استمرت تقلبات أسعار النفط الخام، حيث تلقت دعما من المخاوف المتعلقة بإمكانية تأثير عاصفة مدارية قبالة ساحل الخليج الأمريكي في الإمدادات، مقابل ضغوط هبوطية متمثلة في توقعات زيادات محتملة أخرى في أسعار الفائدة في الولايات المتحدة.
وقال لـ «الاقتصادية»، محللون نفطيون: إن تحالف منتجي "أوبك+" من غير المرجح أن يعود مرة أخرى إلى حالة الحد الأقصى لإنتاج النفط خلال العام المقبل، حيث يسعى كثير من الدول الأعضاء إلى الحفاظ على مستوى قوي لأسعار النفط، خاصة روسيا مع استمرار الحرب في أوكرانيا.
وذكر المحللون أن المجموعة تفضل دعم الأسعار حول مستوى 80 دولارا على الأقل للبرميل، مستبعدين العودة إلى زيادة الإنتاج إلا في حال حدوث نقص حاد في الطاقة.
في هذا الإطار، أكد سيفين شيميل، مدير شركة "في جي إندستري" الألمانية، أن "أوبك+" تواصل تقييم ظروف السوق من كثب، لافتا إلى جاهزية دول المجموعة لمعالجة تطورات السوق والاستعداد لاتخاذ إجراءات إضافية في أي وقت، والتماسك القوي بين "أوبك" والدول الشريكة المنتجة للنفط من خارج المنظمة.
ولفت إلى جهود السعودية الرامية إلى دعم استقرار سوق النفط الخام، خاصة الخفض الطوعي الإضافي بمقدار مليون برميل يوميا وتمديده إلى سبتمبر المقبل.
من جانبه، قال روبين نوبل مدير شركة أوكسيرا الدولية للاستشارات، إن معنويات الإقبال على المخاطرة في الأسواق تدعم أسعار النفط الخام، وذلك على الرغم من أن توقعات الطلب المتباينة واحتمال زيادة الإمدادات من إيران وفنزويلا أضعفت حماس المستثمرين.
وأضاف أن ارتفاع أسعار النفط تعثر في الأسابيع الأخيرة، حيث لا يزال تدهور توقعات الطلب في الصين، وهي أكبر مستورد للنفط في العالم، مستمرا، ويعد مصدر قلق للمتداولين، وذلك على الرغم من جهود دعم الأسعار عن طريق كبح العرض.
من ناحيته، ذكر ماركوس، كروج كبير محللي شركة "أيه كنترول" لأبحاث النفط والغاز، أن السوق النفطية تراقب بشدة التطورات الجيوسياسية التي لها انعكاسات واسعة على أسعار النفط واستقرار السوق، مبينا أن المحادثات الأمريكية مع إيران وفنزويلا تثير تكهنات بأن كلا البلدين سيعززان صادرات الخام.
وذكر أنه يجري اختبار مدى استمرارية الحد الأقصى لأسعار النفط الذي فرضته مجموعة السبع على الخام الروسي مع استمرار ارتفاع أسعار النفط، مشيرا إلى أن هيمنة الدولار الأمريكي في تجارة النفط العالمية أصبحت موضع تحدٍ.
بدورها، قالت مواهي كواسي العضو المنتدب لشركة "أجركرافت" الدولية، إن الحاجة إلى مزيد من إنتاج الهيدروكربونات في المستقبل باتت حقيقة راسخة، لافتة إلى تأكيد شركة "بريتيش بتروليوم" أنه حتى الحكومات الأكثر تأييدا لبرامج تحول الطاقة ترى أن الاستثمار في احتياجات الطاقة الفورية، مثل النفط والغاز أمر ضروري لدعم التنمية. وأوضحت أن تخفيضات إنتاج النفط التي تنفذها السعودية تأتي في إطار جهود حثيثة في قيادة منتجي "أوبك+" للعمل معا من أجل تحقيق استقرار السوق النفطية، وقد يتم تمديد أو تعميق التخفيضات وفقا لاحتياجات وتطورات السوق النفطية.
وفيما يخص الأسعار، صعد النفط أمس، حيث زاد خام برنت 63 سنتا إلى 85.05 دولار للبرميل، وارتفع خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 57 سنتا إلى 80.67 دولار للبرميل.
وضربت العاصفة إداليا غرب كوبا، الإثنين، وتحولت إلى إعصار تقريبا، بينما كانت تتجه صوب فلوريدا. ومن المرجح أن تتسبب العاصفة في انقطاع التيار الكهربائي، وقد تؤثر في إنتاج النفط الخام في الجانب الشرقي من ساحل الخليج الأمريكي. ويترقب المستثمرون بيانات مهمة عن الاقتصاد الأمريكي، في وقت لاحق من الأسبوع الجاري، من شأنها أن تساعد على تحديد مسار أسعار الفائدة هذا العام والعام المقبل.
وقال جيروم باول، رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، الجمعة: إن البنك قد يتعين عليه رفع أسعار الفائدة بشكل أكبر لتهدئة التضخم.
وسينصب التركيز هذا الأسبوع على مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي في الولايات المتحدة المقرر صدوره غدا الخميس وبيانات الوظائف غير الزراعية لأغسطس الجمعة.
ولا يزال المستثمرون قلقين بشأن التعافي الاقتصادي في الصين، وكذلك إزاء الطلب على النفط في ثاني أكبر مستهلكيه في العالم.
من جانب آخر، ارتفعت سلة خام "أوبك" وسجل سعرها 87.01 دولار للبرميل، الإثنين، مقابل 86.89 دولار للبرميل في اليوم السابق.
وذكر التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك"، أن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 13 خاما من إنتاج الدول الأعضاء بالمنظمة حقق ثاني ارتفاع عقب عدة انخفاضات سابقة، وأن السلة خسرت بضعة سنتات مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي الذي سجلت فيه 87.58 دولار للبرميل.
