هل يمكن أن يقود التقارب المغربي- الجنوب إفريقي إلى سحب الإعتراف بالبوليساريو؟


الدار/ عمر لزين

بالنظر إلى ثقلهما على الصعيد القاري، ينهج المغرب و جنوب افريقيا، استراتيجية تقارب في إتجاه تعزيز العلاقات الثنائية، بما يخدم مصالحهما المشتركة.

في نونبر  2017، ستعرف الدبلوماسية بين الرباط و  جوهانسبورغ،  تطورا كبيرا،  بناء على اتفاق ابيدجان في نونبر 2017 بين قائدي البلدين، منطلقين من قاعدتي التعاون جنوب جنوب، ورابح رابح، والتضامن بين جميع بلدان القارة.

بمناسبة لقاء الاتحاد الأوروبي والاتحاد الإفريقي في نونبر 2017، و وجود  الملك محمد السادس بكوت ديفوار،  عقد لقاء تاريخي بين  الملك محمد السادس، ورئيس جنوب إفريقيا؛ جاكوب زوما،  ما جعل المتتبعين يعتبرون اللقاء خطوة أولية لبناء علاقة قوية وعالية بين البلدين.

فبعد قطيعة امتدت لعقود بين المملكة المغربية وجمهورية جنوب إفريقيا، قرر  البلدان التوجه  نحو إجراء نوع من المصالحة؛ حيث قرر الملك، محمد السادس، ورئيس جنوب إفريقيا، جاكوب زوما، في 29 من نونبر 2017، تنحية خلافاتهما جانبًا واستئناف العلاقة بين البلدين، والرقي بإطار التمثيلية الدبلوماسية من خلال تعيين سفيرين كاملي السلطة بكلٍّ من الرباط وبريتوريا من أجل توطيد العلاقة بين البلدين والعمل سويًّا على تحقيق مستقبل واعد.

رغبة البلدين، و عزمهما تعزيز  علاقاتهما الثنائية،  أكد عليها

وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج،  ناصر بوريطة، عام 2021،  في حوار حصري مع صحيفة “ذي ستار”، إحدى أكبر الصحف الجنوب إفريقية؛ حينما أكد  أنه بات من المهم جدا للمغرب وجنوب إفريقيا  أن يعملا جنبا إلى جنب لتعزيز فرص فهم أفضل للواقع السياسي والاقتصادي والجيوسياسي للآخر.

و بالنظر  إلى  الأهمية التي يوليها المغرب من أجل تنمية القارة الإفريقية و تحقيق التكامل بين بلدانها، يمكن للمغرب و جنوب افريقيا أن يضطلعا بهذا  الدور؛ حيث أنهما  أكبر المستثمرين في القارة وكل في منطقته، و بالتالي فهما  مدعوان للاضطلاع بدور رئيسي في عملية التكامل الإفريقي.

ان التقارب بين المغرب و عدد من  البلدان   التي في معظمها تساند طرح “جبهة البوليساريو” الانفصالية، يرى فيه مراقبون مكاسب للسياسة الإفريقية الجديدة التي ينتهجها المغرب.
فقد قام المغرب بمراجعة لمحصِّلة نتائج سياساته الخارجية السابقة، والتي اتسمت بالسلبية في التعامل مع القضايا الشائكة، والاعتماد على ردود الفعل بدل المبادرة، والانتظار، واللعب على الزمن بدل العمل المتراكم والمستمر لحل المشاكل. وهي محصلة سلبية لم تأتِ بنتيجة تُذكَر، وزادت من عزلة المغرب خاصة على المستوى القاري؛  لذلك، فمنذ 2013 تقريبًا، أحدث المغرب اختراقات غير مسبوقة في معسكر الدول الحليفة تاريخيًّا للنظام العسكري الجزائري (المعسكر الأنجلوفوني) وضمنها أنغولا ونيجيريا ورواندا وإثيوبيا، بيد أن وصول حملته الدبلوماسية إلى بريتوريا قد يكون أكبر اختراق على الإطلاق باعتبارها كانت تعد أقوى قلاع المؤيدين لجبهة بوليساريو بعد الجزائر التي تحتضن الجبهة على أراضيها وتدعمها بالمال والسلاح وتعتبر طرفًا غير مباشر في النزاع.
في ظل السياسة الإفريقية الجديدة التي بدأ المغرب ينتهجها منذ سنوات قليلة، يُرجَّح أن تشهد العلاقات بين المغرب و جنوب افريقيا، تطورًا نوعيًّا؛ إذ ان جنوب إفريقيا نفسها، كقوة إقليمية كبيرة، باتت مقتنعة -كما يقول مراقبون في بريتوريا- بأنها لا يمكنها تجاهل دور المغرب المتنامي في إفريقيا، حيث تصدرت جنوب إفريقيا قائمة الشركاء التجاريين للمغرب برسم عام2022، تليها جيبوتي ثم تونس وكوت ديفوار، بما يمثل حوالي نصف المبادلات التجارية مع القارة.
و بلغ إجمالي مبادلات المغرب مع إفريقيا نحو 64,4 مليارات درهم برسم العام الماضي؛ منها 25,5 مليارات درهم كواردات، و38,8 مليارات درهم كصادرات.
و يراهن  المغرب وجنوب إفريقيا اليوم، على البراغماتية لتحل محل الاعتبارات الأيديولوجية التي كانت في الماضي، وهما على دراية تامة أكثر من أي وقت مضى بضرورة تنحية خلافاتهما لصالح التنمية والتعاون جنوب-جنوب؛ خاصة و أن جنوب إفريقيا تعتبر تاريخيًّا معقلا  رئيسيا لجبهة “البوليساريو” الإنفصالية.
أمام تزايد الإعتراف الدولي بمصداقية مبادرة الحكم الذاتي، و إعتراف عدد من الدول الإفريقية بمغربية الصحراء، من المرجح أن تتمخض الدبلوماسية المغربية عن دفع جنوب إفريقيا إلى فك ارتباطها بجبهة البوليساريو، و النظام العسكري الجزائري.
ان ما حدث في الآونة الأخيرة على الساحة الإفريقية يؤشر إلى تراجع نفوذ الجزائر التقليدي بعدد من العواصم الإفريقية، وذلك لأسباب داخلية منها الضائقة المالية التي تمر بها الجزائر منذ عامين بسبب تراجع عائدات النفط، وانسداد الآفاق السياسية في البلد، والصراع داخل الجيش.
معطيات  تخدم كلها التقارب الدبلوماسي بين الرباط و بريتوريا؛ حيث يسعى البلدان إلى طي صفحة الخلافات السياسية خاصة في قضية الصحراء؛ و تأسيس علاقات ثنائية نموذجية تخدم مصالحهما المشتركة و مصالح القارة الإفريقية.

تاريخ الخبر: 2023-08-19 12:24:48
المصدر: موقع الدار - المغرب
التصنيف: مجتمع
مستوى الصحة: 59%
الأهمية: 67%

آخر الأخبار حول العالم

القضاء يعزل بودريقة من رئاسة مقاطعة مرس السلطان

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-06 18:26:21
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 57%

مبديع من زنزانته بـ"عكاشة" يستقيل من عضوية مجلس النواب

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-06 18:26:05
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 60%

مبديع من زنزانته بـ"عكاشة" يستقيل من عضوية مجلس النواب

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-06 18:25:59
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 61%

ماكرون يطالب بمشاركة مبابي في أولمبياد باريس

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-06 18:25:48
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 50%

القضاء يعزل بودريقة من رئاسة مقاطعة مرس السلطان

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-06 18:26:17
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 64%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية