقى، أستاذ الموارد المائية بكلية الدراسات الإفريقية، على أهمية المشروع القومى بالدلتا الجديدة فى تحقيق التنمية الزراعية الشاملة وزيادة إنتاجية المحاصيل الأساسية.

وذكر أن أهمية المشروع لا تقتصر على التوسع الزراعى فقط، بل تتعداه إلى خلق منطقة متكاملة، زراعيًا وصناعيًا، مما يوفر المزيد من فرص العمل، ويسهم فى تخفيف الكثافة السكانية فى مناطق الدلتا القديمة، وخلق مجتمع عمرانى جديد.

وأوضح أن مصدر المياه الرئيسى لرى الأراضى الزراعية فى المشروع سيعتمد على إعادة استخدام مياه الصرف الزراعى، واستخدام الأساليب الحديثة فى الرى، والاستفادة من محطة المعالجة الرئيسية فى مدينة الحمام، التى تنتج ٦ ملايين متر مكعب من المياه يوميًا، وذلك بهدف الحفاظ على الموارد المائية المتاحة، فى ظل زيادة الاحتياجات السنوية وثبات الموارد، ما يحتم البحث عن حلول مبتكرة فى هذا المجال، ومنها تدوير وتحلية المياه.

وأضاف: «مياه الصرف الزراعى الناتجة من محطة الحمام هى المصدر الرئيسى لرى الأراضى المستصلحة بالمشروع، والمصدر الثانى يتمثل فى المياه الجوفية، وذلك فى المناطق التى تسبق منطقة المغرة، وهى مناطق ذات درجة من الملوحة، مما يتوجب معه زراعة أنواع معينة من المحاصيل، مثل: الزيتون والنباتات الزيتية».

وأشار إلى أهمية استخدام الرى الحديث، عن طريق الرش والتنقيط، للاستفادة من المياه الناتجة عن الصرف الزراعى بعد معالجتها ثلاثيًا، لافتًا إلى أن ذلك يسهم فى ترشيد استهلاك المياه.

إقامة مجتمعات زراعية وصناعية وعمرانية متكاملة لتوفير فرص العمل

وصف الدكتور علاء عبدالله الصادق، أستاذ تخطيط وإدارة الموارد المائية ورئيس المؤسسة العربية لعلماء الشباب، مشروع الدلتا الجديدة بـ«المشروع العملاق فى المجال الزراعى»، مؤكدًا أنه يمثل مستقبل مصر فى مجال الاستصلاح الزراعى فى الصحراء الغربية، كما أنه يسهم فى تحقيق الأمن الغذائى فى إطار رؤية مصر ٢٠٣٠، لتنفيذ استراتيجية التنمية المستدامة.

وقال: «هذا المشروع القومى الكبير يهدف إلى إقامة مجتمعات عمرانية متكاملة الخدمات، ومجتمعات صناعية توفر الآلاف من فرص العمل لشباب مصر، كما أنه لا يمثل أى ضغط على الميزانية المائية المصرية، لكونه يعتمد على المياه الجوفية ومياه الصرف الزراعى لأراضى غرب الدلتا، بعد المعالجة الثلاثية فى محطة الحمام العملاقة».

وأضاف: «يتم نقل مياه الصرف الزراعى الناتجة عن الرى بالغمر فى أراضى الدلتا القديمة من مصارف العموم، فى غرب النوبارية والقلعة وإدكو وبرسيق وأبوقير، إلى محطة المعالجة، لتدويرها وتنقيتها ومعالجتها؛ لتصبح صالحة للرى، بدلًا من التخلص منها فى البحر، ثم ضخها للمنطقة المراد استصلاحها، وبذلك يتم استخدام مياه الصرف الزراعى ذات الملوحة العالية فى التنمية، ومواجهة الاحتياجات المائية المتزايدة». 

وتابع: «عبر تجميع المياه ومعالجتها عبر محطة الحمام، أو نقلها عبر ترعة «تحيا مصر» من محطتى معالجة المياه الجنوبية والغربية بمدينة ٦ أكتوبر، يمكن رى الأراضى الجديدة، مع استخدام نظام الرى المحورى الحديث فى أراضى المشروع، للتحكم فى كمية رش المياه وتعديلها وتحقيق الاستفادة القصوى منها».

تاريخ الخبر: 2023-06-18 18:21:13
المصدر: موقع الدستور - مصر
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 54%
الأهمية: 57%

آخر الأخبار حول العالم

ساعة جيب لأغنى ركاب "تايتانيك" بيعت في مزاد لقاء 1,46 مليون دولار

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-28 12:26:31
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 64%

ساعة جيب لأغنى ركاب "تايتانيك" بيعت في مزاد لقاء 1,46 مليون دولار

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-28 12:26:38
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 70%

طقس الأحد.. أمطار رعدية بعدة مناطق من المملكة

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-28 12:26:21
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 69%

طقس الأحد.. أمطار رعدية بعدة مناطق من المملكة

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-28 12:26:15
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 68%

الحبس النافذ للمعتدين على “فتيات القرآن” بشيشاوة

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-28 12:26:12
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 54%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية