وردة‏ ‏الحب‏ ‏أصبحت‏ ‏تثير‏ ‏الضحك


‏* ‏إذا‏ ‏كنا‏ ‏نعترف‏ ‏بأن‏ ‏هناك‏ ‏فرقا‏ ‏شاسعا‏ ‏بين‏ ‏العالم‏ ‏سنة‏ 1900 ‏وعالم‏ ‏اليوم‏ ‏سنة‏ 1970, ‏فلابدأن‏ ‏نعترف‏ ‏أيضا‏ ‏بوجود‏ ‏فروق‏ ‏بين‏ ‏الحب‏ ‏في‏ ‏هذين‏ ‏الزمنين‏.‏
فالحب‏ ‏يخضع‏ ‏أولا‏ ‏للتكوين‏ ‏الاجتماعي‏, ‏وكانت‏ ‏تؤثر‏ ‏فيه‏ ‏طبقة‏ ‏خاصة‏ ‏من‏ ‏أصحاب‏ ‏العروش‏ ‏والثروات‏. ‏وكان‏ ‏المجتمع‏ ‏القديم‏ ‏يسير‏ ‏تبعا‏ ‏لوهم‏ ‏فئة‏ ‏من‏ ‏الناس‏, ‏كانوا‏ ‏يعتقدون‏ ‏أنهم‏ ‏يمثلون‏ ‏العالم‏, ‏ولم‏ ‏يكن‏ ‏أحد‏ ‏ليجرؤ‏ ‏علي‏ ‏الاستخفاف‏ ‏بآراء‏ ‏المجتمع‏, ‏أو‏ ‏ازدرائها‏. ‏فكان‏ ‏الحب‏ ‏يحمل‏ ‏بين‏ ‏طياته‏: ‏الطموح‏ ‏والغرور‏, ‏أما‏ ‏اليوم‏ ‏حيث‏ ‏نمر‏ ‏بمرحلة‏ ‏الديموقراطية‏, ‏والاشتراكية‏, ‏التي‏ ‏تعمل‏ ‏علي‏ ‏المساواة‏ ‏ين‏ ‏الجميع‏, ‏فقد‏ ‏تحررت‏ ‏المرأة‏ ‏وتحررت‏ ‏مشكلة‏ ‏الاختيار‏.‏
هذا‏ ‏إلي‏ ‏أن‏ ‏العلوم‏ ‏الحديثة‏ ‏قد‏ ‏سهلت‏ ‏سبل‏ ‏الاتصال‏, ‏والحديث‏ ‏بين‏ ‏الفتي‏ ‏والفتاة‏. ‏ولم‏ ‏تكن‏ ‏تلك‏ ‏السبل‏ ‏لتسهل‏ ‏في‏ ‏الماضي‏ ‏إلا‏ ‏علي‏ ‏الأغنياء‏, ‏وذوي‏ ‏السلطة‏ ‏والجاه‏, ‏فإذا‏ ‏قيل‏ ‏أن‏ ‏السيارة‏ ‏قد‏ ‏حررت‏ ‏المرأة‏, ‏فهذا‏ ‏صحيح‏, ‏لأننا‏ ‏إذا‏ ‏عدنا‏ ‏إلي‏ ‏صور‏ ‏الماضي‏ ‏لوجدنا‏ ‏أن‏ ‏الخطيب‏ ‏لم‏ ‏يكن‏ ‏يستطيع‏ ‏في‏ ‏سنة‏ 1900 ‏أن‏ ‏يشهد‏ ‏مسرحية‏ ‏من‏ ‏المسارح‏ ‏بصحبة‏ ‏خطيبته‏. ‏أما‏ ‏اليوم‏ ‏فترحل‏ ‏الفتاة‏ ‏إلي‏ ‏أي‏ ‏مكان‏ ‏في‏ ‏المدينة‏ ‏وهي‏ ‏تجلس‏ ‏إلي‏ ‏جواره‏, ‏وقد‏ ‏تقود‏ ‏السيارة‏ ‏بنفسها‏. ‏وأصبح‏ ‏في‏ ‏إمكان‏ ‏كل‏ ‏إنسان‏ ‏أن‏ ‏يتحدث‏ ‏تليفونيا‏ ‏إلي‏ ‏خطيبته‏ ‏في‏ ‏أي‏ ‏وقت‏ ‏يشاء‏, ‏ليسمع‏ ‏صوتها‏, ‏حتي‏ ‏ولو‏ ‏كانت‏ ‏فيما‏ ‏وراء‏ ‏البحار‏. ‏وأصبح‏ ‏في‏ ‏وسع‏ ‏كل‏ ‏سيدة‏ ‏أن‏ ‏تلحق‏ ‏بزوجها‏ ‏في‏ ‏أقاصي‏ ‏العالم‏, ‏في‏ ‏ساعات‏ ‏محدودة‏. ‏فلم‏ ‏تعد‏ ‏الألقاب‏, ‏ولا‏ ‏السلطة‏, ‏ولا‏ ‏الثراء‏, ‏بذي‏ ‏أهمية‏ ‏لتنفيذ‏ ‏مشروعات‏ ‏الحب‏.‏
‏* ‏ولم‏ ‏يعد‏ ‏للأدب‏ ‏أثره‏ ‏المرغوب‏ ‏في‏ ‏تهذيب‏ ‏القلوب‏, ‏ولم‏ ‏يعد‏ ‏للروايات‏ ‏القديمة‏ ‏التي‏ ‏يعاد‏ ‏تمثيلها‏, ‏أثر‏ ‏علي‏ ‏عقول‏ ‏الناس‏.‏
أما‏ ‏الكتب‏ ‏الحديثة‏ ‏فأثرها‏ ‏جلي‏ ‏في‏ ‏تحويل‏ ‏الأذهان‏ ‏إلي‏ ‏المؤامرات‏ ‏والمغامرات‏ ‏البوليسية‏, ‏وإلي‏ ‏أي‏ ‏شيء‏ ‏إلا‏ ‏أن‏ ‏تحولها‏ ‏إلي‏ ‏الحب‏.‏
‏* ‏تساوت‏ ‏المرأة‏ ‏مع‏ ‏الرجل‏ ‏فتحرر‏ ‏الحب‏ ‏من‏ ‏الروابط‏ ‏التي‏ ‏كانت‏ ‏تربطه‏ ‏قديما‏ ‏وتجرد‏ ‏من‏ ‏الإجحاف‏ ‏الذي‏ ‏ناله‏ ‏سابقا‏, ‏وخسر‏ ‏للتعويض‏ ‏عن‏ ‏ذلك‏ ‏أشياء‏ ‏ثمينة‏, ‏والرجل‏ ‏المحب‏ ‏في‏ ‏العصور‏ ‏القديمة‏ ‏كان‏ ‏يخاطر‏ ‏بالقليل‏, ‏بينما‏ ‏كانت‏ ‏تجازف‏ ‏المرأة‏ ‏بالكثير‏.. ‏أما‏ ‏اليوم‏ ‏فهو‏ ‏لا‏ ‏يريد‏ ‏أن‏ ‏يخاطر‏, ‏وهي‏ ‏لا‏ ‏تريد‏ ‏أن‏ ‏تجازف‏.‏
ومنذ‏ ‏خمسين‏ ‏سنة‏ ‏بدأت‏ ‏المرأة‏ ‏حبها‏ ‏بالدفاع‏, ‏والتواضع‏ ‏والتخوف‏ ‏أو‏ ‏التردد‏ ‏وجعلت‏ ‏الرجل‏ ‏ـ‏ ‏دون‏ ‏أن‏ ‏تقصد‏ ‏إلي‏ ‏ذلك‏ ‏دلالا‏ ‏ـ‏ ‏يترقب‏ ‏وينتظر‏, ‏حتي‏ ‏طال‏ ‏ترقبه‏, ‏وكثر‏ ‏انتظاره‏, ‏فأضحيا‏ ‏حيرة‏.‏
أما‏ ‏اليوم‏.. ‏فلم‏ ‏تعد‏ ‏هناك‏ ‏تلك‏ ‏الليالي‏ ‏الطوال‏ ‏التي‏ ‏يأرق‏ ‏فيها‏ ‏الحبيبان‏ ‏حتي‏ ‏مطلع‏ ‏الفجر‏, ‏ولم‏ ‏تعد‏ ‏هناك‏ ‏أحلام‏ ‏اليقظة‏ ‏حيث‏ ‏الترقب‏, ‏والانتظار‏. ‏والشك‏, ‏والحيرة‏.‏
لم‏ ‏يعد‏ ‏هنا‏ ‏ما‏ ‏يستحق‏ ‏الجري‏ ‏خلفه‏, ‏والبحث‏ ‏عنه‏.. ‏لم‏ ‏تعد‏ ‏لأشعار‏ ‏الحب‏, ‏ولا‏ ‏لأغاني‏ ‏الغرام‏, ‏ولا‏ ‏حتي‏ ‏لكلمة‏ ‏الحب‏ ‏نفسها‏ ‏قيمتها‏ ‏السابقة‏.. ‏أما‏ ‏ألقاب‏ ‏الدلال‏ ‏والحب‏.. ‏وأما‏ ‏وردة‏ ‏الحب‏ ‏التي‏ ‏يشيعها‏ ‏الحبيب‏ ‏إلي‏ ‏محبوبته‏, ‏فأصبحت‏ ‏تثير‏ ‏الضحك‏.‏
لقد‏ ‏حصل‏ ‏الناس‏ ‏علي‏ ‏كل‏ ‏شيء‏.. ‏فلم‏ ‏تعد‏ ‏هناك‏ ‏أية‏ ‏مشاعر‏ ‏للحب‏!‏

تاريخ الخبر: 2023-08-15 09:21:06
المصدر: وطنى - مصر
التصنيف: غير مصنف
مستوى الصحة: 51%
الأهمية: 56%

آخر الأخبار حول العالم

المنتخب المغربي يتوج بلقب البطولة العربية لكرة اليد للشباب

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-01 12:25:49
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 50%

توقعات أحوال الطقس اليوم الأربعاء

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-05-01 12:25:10
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 66%

الأمم المتحدة تحذر من هجوم إسرائيلي "وشيك" على رفح بجنوب قطاع غزة

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-01 12:26:20
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 61%

الأمم المتحدة تحذر من هجوم إسرائيلي "وشيك" على رفح بجنوب قطاع غزة

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-01 12:26:16
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 65%

المنتخب المغربي يتوج بلقب البطولة العربية لكرة اليد للشباب

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-01 12:25:57
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 57%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية