أظهرت المباراة الودية التي أجراها المنتخب الوطني سهرة أول أمس، مع نظيره التونسي، بأن الورشات التي فتحها بلماضي في المنتخب مازالت بحاجة إلى المزيد من العمل الميداني، قبل التفكير في المرور إلى مرحلة جني الثمار، لأن الدماء الجديدة التي يبقى بصدد ضخها في المجموعة، من خلال ضم بعض الوجوه الجديدة، لا يمكن أن تعطي الإضافة المرجوة بسرعة البرق بين عشية وضحاها، لكن الأمور يجب أن تكون أكثر جاهزية في الاستحقاقات القادمة، خاصة تصفيات مونديال 2026، بعد إعادة النظر في نمط التصفيات، واعتماد بطولة مصغرة لأفواج يتشكل كل واحد منها من 6 منتخبات.
واعتمد بلماضي على تشكيلة مختلفة من حيث التركيبة، مقارنة بتلك التي كانت قد واجهت أوغندا قبل 48 ساعة بالكاميرون، وذلك بإقحام محرز، بن رحمة، سليماني، زروقي، توبة، ماندي، وغيرهم، دون وجود أي عنصر شارك كأساسي في المقابلتين، بينما عمد الناخب التونسي جلال القادري إلى تجديد الثقة في نسبة كبيرة جدا من التشكيلة التي كانت قد خاضت يوم السبت الفارط، المقابلة الرسمية أمام غينيا الإستوائية، ولو أن هذه الخيارات مكنت "الخضر" من تدارك الفارق المسجل في فترة الاسترجاع بين المنتخبين، لكن النخبة الجزائرية لم تظهر في المرحلة الأولى بالوجه الذي كان منتظرا منها.
وقد طفت على السطح إشكالية المساحات الشاغرة في منطقة وسط الميدان كواحدة، من أهم النقاط السلبية في أداء التشكيلة الوطنية، لأن المراهنة على زروقي وبن طالب في نفس الوقت حالت دون تغطية المنطقة بالشكل اللازم، خاصة وأن المنتخب التونسي اعتمد على طريقة (3/2/4/1)، بوضع ثنائي في محور الدفاع، وتكليف عنصرين بمهمة الاسترجاع الدفاعي في منطقة الوسط، الأمر الذي كشف ثغرة على مستوى الرواقين، سيما وأن توبة لم يتمكن من إثبات وجوده، جراء افتقاره للدعم اللازم، مما كلفه ارتكاب خطأ في المراقبة، استغله المدافع التونسي منتصر الطالبي ليفتتح باب التسجيل، مستثمرا في سوء تموقع الحارس زغبة في منطقة المرمى.
ولعل من بين النقاط الأخرى، التي أثرت أيضا على آداء النخبة الوطنية عدم القدرة على مسايرة الاندفاع البدني الكبير الذي ظهر به "التوانسة"، فضلا عن تحصينهم القواعد الخلفية بجدارين، ولو أن الحلول الفردية مكنت "الخضر" من تدارك الأوضاع، وتعديل النتيجة، رغم أن آداء تشكيلة بلماضي لم يكن مقنعا في الشوط الأول.
"فيزيونومية" اللعب تغيرت بعد مرور ساعة من اللعب، لأن التغييرات التكتيكية التي قام بها الناخب الوطني ساهمت بشكل مباشر في فك الحصار الذي كان مفروضا على منطقة وسط الميدان، وذلك بالتخلص من الازدحام الناتج عن تشارك زروقي وبن طالب في المناصب، مع الميول أكثر إلى اللعب السلبي، في غياب التنسيق والانسجام، دون المساهمة في البناء الهجومي، لكن إقحام عوار ثم عمورة جعل المنتخب يظهر بوجه أفضل، رغم أن عوار مازال بعيدا عن مستواه الحقيقي، خاصة من حيث الجاهزية البدنية، لكن لمساته أعطت "ديناميكية" أكثر للقاطرة الأمامية، مما يعني بأن بعض الوافدين الجدد يحتاجون إلى المزيد من الوقت للاطمئنان أكثر على الجانب البدني، لأن هذه الموقعة تزامن موعدها مع نهاية الموسم، الأمر الذي يؤثر على هذا العامل، مع السعي للتأقلم أكثر مع استراتيجية اللعب المنتهجة، بصرف النظر عن دور كل واحد في طريقة اللعب التي يراهن عليها بلماضي، بحسب خصوصية كل مقابلة. ص / فرطاس
