قال الخبير في الشؤون الدولية تاج الدين الحسيني أن تشبث قادة بلدان مجموعة “بريكس” بتعددية الأطراف، وفقا لمبادئ ميثاق الأمم المتحدة الذي يدافع عن الوحدة الترابية، ويدعو إلى عدم التدخل في شؤون الدول، والى التسوية السلمية للنزاعات، يؤكد التوجه العام الذي اعتمدته أغلبية الدول المكونة لهذا التكتل، وخاصة منها روسيا ، الصين وكذلك الهند.
وفي تصريح لـ”الأيام24″، أشار الحسيني، إلى أن معظم هذه الدول لها علاقات شراكات إستراتيجية معمقة مع المغرب، وذلك منذ الزيارات التي كان قد قام بها العاهل المغربي سنة 2015/2016 إلى تلك الدول.
وتابع المتحدث أن تلك الزيارات لم تكن بدافع المجاملة، ولم ترتبط بتوحيد الرؤية في قضايا محددة فقط، ولكنها كانت ذات طبيعة إستراتيجية، تضع الأسس لمستقبل أفضل لجميع الأطراف، وبالتالي تهم مجالات جد أساسية وحيوية ، وخاصة فيما يتعلق بتوظيف الأدرعة الاقتصادية المغربية، مشيرا إلى دور المكتب الشريف للفوسفاط في بناء معالم كبرى والدفع بعملية السماد الغذائي الذي أصبح اليوم من الحاجات الملحة والحيوية والضرورية، وبالتالي مبدأ المصلحة المشتركة ” رابح/ رابح ” يسيطر على هذه العلاقات بقوة .
وبحسب الحسيني فإن الدول المنضمة لمجموعة “بريكس” دائما ما تتمسك بالمواقف التي تعبر عنها الأمم المتحدة وبالتالي من الطبيعي جدا أن نلمس في هذا التصريح نوعا من التماهي مع ما ذهب إليه مجلس الأمن في كل قراراته منذ 2007 إلى اليوم، باعتبار أن مجلس الأمم المتحدة كان دائما يشيد بالموقف المغربي وبتعددية الأطراف، وبالتالي فإن قضية الصحراء لا تفصل بين أربعة أطراف في إطار موائد مستديرة.
وبخصوص رفض “البريكس ” قبول عضوية الجزائر، قال الأستاذ تاج الدين أن هذا الرفض يؤكد أن كل ما ذهب إليه النظام العسكري في الجزائر من إلحاح على القادة الروسيين، وغيرهم، من أجل استقطابهم لقبول انضمام الجزائر داخل “المجموعة”، بالإضافة إلى ما تم دفعه من مبالغ طائلة للصندوق الخاص بالبريكس كمحاولة للدفع بهذه العملية، قد ذهب سدى ومنيت محاولاتها بالفشل، كون “البريكس” لحد الآن لم تقم باعتبار الجزائر كطرف رغم أنه في حاجة إلى طرف يساند هذا التنظيم الجديد على المستوى الإفريقي، وهذا يؤكد في المقابل الحياد الإيجابي الذي تمارسه هذه الدول، التي يعتبر البعض منها مؤسسا رئيسيا ل”حركة عدم الانحياز”.
وعن ما إذا كان قرار”البريكس” هذا قد يغير من موقف المغرب تجاه الانضمام إلى المجموعة مستقبلا، قال الخبير في الشؤون الدولية أن مسألة انضمام المملكة للبريكس ليست بالشيء المستحيل بل انضمامه متعلق بالموضوعية ومرتبط بالتوافقات التي قد تقضي بها هذه البلدان.
ووفق الحسيني، فإن الدبلوماسية الحقيقية ليست هي دبلوماسية المظاهر أو الأخبار العامة، بل هي دبلوماسية المسارات الخفية، والبلدان التي لها مصالح تؤكدها ضرورة البحث عن شركاء قد تبادر في أخذ هكذا مواقف تسير في تنسيق مشترك قد يؤدي فيما بعد إلى التفكير في الانضمام.
واستطرد المتحدث أنه في نفس الوقت لا ينبغي أن ننسى أن للمغرب مرجعياته المرتبطة باختياراته منذ الاستقلال وهي منع الحلف الوحيد، ومنع الأنظمة العسكرية، وليبرالية السوق ..كل هذه الاختيارات حسب الحسين تفرض على المغرب أن يسير في اتجاه معين حتى ولو أن البريكس مجرد تجمع ذو طبيعية اقتصادية يهدف إلى تحقيق مصالح مشتركة.