جسر كوكودي.. المغرب يقدم التنمية بسواعد الأفارقة بديلا عن الصراعات والاستغلال


الدار/ علي البوزيدي

مجددا يعبر المغرب بالملموس عن ارتباطه الإفريقي وانشغاله الدائم برسالة تنمية إفريقيا بسواعد الأفارقة، وبالتعاون بينهم دونما حاجة إلى إملاءات الدول المتقدمة أو ديونها أو ابتزازها الاستعماري الذي لا ينتهي. لقد ظهر ذلك بجلاء اليوم السبت مع تدشين الرئيس الايفواري الحسن وتارا بأبيدجان، جسر كوكودي، الذي يدخل في إطار مشروع تهيئة خليج كوكودي، ثمرة الرؤية المتبصرة لجلالة الملك محمد السادس “إفريقيا تثق في إفريقيا”، ورمز التعاون النموذجي بين المغرب وكوت ديفوار. لا يمكن إذاً النظر إلى هذا المشروع نظرة عابرة لا سيما أنه جسد من جهة متانة العلاقات الإيفوارية المغربية ومن جهة أخرى نجاعة الرؤية الملكية تعاون جنوب-جنوب.

في تفاصيل هذا المشروع الضخم قصة نجاح إفريقية خالصة تجسدها كفاءة المقاولة المغربية ونجاعة التنسيق السياسي وإرادة قوية يعبر عنها الرئيس الايفَواري الحسن وتارا الذي آمن منذ زمن طويل بأهمية الانفتاح على المغرب، والمقاولات المغربية من قبيل شركة “مارتشيكا ميد” التي تشرف على تهيئة خليج كوكودي، وكانت المسؤولة عن بناء هذا الجسر الممتد على طول 600 متر. إنها أمتار بل كيلومترات من جسور الاندماج الإفريقي الذي يحلم به المغرب ويخطط له ويعمل من أجل تحقيقه منذ أكثر من ربع قرن. منشآت البنية التحتية التي تشرف عليها مقاولاتنا الوطنية في عدد من الدول الإفريقية تؤكد بالملموس أن إفريقيا مكتفية فعلا بسواعد أبنائها.

في الوقت الذي تجتاح منطقةَ الساحل والصحراء آفات أمنية وانقلابات عسكرية وصراعات وحروب تتورط فيها قوى إقليمية ودولية، يأتي الرد من المغرب على هذه الأجواء الموبوءة بهذا المنجز التنموي الكبير الذي تهديه بلادنا لبلد شقيق وصديق كساحل العاج، وتضع من خلاله مرة أخرى بصمة جديدة في مسار بناء التكتل الإفريقي الذي ندافع عنه بلادنا رفقة شركائنا في القارة السمراء ولا سيما في غرب إفريقيا التي تربطنا بها علاقات تاريخية وروحية ممتدة تحولت منذ عقدين من الزمن إلى ترابط اقتصادي قوي يحقق كل يوم المزيد من المعجزات والمنجزات.

جسر كوكودي رمز جديد للثقة المتبادلة بين الشعوب والقيادات الإفريقية ينطلق من هذه الرؤية الملكية التي سبقت عصرها. عندما بلور جلالة الملك محمد السادس رؤية “إفريقيا تثق في إفريقيا” كان واثقا أيضا من نجاعة هذا الأفق وقدرته على تحقيق متطلبات القارة السمراء التي سئمت من كونها سوقا لتصريف الأسلحة والنفايات والمنتجات الرديئة، وتتطلع إلى أن تلتحق بصفوف الدول الصاعدة. إفريقيا ليست في حاجة إلى شعارات مضحكة عن التجارة البينية أو تصفية بضعة ملايين من الديون، بل هي في حاجة إلى بنيات تحتية من جسور وطرق وموانئ ومطارات، وفي حاجة إلى مصانع وشركات منتجة ومزارع متطورة يمكن أن تعتمد على ثروة الفوسفاط المغربي الذي يبقى وحده القادر على تأمين مستقبل الفلاحة في القارة الإفريقية.

يحتاج منا تدشين جسر كوكودي إذاً إلى وقفة قراءة وتأمل مستحقة، لأنه في الوقت الذي تستورد فيه بعض الأنظمة في المنطقة كل احتياجاتها من الخارج من الإبرة إلى الصاروخ، إن سُمح لها بشراء الصاروخ، وفي الوقت الذي تبيع هذه الأنظمة صفقاتها العمومية للموردين الصينيين أو الفرنسيين أو الروس، يصر المغرب على تقديم الدليل القاطع على أن إفريقيا لن تتطور ولن تنمو إلا بسواعد أبنائها وبمقاولات بلدانها، وأن التعاون مع الجار والقريب في الجغرافيا والتاريخ والثقافة هو السبيل الأنجع لتمكين أبناء هذه القارة من قدرات النهوض الذاتية بدلا من الاستمرار في التبعية الخارجية التي لا تسلم من إملاءات وشروط لا تصب دائما في مصلحة بلدان القارة.

تاريخ الخبر: 2023-08-13 06:25:35
المصدر: موقع الدار - المغرب
التصنيف: مجتمع
مستوى الصحة: 57%
الأهمية: 70%

آخر الأخبار حول العالم

العربية للطيران ترفع عدد رحلاتها بين مدينتي أكادير والرباط

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-05-02 03:25:12
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 68%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية