بقــلم: م. منــير وصــفي بطـــرس

باحث في موسيقى الألحان القبـطية

مـــدرس مــــادة اللــــحن الكنـــسي

بمعــــهـــد الرعـــــاية والتـــــربيــة

أُهنئكم إخوتي الأعزاء بمناسبة عيد إِصعاد جسد السيدة العذراء مريم والدة الإله، مُستكملاً الشرح والتأمل في لحن “الشِيرات”.

الفِكرة الموسيقية الثانية (B):

وتشمل الأربعة أرباع التالية من الشيرات الأولى، وموضوعُها عبارة عن فكرتين أساسيتين:

الفكرة الأولى: تتكلم عن القديسة العذراء مريم بالنسبة لأنها الوسيلة التي تمَّ بها الخلاص، فكل البشرية كانت منتظرة خلاص المسيح منذ سقوط آدم وحواء، وفي مِلء الزمان اختارها الله ليتجسد منها وتصبح أمَّ الله الفادي؛ ولذلك اعتُبِرَت رجاء خلاص المسكونة، وبسببها عُتِقنا من لعنة حواء، ومن أجلها صرنا مسكن للروح القدس، فهي التي حلَّفيها الله ليُولد منها فأصبح انساناً، مُقَدِّساً بذلك جِنس البشرية كله، وبواسطة الخلاص الذي تمَّ على الصليب انفتحت السماء على الأرض وحلَّ الروح القدس على المؤمنين فصاروا هيكلاً للروح القدس عاملاً فيهم وبِهم.

ثم تأتي الفكرة الثانية: وهي تأكيد لموضوع “الشيرات”بصورة عامة، وهو ظهور الملاك جبرائيل للعذراء وكلامه إليها قائلا: “السلامُ لكِ يا ممتلئة نعمة”، واخبارها بأن الروح القدس سوف يَحِل عليها وقوة العلى تظللها والقدوس المولود منها يُدعى ابن الله، وتُعتَبَر هذه الفكرة حَجَر الأساس الذي بُنِيَت عليه “الشيرات”.

وبهاتين الفِكرتين استغَلَّت الكنيسة وَضع صِيغة موسيقية أخرى مُطَوَّلة نوعاً، بأسلوب نَغَمي تَطول فيه الجُملة اللَّحنية بعدد محدود من النغمات على كل حرف لفظي، وهذا الأسلوب يُعطي فرصة للتأمل في كل كلمة على حِدَة، مع وجود سرعة إيقاعية متوسطة تُعَبِّرعن الجَدِّية والنشاط الممزوجَين بالفرح لتعبرعن هذه الأفكار بوضوح.

الفكرة الثانية طقسياً:

هذه الفكرة الموسيقية في الطَقس الكنسي تُقال في العديد من أجزاء “الليتورجيا”، في لحن “تين أويه إنسوك” بعد الهوس الثالث، وفي بداية “الذكصولوجيات الواطس”، وفي “الألباش الواطس” التي تُقال في أيام الأربعاء والخميس والجمعة ومعها “شِيرات” السبت بعد “الثيئوتوكيات”، ثم يقال نَفس اللَّحن في مَرَد الإنجيل السنوي.

الفكرة الثانية موسيقياً:

وهذه الفكرة الموسيقية مَبنِيَّة أيضاً على مقام (البياتي)،بإيقاع ثنائي (ويمكن أن يكون إيقاعاً رباعيأً أيضاً )، وهو عبارة عن جُملة موسيقية طويلة، إحساسُها إيقاعي مُفرِح نشيط، تنتهي على نغمة (النوى أو الصول) كنوع من السُّؤال، ثم تُكَرَّر مرة أخرى لتنتهي على أساس السلم على نغمة (الدوكاه أو الرى)، وبهذا تَكتَمِل الصورة الموسيقية لهذه الفكرة ونُسَمِّيها هنا (B)، ويُصبح قالِب هذه الفكرة (B1, B2, B3, B4)

الفكرة الموسيقية الثالثة (C):

وتبدأ بالأربعة أرباع الأخيرة من الشيرات الأولى وتَكمُل حتى نهاية الشِيرات الثانية، وتُستَكمَل فيها باقي أفكار اللَّحن وموضوعه، وتتميز هذه الفِكرة بالسرعة والنشاط والحيوية وإيقاعها في صورة (مارش)، وفيها نُمَجِّد العذراء التي حَمَلَت الله الكلمة، وكما كان تابوتُ العَهد الحالّ فيه الله يَمُر وسط الشعب في هيبة وجلال، مثالاً للعذراء الممتلئة نعمة التي حلَّ في أحشائِها ربُّ الكَون كله، وربما يُذَكِّرنا هذا بالتَّحية العسكرية التي تُعطَى للقادة؛ فهكذا نحن نقف أمام أيقونة العذراء نُعطيها المَجد والتَّحية والإكرام اللائقة بها، ولا تَخلو هذه التَّحية أيضاً من مشاعر الحُب تجاهها،ولذلك تبدأ في أغلب هذه الأرباع بكلمة “شيرى” (السلام)،ويُفَضَّل في أداء هذا الجُزء أن نَعيش هذا الإحساس لنُعطي المعنى المطلوب، فالعذراء هي (فخرُنا ورجاؤنا وثباتُنا في ظُهور إلهنا ربنا يسوع المسيح)، طالبين منها أن تشفع لأجلنا أن يُنعِم الله علينا بمغفرة خطايانا.

الفكرة الثالثة موسيقيا:

وهي فِكرة موسيقية بسيطة جداً، عِبارة عن جُملتَين موسيقيتَين مُتَطابقتَين على نَفس المَقام، وبسرعة تقريبية (حوالي 120 نبضة في الدقيقة)، بإيقاع ثنائي وكل جُملة تتكون من عِبارتَين (سؤال وجواب)، وهكذا تُكَرَّر الجُملة مرةً أخرى ونُسَمِّي الفِكرة (C) ، وبذلك يكون قالِب الفِكرة الثالثة الموسيقية التي تتكرر حتى نهاية الشيرات الثانية كالآتي: (C1, C2, C3……C16).

الفكرة الثالثة الموسيقية السريعة في أغلب الألحان تُعتَبَر شِعار المُناسبة الطقسية:

لقد أوجَدَت الكنيسة القبطية بحكمتها هذه الفِكرة السريعة في أغلب ألألحان الكنسية لتكون شِعار المناسبة الطَّقسية (في أجزاء “الليتورجية” كما في الفكرتين الأولى والثانية،يُضاف إليها الذكصولوجيات، ومجمع التسبحة، والمديحة العربية التي تقال في التوزيع) التي يَعيشها المؤمنون، وهي تَتَمَيَّز بالإيقاع والحركة والسرعة والنشاط؛ حتى تُلائم جميع أفراد الشعب فيَس

…