المجاهد أحمد حفصي يستعيد ذكريات هجومات 20 أوت 1955 : التحقت بالثورة في 14 من العمر و زيغود يوسف وافق بعد إلحاح

 
• هاجمنا مقر الاستعلامات الخاصة بالقنابل والرصاص وأسقطنا قتلى وجرحى

يعود، المجاهد أحمد حفصي، في هذه الشهادات التاريخية إلى مشاركته في هجومات 20 أوت 1955 بسكيكدة، وتكليفه بمهمة الهجوم على مقر شرطة الاستعلامات الخاصة الكائن في أسفل طريق "البولفار" باتجاه سطورة، وحانة للعدو بقرب السوق المغطى، ولقائه بالشهيد زيغود يوسف وكيف وافق الأخير على التحاقه بالثورة رفقة مجموعة من المناضلين، وانتقاله إلى منطقة الزمان لتحضير الهجومات، وكيف نجا من الموت ، وتنقله لجلب السلاح من تونس وغيرها من الشهادات الجديدة حول هجمات الشمال القسنطيني التي تؤرخ لمحطة مفصلية وهامة من كفاح الشعب الجزائري ضد المستعمر.

النصر نزلت ضيفة على المجاهد أحمد حفصي بمنزله العائلي الكائن بعمارة في حي بن حورية بمدينة سكيكدة، أين استقبلنا مع أفراد عائلته بحفاوة كبيرة ورحب كثيرا بنا وأبدى استعدادا كبيرا للإدلاء بشهادته عن مشاركته في الثورة بكل أمانة وصدق لتصل إلى الأجيال القادمة ليدركوا حجم التضحيات التي قدمها الآباء والأجداد في سبيل أن تبقى الجزائر حرة مستقلة وذات سيادة.
المجاهد أحمد حفصي، و رغم بلوغه من العمر 89 سنة لا يزال يحتفظ بذاكرة قوية، حيث يتذكر جيدا أن التحاقه بالثورة كان بعد توقفه عن الدراسة وعمره لا يتجاوز 14 سنة أين انضم إلى الحركة الوطنية، وشرع في نشاطه حيث كان يقوم ليلا بكتابة الشعارات في الجدران مثل "الحرية للجزائر"، وواصل نشاطه داخل المدينة إلى غاية انطلاق ثورة التحرير، وفي 1955 قرر الصعود إلى الجبل والالتحاق برفاق السلاح لمواصلة النضال والكفاح ضد المستعمر، وشرع رفقة شخصين آخرين في البحث عن طريقة تمكنهم من الوصول إلى موقع تواجد المجاهدين.
زيغود وافق على التحاقنا بالجبل بعد إلحاح
وأكد المتحدث، أن الوصول إلى الجبل لم يكن سهلا فقد اضطروا للبحث عن شخص يوصلهم إلى موقع تواجد المجاهدين "قصدنا مجموعة من الشبان من مشتة عين حلوف ببلدية امجاز الدشيش يأتون دوريا إلى مدينة سكيكدة من أجل التسوق، ولما تأكدنا من تردد المجاهدين على تلك المنطقة طلبنا أن يرتبوا لنا لقاء، وفي ذلك اليوم تنقلنا بين صلاتي العصر والمغرب موعد مجيء المجاهدين إلى المنطقة ولما وصلنا إلى أحد المنازل بمشتة عين حلوف دخل علينا مجاهد يرتدي مظلية على رأسه ويحمل رشاشا، وكان ذلك الشخص هو زيغود يوسف فسألنا ماذا تريدون ؟ قلنا نريد الصعود إلى الجبل فكرر سؤاله مرة ثانية كيف لكم أن تصعدوا إلى الجبل وأنتم تعيشون في المدينة ؟ وأكد لنا بأن الالتحاق بالجبل أمر صعب خاصة وأنكم صغار في السن، لكننا جددنا رغبتنا في الجهاد والدفاع عن الثورة، حينها ظل زيغود يفكر ويمعن النظر فينا برهة من الزمن وطلب منا أن نكتفي بتقديم المساعدة والدعم من وسط مدينة سكيكدة ولما تأكد من رغبتنا الشديدة وإصرارنا في الالتحاق بالمجاهدين في الجبل أخذ ورقة وقلم ودون فيها معلومات ثم سلمها لشخص من المشتة وطلب منه إيصالنا إلى منطقة حيث تتواجد مجموعة سي إسماعيل".


سي إسماعيل طلب منا أداء القسم على المصحف لخدمة الثورة بإخلاص
وتابع المتحدث "لما وصلنا إلى المكان المعني دخلنا إلى المنزل وجدنا فوج سي إسماعيل وبرفقته الكثير من المناضلين من أبناء سكيكدة ولما قرأ سي إسماعيل رسالة زيغود يوسف قام بإحضار المصحف وطلب منا أداء القسم من أجل خدمة الثورة بأمانة وإخلاص وبعدها تم تجندينا في فوج سي إسماعيل وشرعنا في العمل من خلال تنظيم الشعب وتوعيته وتحسيسه، ومن أجل اختبارنا ومعرفة مدى تمسكنا بخدمة الثورة كلفنا سي إسماعيل في جوان أو جويلية من عام 1955 بمهمة وكنا حينها حوالي 17 شخصا حيث منح كل واحد فينا قنبلة مصنوعة من الإسمنت من الحجم الصغير وأرسل كل واحد فينا إلى مكان معين وأتذكر أنه أرسلني إلى حانة بقرب السوق ورفيقي إلى مقر الشرطة وعندما اقترب توقيت التفجير سمعت دوي انفجار وشاهدت الجميع يجري يمينا وشمالا نظرت إلى الساعة قلت في نفسي إن موعد الانفجار المحدد لم يحن بعد، وتساءلت لماذا قاموا بتفجير القنابل قبل الوقت المحدد ؟ حينها أخذت عود ثقاب وقمت بإشغال القنبلة ويدي ترتعش بحكم أنني صغير ولأول مرة أقوم بهذا الفعل لكن لسوء حظي لم يشتعل عود الكبريت وانطفأ وكذلك نفس الشيء في المرة الثانية لكن في المرة الثالثة اشتعلت ورميتها في داخل الحانة وغادرنا إلى نواحي الحدائق".
و يقول المجاهد أنه "في اليوم الموالي التقينا بمنطقة الحدائق وحضر الاجتماع جمع من المناضلين أحدهم أحضر معه جريدة (لاديباش) من قسنطينة التي تناولت بالتفاصيل التفجيرات التي وقعت بمدينة (فيليب فيل) سكيكدة اليوم، وتحدثت الجريدة عن تسجيل انفجار 9 قنابل فقط من بينها القنبلة التي ألقيتها في الحانة من ضمن 16 أو 17 قنبلة عندها استغرب سي إسماعيل وألقى باللوم على عدد من المناضلين وعاتبهم بشدة لأنهم قاموا بتفجير القنابل قبل التوقيت المحدد وأفسدوا العملية على بقية المناضلين وأتذكر أن كلامه كان موجها إلى مناضل من واد زناتي وآخر يدعى لوصيف وقام بمعاقبتهما".
"وبعد هذه العملية اتصل بنا زيغود يوسف وانتقلنا إلى منطقة الزمان التاريخية رفقة فوج سي إسماعيل وعقدنا اجتماعا تحضيرا لهجمات 20 أوت 1955 وشهد هذا الاجتماع حضور جمع كبير من المناضلين فأمر زيغود مجموعة بالرجوع إلى المدينة وخدمة الثورة من هناك، فيما قام بإرسال كل شخص لجهة معينة، و منها الحروش، فلفلة سكيكدة وعزابة، مع المرور على المشاتي والقرى لجمع كل ما نحتاجه في هذه الهجمات من عصي سواطير، قضبان حديدية، فؤوس، وفي 20 أوت 1955 اجتمعنا في المحجرة وكان برفقتي 15 مناضلا بينهم شخص يدعى ساكر رشيد وطلب مني التوجه إلى مقر أمن شرطة الاستعلامات الخاصة بأسفل البولفار طريق سطورة ومنحني مسدس بـ 10 طلقات، بينما يحمل رفيقي رشيد قنبلة والبقية حاملين سواطير متجهين إلى المدينة رفقة مجاهدين انتشروا في مختلف الأزقة والأحياء وسبقنا هناك مجاهدون انتشروا في مختلف الأحياء والشوارع"، يضيف عمي أحمد.
و يواصل المجاهد سرد الوقائع التي كان أحد صناعها قائلا "توجهنا إلى المنطقة من ناحية 7 بيار وهناك تفرقنا وبقي برفقتي رشيد، وبينما كنت واقفا أمام بوابة مقر الأمن خرج شرطي وقال لي ماذا تفعل هنا في هذه اللحظة قام رشيد بتفجير القنبلة ثم نادى علي وقمت بمباشرة إطلاق النار على الشرطي فشاهدته يسقط ، بينما قام رشيد بالفرار وفي طريقي صادفت سيارة على متنها فرنسيين فقمت بإطلاق أربع طلقات لم أتأكد من الحصيلة ولما وصلت إلى مصنع تعليب السردين اختبأت لأن الأجواء كانت مشحونة حينها شاهدت فرنسيين اثنين قادمين من حومة الطليان فأطلقت عليهما النار فأصبت أحدهما، بينما تمكن الثاني من الفرار بعدها اتجهت مباشرة إلى الشاطيء الأخضر طريق سطورة ومنها حاولت الدخول إلى المدينة ناحية الباطوار ولما شاهدت الدرك الفرنسي توجهت إلى سيدي أحمد ومكان يسمى 4 طرق كنت حينها أسمع الطلقات النارية من طرف الفرنسيين والشعب يجري من هنا وهناك وأعمدة الدخان تغطي السماء ثم توجهت إلى الشاطيء الكبير ثم وادي بيبي إلى غاية وصولي إلى الفوج، وكنا نقوم بعدة عمليات وكمائن في منطقة فلفلة للعساكر الفرنسيين زرعت فيهم الرعب".


وتابع المتحدث " بعد أن تأكدوا بأن الفوج الذي أنتمي إليه نشط قاموا بإرسالنا إلى عنابة حيث توجهنا إلى صنهاجة، ثم جبل إيدوغ ودخلنا إلى عنابة و قمنا بإحراق المحجرة وواصلنا نشاطنا بين صنهاجة عزابة وأحرقنا مزرعة".
هكذا جلبنا السلاح من تونس في 1956
كما تحدث المجاهد عن تنقله في 1956 إلى تونس مع فوج من المجاهدين لجلب السلاح " عند وصولنا إلى ساقية سيدي يوسف مرورا بسوق أهراس كدت أن ألقى حتفي بسبب التعب الذي نال من جسمي خاصة في الأرجل أين تم نقلي إلى منطقة (تيزروين) للعلاج وفي اليوم الموالي حضرت طائرات العدو وقامت بقصف المنطقة وبقيت هناك حوالي 6 أشهر لكن سرعان ما قررت الرجوع إلى الجزائر لأن الأوضاع غير مستقرة في منطقة الكاف وانتظرت حضور شاحنة الخبز وركبت فيها خفية لكن شخص يدعى محجوب تفطن لأمري وطلب مني البقاء لكن رفضت وأجبته بكوني متوجها لإكمال جهادي بالجزائر وأكملت طريقي ضمن موكب من 5 شاحنات كانت مسلحة جيدا ومزودة بالمؤونة وفي طريقنا صادفنا الأسلاك الكهربائية ولم نجد من حل سوى الحفر أسفل خط السكة الحديدية من أجل العبور لكن وبما أن عملية العبور الواحد تلو الآخر تتطلب وقتا بحكم كثرة العدد الذي ناهز 500 شخص قمنا مباشرة بقطع الأسلاك وكان ذلك ليلا بالموازاة مع إطلاق كثيف للنار من العدو فقمنا بالرد عليهم، ثم توجهنا إلى الجبال و كنت مع مجموعة من 7 أشخاص، ومع بزوغ فجر الصباح بدأت قوات العدو تصل تباعا إلى المنطقة حينها توجهنا إلى الشعبة حاملين السلاح ورغم مرور قوات العدو بجانبنا لكن ولحسن الحظ لم يكتشفوا أمرنا، وقاموا بعدها بإطلاق النار على المجموعة التي تختبيء في الصخور وأسفر الاشتباك عن سقوط قتلى".
 وتابع أنه وبقية رفاقه واصلوا السير إلى غاية طريق (ماونة) بالحدود المتاخمة مع ولاية قالمة و "بقينا هناك مختبئين إلى غاية المساء انطلقنا باتجاه صنهاجة، وبوصولنا إلى الحامة تراءت لنا مجموعة في بداية الأمر اعتقدنا أنهم عساكر فرنسا لكن باقترابنا تأكدنا أنهم من الجيش الجزائري وبالتحديد من منطقة المرسى اقترحوا علينا المكوث عندهم، ثم انضممنا إلى مجموعة رزاقي رحمه الله".
أصبت في اشتباك وبقيت 3 أيام مختبئا بدون أكل و شرب
وأضاف المتحدث أنه في هذه الفترة قام بعدة عمليات "أتذكر أنه طلب منا القيام بعملية في صنهاجة وبالتحديد ليلا وكنت حينها قائدا للمجموعة وصلنا إلى قاعدة الحياة ودخلنا في اشتباك مع العدو فأصبت بكسر في رجلي لدرجة أنني لم أستطع إطلاق النار واضطررت للمشي زاحفا على بطني و قنابل العدو تتطاير في السماء ولحسن الحظ لم تصبني وواصلت السير في منحدر وكانت الدماء تسيل من رجلي فقمت بتمزيق قميصي وربطتها ومكثت في مكاني لثلاثة أيام بين الحياة والموت لا مأكل ولا مشرب، وبالصدفة شاهدت عدة أشخاص يمرون بالقرب مني ناديتهم فلم يسمعوني حتى اليوم الموالي شاهدني أطفال اقتربوا مني وقالوا هذا من (الرباعة) أي من جماعتنا تقدموا لكي يحملوني لكنهم لم يستطيعوا فحملوني لمسافة قصيرة قرب حشائش الريحان وطلبوا مني التزام المكان ثم أخذوا سلاحي واتجهوا نحو منطقة مسوسة حيث تتواجد مجموعة رزاقي وبعد فترة اقترب مني شخص وأحضر لي اللبن وكسرة الشعير وآخر أحضر الماء في حذاء بلاستيكي (بوط) قام بغسله وتنظيفه جيدا حتى لا يكتشف أمره من قبل العدو، ولما اقتربت صلاة المغرب حضر طفلان وأكدا لي أن الجماعة ستأتي لأخذي وما هي إلا لحظات حتى سمعت صوتا يقترب مني ينادي الحفصي في بداية الأمر ظننت أن العسكر الفرنسي قام بمحاصرة المكان ثم تقدم من أفراد الجماعة وحملوني على ظهر حمار ونقلوني باتجاه منطقة رأس الحديد بالمرسى وهناك تم علاجي وبقيت حوالي 10 أشهر وأتذكر أن قوة كبيرة من الجنود الفرنسيين كانت تمر بالقرب منا ولحسن الحظ لم يصلوا إلى مكان تواجدنا وبقيت في النشاط ضمن الثورة إلى غاية الاستقلال".
 كمال واسطة

تاريخ الخبر: 2023-08-20 15:25:34
المصدر: جريدة النصر - الجزائر
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 58%
الأهمية: 66%

آخر الأخبار حول العالم

تقارير.. 3 أندية سعودية تسعى للتعاقد مع مورينيو

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-07 18:26:05
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 53%

شرطة أمستردام تفرق اعتصاماً طلابياً للتضامن مع غزة

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-07 18:26:18
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 56%

شرطة أمستردام تفرق اعتصاماً طلابياً للتضامن مع غزة

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-07 18:26:12
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 68%

بوريطة يستقبل وزير خارجية مملكة البحرين

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-07 18:26:04
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 59%

تقارير.. 3 أندية سعودية تسعى للتعاقد مع مورينيو

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-07 18:26:11
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 50%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية