تمدد الصراع بين الجيش و الدعم السريع لدارفور .. قراءة من مسرح الأحداث ؟


 

توسع مسرح أحداث الحرب في السودان بصورة متسارعة و انتقلت شرارة القتال من العاصمة الخرطوم إلى إقليم دارفور المُلتهب أصلاً ما فتح أبواب التساؤلات على مصراعيها، فهل تعمل القوات المسلحة السودانية على نقل الحرب إلى دارفور لإجبار الدعم السريع على إخلاء الخرطوم، أم أن الدعم السريع حال فقد تمركز  قواته في العاصمة الخرطوم  سينتقل إلى حيث حواضنه الإجتماعية للإنطلاق من هناك مجدداً، كلها أسئلة ستجيب عليه الأيام القادمة، خاصة بعد فتح جبهات للقتال في أكثر من ثلاثة ولايات من ولايات الإقليم الخمسة، آخرها الهجوم على مدنية الفاشر حاضرة شمال دارفور.

الخرطوم ــ التغيير

يتخوف الكثيرون من انتقال الصراع الدائر بين الجيش والدعم السريع إلى إقليم دارفور بعد تمركز الصراع في العاصمة المثلثة من أجل سيطرة الجنرالان اللذين يطمحان للانفراد بالسلطة بعد هزيمة أحدهما الآخر.

د. عبد الله آدم خاطر، الحرب بالفعل بدأت بالتحول إلى دافور

ورغم أن الإدارات الأهلية وقعت على اتفاق بين الجيش والدعم السريع بعد الاقتتال بين الجانبين حتى معرفة نتيجة الحرب في الخرطوم، إلا أن هذه الاتفاقات لم تصمد طويلا بعد خرقها من قبل أطراف النزاع، وتحولت عواصم تلك الولايات إلى مدن أشباح بعد نهب الأسواق، والبنوك والمرافق الخدمة، وتحول الصراع في الجنينة إلى صراع قبلي بين القبائل العربية المسنودة من قوات الدعم السريع ضد المساليت السكان الأصليين للمنطقة.

صراع قبلي

وقالت مصادر لـ «التغيير» إن الصراع في الجنينة أخذ طابعاً قبلياً وتم تهجير السكان الأصليين من قبل.
ووصفت المصادر ما حدث في الجنينة بالتطهير العرقي والإبادة الجماعية ما يتطلب تحقيقاً دولياً لتقديم الجناة للعدالة.
وأشارت المصادر إلى أن الجثث مازالت موجودة في العراء ولم يتم دفنها حتى الآن.
ووصفوا الوضع بالكارثي و اللا إنساني، و أكدوا أن عدد القتلي من الطرفين تجاوز الـ «10» آلاف قتيل.

انتقال الصراع

وانتقل القتال الدائر في السودان منذ نحو ثلاثة أشهر إلى إقليم دارفور المضطرب غربي البلاد، الذي احتدم الصراع فيه بعد عقدين من إندلاع حرب طاحنة هناك.

تكدث الجثث في شوارع مدينة الجنينة

و كان قد اندلع الصراع في دارفور عام 2003، حينما وقفت مجموعة من المتمردين في وجه القوات الحكومية المدعومة من ميليشيات الجنجويد ـــ قوات الدعم السريع حالياً ــ ، التي اشتهرت بإمتطاء الخيل في أعمال عنف أدت إلى مقتل نحو 300 ألف شخص وتشريد الملايين.
ورغم اتفاقيات السلام العديدة، فإن الصراع مستمر منذ ذلك الوقت، كما تصاعدت حدة العنف على مدى العامين المنصرمين.

قلق فولكر

وأبدى رئيس بعثة الأمم المتحدة في السودان فولكر بيرتس المرفوض وجوده من قبل قائد الجيش في السودان، قلقه العميق إزاء تقارير تفيد بوقوع أعمال عنف في الجنينة، يبدو أنها تتخذ أبعادًا قبلية بين المجتمعات المحلية في ظل شن هجمات على المدنيين وأعمال نهب وتوزيع الأسلحة بين المجتمعات المحلية، كما أسفرت الهجمات عن عمليات نهب أخرى واسعة النطاق، بما في ذلك مباني الأمم المتحدة.

وضع كارثي

وقال الناطق الرسمي باسم النازحين واللاجئين آدم رجال، إن من أسوأ المناطق التي تدور فيها الإشتباكات هي مدينة الجنينة، التي وصلت فيها الأوضاع إلى كارثية ومقلقة للغاية.
وأشار إلى أن عدد القتلي منذ 15 أبريل لم يتم وفاقاً لإحصائيه دقيقة حتى الآن، وأوضح أن التقارير الواردة مزعجة وقلقة، والحياة متوقفة تماماً، بلا مويه وأكل وعلاج وكهرباء.
وتأسف رجال أن يكون هنالك مدنيين ضحايا نازحين بالألاف لا ذنب لهم فقط أنهم موجودين في مدينة الجنينة.
وقال آدم رجال «التغيير» إن ما حدث في الجنينة جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية و إبادة و تطهير العرقي، و أعتبرها جرائم ممنهجة ومرتبة ومنظمة.
وأضاف: «ما حذرنا منه في السابق حدث اليوم».
وأكد الناطق الرسمي باسم النازحين أن الوضع في الجنينة يتطلب تدخل دولي بصورة عاجلة لأن طرفي الصراع لا يهمهم موت المواطنين وحياتهم و إنما يتصارعون فقط من أجل الوصول إلى السلطة والمال ولا يهمهم المواطن السوداني يموت في الجنينة أو زالنجي ونيالا أو الخرطوم.

السندكالي: القوات المشتركة المشكلة لحماية المواطنين في دارفور عجزت عن حمايتهم

عنف جديد

ويقول رئيس هئية محامي دارفور الصادق السندكالي، إن الصراع الحالي بين الجيش والدعم السريع يؤكد أن الدولة اعتمدت نمط عنف جديد باستخدام السلاح ضمن خططها لتحقيق أهدافها السياسية واستخدام رمزية القبائل ما أدى إلى توسع دائرة العنف ونطاقه وسياد ثقافة القبلية والتنازع القبلي على المكاسب السياسية والسلطوية والرغبة في الهيمنة واستثمار النفوذ».
وأضاف: «هذا النوع من الصراع والي خرج عن سيطرة الدولة في شكل مراكز قوى جديدة ولم يعد مقدوراً عليه وصار مهدداً للدولة والمجتمع بدارفور واستقرار البلاد».
وأبدى رئيس الهئية قلقه الشديد من إنعدام وجود لمركز قرار موحد في الدولة، وعجز القوات المشتركة المشكلة لحماية المواطنين، و أعتبر أن ما حدث بمدينة كتم بشمال دارفور من تقتيل وتشريد بجانب الحصار المضروب على ولايتي وسط وغرب دارفور بواسطة مجموعات مسلحة من منسوبي قوات الدعم السريع يوسع من دائرة الجرائم والإنتهاكات الجسيمة المرتكبة بحق المدنيين، ما يتطلب تدخل الأمم المتحدة والإتحاد الأفريقي لحماية المدنيين.
وقال «السندكالي من حق المواطنين البحث عن سبل حماية ممتلكاتهم العامة والخاصة وإستخدام وسائل الدفاع الشرعي عن انفسهم في حدود تعاليم الدين ونظم القانون المرعية».

انسحاب الدعم السريع

ويقول الخبير العسكري اللواء إسماعيل أمين مجذوب، إن  الجيش إذا استطاع إلحاق الهزيمة بقوات الدعم السريع، سينسحب ما تبقى من قواتها إلى قاعدتها الاجتماعية في دارفور، ونظرا لعقيدة مقاتليها التي يغلب عليها طابع الإرتزاق والنهب، فلن تتورع في إشعال الحرب في الإقليم على نطاق واسع.

وقال مجذوب لـ «التغيير» إنه نتيجة للسلاح المنتشر في دارفور، واعتبارات القاعدة الاجتماعية لقوات الدعم السريع ، فمن المحتمل تحول الحرب إلى نزاع على أساس عرقي في الإقليم.
وأضاف الخبير العسكري في حال توسع نطاق النزاع المُشتعل في الجنينة إلى مدن أخرى على ذات الشاكلة، فلا يستبعد انخراط الجماعات المسلحة سواء الموقعة أم غير الموقعة على اتفاق السلام، في القتال وإن لم يحدث ذلك بقرار من قادتها فسيحدث من العناصر المقاتلة.

إسقاط الإقليم

يقول الخبير في شؤون دارفور د. عبد الله آدم خاطر، إنه بدأت الحرب بالفعل التحول إلى دافور بعد مدينة زالنجي وكتم ونيالا واخيراً الفاشر.
وأضاف: الدعم السريع يخطط لاسقاط الإقليم تحت يده ومن ثم يعمل على عزو الخرطوم وباقي إقليم السودان.
وتابع: «طموح حميدتي ليس دارفور فقط وإنما حكم البلاد بعد أن صار الرجل الثاني في الدولة، وإذا خسر حرب الخرطوم فسيعود إليها عبر دارفور، ولن يتخلى عن طموحاته بسهولة”.

فيما يتخوف مراقبون من انتقال القتال في إقليم دارفور رغم من تركز القتال بين الجيش والدعم في العاصمة الخرطوم، بصورة رئيسية، وجلب طرفي النزاع مزيد من التعزيزات العسكرية إلى الخرطوم، فإن مخاوف انتشار عمليات انتقام واسعة يمكن أن تُحدث في دارفور إذا قُتل القادة البارزين في الدعم السريع».

تاريخ الخبر: 2023-06-23 18:24:24
المصدر: صحيفة التغيير - السودان
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 50%
الأهمية: 57%

آخر الأخبار حول العالم

بين فيتنام وغزة – صحيفة التغيير السودانية , اخبار السودان

المصدر: صحيفة التغيير - السودان التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-03 09:22:59
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 59%

انهيار طريق سريع جنوب الصين: ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 48 شخصا

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-05-03 09:25:00
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 63%

في سوق الأسهم .. هل عليك بيع أسهمك في مايو وإعادة الشراء في نوفمبر؟

المصدر: أرقام - الإمارات التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2024-05-03 09:24:00
مستوى الصحة: 38% الأهمية: 36%

هذه وضعية سوق الشغل خلال الفصل الأول من سنة 2024

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-05-03 09:24:54
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 68%

توقعات أحوال الطقس اليوم الجمعة

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-05-03 09:24:52
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 70%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية