ماذا عن مسئولية قيادة هذا الوطن؟
ماذا عن مسئولية قيادة هذا الوطن؟
لا تخلو وسائط التواصل الاجتماعي هذه الآونة من الخوض في ملف الانتخابات الرئاسية المقبلة العام القادم 2024, وذلك يتضمن الإشارة إلي شخصيات تنتمي إلي الخريطة السياسية والحزبية تتطلع للترشح لخوض سباق الانتخابات الرئاسية والمنافسة علي شرف تقلد ذلك المنصب الرفيع الذي يمثل قمة هرم السلطة في مصر… وتجدر الإشارة إلي أنه لا يمثل قمة هرم السلطة في مضمونها الزخرفي أو التكريمي, لأنه في الحقيقة يمثلها في مضمونها السياسي الأمني القومي بكل ما تحمله تلك المسميات من مسئوليات وأعباء جسام سواء علي مستوي السياسة الداخلية أو السياسة الخارجية أو توازنات المصالح الاستراتيجية المصرية في شتي المجالات.
إذا الأمر لا ينطوي علي مجرد الطموح للجلوس علي قمة هرم السلطة في مصر, إنما يستلزم امتلاك جميع عناصر التأهل للتعامل مع تحديات تفعيل كيفية مواجهة متطلبات استيفاء معايير الأمن الوطني المصري علي كل الأصعدة السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية المصرية داخيا أو خارجيا… وتلك معايير رهيبة جادة من شأنها الفرز بين من يستحق التأهل وبين من لا يمتلك سوي الطمع في التأهل.
وإذ أفتح هذا الملف المسكوت عنه أعود إلي عام 2017 لأستدعي حديث الرئيس السيسي مع رؤساء الصحف المصرية القومية والذي أشار فيه إلي تطلعه إلي تكتل عناصر الخريطة الحزبية المصرية واصطفاف عناصرها المتشرذمة في إطار تكتلات سياسية تبعا لأجنداتها السياسية بين توجهات اليمين والوسط واليسار, الأمر الذي يسمح بخلق كيانات سياسية قوية تستطيع مخاطبة الشارع المصري وترسيخ شخصيات قيادية مؤهلة لتداول السلطة سلميا… فماذا تم في هذا الصدد منذ سنوات ست؟!!
للأسف لم يتم أي تطوير في هذا الإطار… ولم تقدم الخريطة الحزبية علي أي مبادرة من شأنها تغيير واقع التشرذم الحزبي نحو خلق تكتلات حزبية قوية وقيادات تعد بقدرتها علي المنافسة وفي هذا الصدد تلح علينا مسئولية فتح صفحة مساءلة للخريطة الحزبية عما تتباهي به وعما تستشعره من مسئولية سياسية, حيث يبرز تحدي تقييم الواقع الدستوري لحرية تأسيس الأحزاب بمجرد الإخطار -ذلك الواقع البراق الذي أفرز ما يناهز المائة حزب سياسي في إطار خريطة حزبية هشة متشرذمة لا تربط أعضاءها مشتركات سياسية أو وطنية أو حزبية, فبقيت جزرا معزولة تبحث عن دور مفقود لا تستطيع إدراكه.
ويظل التحدي الوطني أمام هذه الخريطة الحزبية المتشرذمة أن تجد سبيلها نحو التكتل والاصطفاف ضمن كيانات قوية تجمعها سياسيا وتقدمها للشارع المصري في إطار العمل السياسي والوطني حتي تظفر بالقيمة الحقيقية لمخاطبة المواطن المصري وتصدير معايير الأمان والاطمئنان له للحصول علي تأييده.
ولازلت أري أنه إذا لم تأخذ الخريطة الحزبية المصرية بمسئوليتها في هذا الصدد, هناك مسئولية تاريخية تقع علي عاتق لجنة تأسيس الأحزاب التي تستحوذ علي السلطة الدستورية لحق تأسيس الأحزاب, حتي تضطلع بدعوة سائر الأحزاب المصرية تبعا لأجنداتها السياسية التي تأسست بموجبها لأن تصطف في كتل سياسية موزعة علي أحد الكيانات الآتية: اليمين, يمين الوسط, الوسط, يسار الوسط, واليسار… وتلك الكيانات من شأنها أن تخاطب الشارع المصري بتوجهاتها السياسية وبرامجها في مختلف النواحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية بما يسمح بخلق وعي اجتماعي مؤيد أو معارض لها…
بدون هذه الآلية وبدون تلك التكتلات لا يمكن ضمان خلق مناخ وطني يستحق المراهنة عليه لاستلام مسئولية قيادة الوطن.