يُعتبر محتوى مشروب "برايم" من الكافيين الأساس في جميع التحذيرات التي ترد حول هذا المشروب من الناشطين، ولا سيّما فيما يتعلق باستهلاك الأطفال والمراهقين له.

منذ إطلاق مشروب "برايم هايدريشن" للطاقة (PRIME Hydration Drink) منتصف العام الماضي، أحدث ضجة كبيرة في الأسواق الأمريكية وسط تحذيرات متعدّدة وجدل حول استهلاكه واستهداف حملته التسويقية للأطفال خاصة؛ وذلك لاحتوائه على مادة "الكافيين" بمستويات عالية جداً تشكل خطراً على مستهلكيه، ولا سيّما فئتَا الأطفال والمراهقين.

ومشروبات "برايم" هي مجموعة مشروبات رياضية ومشروبات طاقة، رُوّج لها على نطاق واسع بوساطة مستخدمي مواقع "يوتيوب" و"تيك توك".

وأطلق المشروب نجمان من نجوم ومشاهير اليوتيوب، هما الأمريكي لوغان بول Logan Paul والبريطاني كيه إس آي KSI ، وكان عبارة عن مشروب خالٍ من الكافيين، بينما أُطلق صنف آخر منه لاحقاً تحت الاسم التجاري "برايم إنيرجي" "PRIME ENERGY" الذي يحتوي على 200 ملغم من الكافيين، وهي نسبة عالية جداً مقارنةً بمشروبات أخرى مثل ريد بول (80 ملغم) ومشروب الكوكا كولا (30 ملغم).

وأُطلق المشروب بنكهات عدّة كالبطيخ والتوت البري والبرتقال، في عبوات جذابة ذات ألوان مميزة، ما جعله يسجل مبيعات بقيمة 250 مليون دولار خلال العام الأول.

مثير للجدل

وبدأت الحملة التسويقية للمنتج من خلال إعلان مصور يظهر فيه نجما الإنترنت وهما يلعبان ببطء وملل ألعاب الفيديو أو كرة الطاولة، ثم بعد تناول المشروب أصبحا يلعبان بحماسة وجهد بدني عالٍ، تلاه إعلانات أخرى ظهر فيها أطفال وهم يحملون عبوات مشروب "برايم".

وكان لهذه الإعلانات الدور الأكبر في جذب الأشخاص وتحفيز فضولهم لتجربة المشروب، وخاصةً بعد انتشار أخبار عديدة وفيديوهات تصوّر تدافع الأشخاص في الأسواق والمراكز التجارية للحصول على المشروب، وما زاد في الطلب على المشروب انتشار تريند على موقع التواصل الاجتماعي "تيك توك" على شكل فيديو فيه أشخاص، بينهم أطفال ومراهقون يحملون عبوة مشروب الطاقة برايم مع عبارة مقروءة أو محكية وهي "أخيراً حصلنا على مشروب برايم" (we got prime boys).

وأثار المشروب المنتشر في الأسواق الجدل بسبب احتوائه على نسبة كافيين عالية جداً، وهو ما جعله محط الأنظار والانتقادات، إذ دعا السيناتور الأمريكي تشاك شومر إلى حظر بيع المشروب للأطفال واستهلاكه؛ بسبب الكافيين الذي يشكل خطراً صحياً حقيقياً قد يؤدي إلى الوفاة وإلى أعراض جانبية عديدة أخرى.

وطالب السيناتور وكالة الأدوية الأمريكية "FDA" وقف بيع المشروب وإجراء تحقيق حول مستويات الكافيين فيه واستراتيجيات التسويق المتبعة في الحملة التسويقية، التي -وفق رأي السيناتور شومر- تستهدف الأطفال والمراهقين تحديداً، إذ يُروّج لها بأنّها المشروبات الصيفية الأفضل للأطفال.

وقال شومر، إنّ "مشروب برايم قد ولد وانتشر من مواقع التواصل الاجتماعي وحسابات المؤثرين، وبينما يتصفح الأطفال والمراهقون هذه المواقع يشعرون بحاجة ملحّة للحصول عليه وتجربته".

ولفت شومر إلى أن علب مشروبات "برايم إنيرجي" تحتوي على أكثر من ضعف الكافيين الموجود في علبة مشروب الطاقة "ريد بول"، وست مرات أكثر من الكافيين في علبة كوكا كولا، محذراً الآباء من أنّ المشروب يكتسب شعبية على مواقع التواصل الاجتماعي، ورغم أنّ الشركة لا توصي بالمشروبات لأي شخص يقل عمره عن 18 عاماً، وفقاً للمعلومات الواردة على موقعها الإلكتروني، فإنّ شومر يرى أنّ تسويق المشروب مُغرٍ للقُصّر.

مخاطر صحية

ويُعتبر محتوى مشروب "برايم" من الكافيين الأساس في جميع التحذيرات التي ترد حول هذا المشروب من الناشطين، ولا سيّما فيما يتعلق باستهلاك الأطفال والمراهقين له.

وتبعاً للدراسات العلمية، فإنّ استهلاك الكافيين يشكل خطراً على صحة الأطفال، وله أعراض جانبية عديدة، ففي مقال نُشر في موقع الأكاديمية الأمريكية للطب النفسي للأطفال والمراهقين "AACAP" عام 2022، فإنّ استهلاك الكافيين يؤدي إلى مضار صحية عديدة مثل الأرق، القلق، النشاط المفرط، الغثيان، فقدان الشهية، الصداع، الدوخة، وأعراض أخرى مثل زيادة التركيز.

أمّا استهلاك جرعة زائدة من الكافيين فيؤدي إلى مشكلات عديدة كالاستفراغ وتسارع واضطراب في نبضات القلب وارتفاع ضغط الدم، ومشكلات في النوم والتركيز، وكذلك الارتباك والهلوسة، إضافةً إلى احتمالية تعرض الشخص للموت في حال كان يعاني مشكلات صحية معينة أو استهلاكه لجرعة عالية جداً لدرجة السمِية، حسب مقال الأكاديمية.

وأكد موقع عيادة "كليفلاند" الطبية الرسمي بأنّه لا يوجد جرعة محدّدة آمنة من الكافيين للأطفال، وهذا بالاستناد إلى إدارة الغذاء والدواء الأمريكية FDA التي لم تحدّد جرعة كافيين آمنة، وبالتالي يجب إيقاف استهلاكه للأطفال 2 إلى 11 عاماً والمراهقين 12 إلى 18 عاماً.

ووفق العيادة الطبية، فإنّه حُدِّدت الجرعة الأعلى للمراهقين بـ100 ملغم من الكافيين في اليوم الواحد (وينصح بالامتناع عن استهلاكها بشكل تام)، وهي تعادل كوباً من القهوة أو علبتين من الصودا، وبالعودة إلى مشروب "برايم" فإنّ المسموح هو نصف عبوة من مشروب برايم يومياً للمراهقين، بينما يمنع استهلاكها للأطفال، وهو ما ذُكر ضمن المعلومات الواردة على عبوات المشروب، على حين خالفتها الإعلانات الخاصة بالمشروب والحملات الترويجية له التي استهدفت الأطفال والمراهقين بشكل واضح.

وفي عام 2021، نُشرت دراسة تحليلية جمعت 156 ورقة علمية، وأفادت بعدم وجود جرعة آمنة من الكافيين أو مشروبات الطاقة للأطفال، ولا يوجد أي آثار إيجابية بعيدة أو قريبة الأجل لهذه المشروبات على وظائف الدماغ أو الخصائص النفسية أو التطور الاجتماعي للطفل، بينما هناك العديد من الأضرار الصحية والآثار الجانبية للاستهلاك المنتظم لهذه المشروبات.

وفي دراسة أُخرى نُشرت عام 2022 حول الارتباطات الاجتماعية والبيئية والفردية لاستهلاك مشروبات الطاقة بين المراهقين بعينة ضمن 3688 طالباً اختيروا عشوائياً من 25 مدرسة ثانوية، نتج عنها أنّ 18% من العينة يستهلكون مشروبات الطاقة بشكل يومي، وخلصت الدراسة إلى ضرورة إنشاء مبادرات للحدّ من استهلاك المراهقين لمشروبات الطاقة والبحث في العوامل الفردية والاجتماعية والبيئية، إضافةً إلى أهمية أن تشمل حملات التوعية المراهقين والأهل كذلك.

ووفق الدليل العلمي، يجب على الحكومات والمؤسسات المسؤولة اتخاذ خطوات جادّة لمنع للأطفال والمراهقين من استهلاك مشروبات الطاقة، وكذلك المشروبات الغنية بالكافيين، ومن ضمنها مشروب "برايم" الذي يُعتبَر الأعلى في محتواه من الكافيين بنسبة تفوق جميع المشروبات التي أُنتجت وبيعت سابقاً، ما يجعله يشكل خطراً حقيقياً على صحة هذه الفئة التي لا تزال في مرحلة النمو الجسمي والعقلي.

TRT عربي