إطلاق الرصاص على رأس فلسطيني يضع استخدام إسرائيل للقوة تحت المجهر

التعليق على الصورة،

عميد، كهربائي يبلغ من العمر 33 عاماً، يرقد في العناية المشددة منذ حوالي أسبوعين بعد إصابته برصاص جنود إسرائيليين.

  • Author, توم بيتمان
  • Role, مراسل بي بي سي لشؤون الشرق الأوسط

يتردد صدى صوت طلقة واحدة في أرجاء الشارع بينما يهرب رجل يرتدي قميصا أبيض من المكان الذي شوهدت فيه سيارة جيب عسكرية إسرائيلية.

في تلك اللحظة شوهد الرجل ملطخاً بالدماء وسقط أرضاً.

كان عميد الجاغوب الأعزل يهرع على ما يبدو لمساعدة رجل جريح، عندما أصيب برصاصة في مؤخرة رأسه خلال مداهمة قوات إسرائيلية لقرية بيتا بالضفة الغربية المحتلة.

وبعد مرور ما يقرب من أسبوعين، لا يزال الشاب في حالة حرجة في العناية المشددة.

وتعد لقطات الهاتف المحمول للحظة إصابة الشاب البالغ من العمر 33 عاماً من بين أوضح الوثائق في السنوات الأخيرة لاستخدام القوات الإسرائيلية للقوة المميتة ضد فلسطيني أعزل.

تخطى قصص مقترحة وواصل القراءة
قصص مقترحة
  • العلاقة الغرامية التي قادت مؤثرة تيك توك ووالدتها إلى ارتكاب جريمتي قتل
  • برنامج أمريكي يضطر إسرائيل إلى السماح لمواطنين من غزة بالسفر عبر موانئها الدولية
  • سكان ناغورنو كاراباخ 'يصابون بالإغماء في طوابير الخبز'
  • بريغوجين يُدفن إلى جانب والده في جنازة خاصة مع غياب التكريم العسكري

قصص مقترحة نهاية

وهذا الحادث هو أحدث الأمثلة التي تسلط الضوء عليها جماعات حقوق الإنسان، التي تقول إن معدلات الضحايا بسبب ما تصفه بالاستخدام "غير المبرر" للقوة هي في أعلى مستوياتها منذ عقدين.

ويأتي ذلك مع غرق الضفة الغربية في أزمة عنف تنطوي على عدد متزايد من الهجمات القاتلة التي يشنها الفلسطينيون ضد الإسرائيليين، وتزايد العنف من قبل المستوطنين الإسرائيليين، وسلسلة من المداهمات العسكرية الإسرائيلية المميتة للمدن الفلسطينية.

  • تزايد مخاوف الفلسطينيين مع تصاعد هجمات المستوطنين الإسرائيليين
  • غضب إثر نشر نتائج تحقيق الجيش الإسرائيلي في قتل الطفل الفلسطيني محمد تميمي
  • مستوطنون يهاجمون قرى بالضفة الغربية بعد مقتل إسرائيليين اثنين
تخطى البودكاست وواصل القراءة

بودكاست أسبوعي يقدم قصصا إنسانية عن العالم العربي وشبابه.

الحلقات

البودكاست نهاية

لا يزال الشارع ملطخاً بالدماء وسط الخراب والأوساخ المتراكمة في ورش إصلاح السيارات على جانب الطريق، بينما يتنافس أطفال على دراجة للبالغين.

القرية تدرك تماماً مدى المعاناة في الضفة الغربية.

ويقول الأطباء إن جاغوب قد يفارق الحياة، أما عائلته فتتمنى حدوث معجزة، لكنها في نفس الوقت تعلم أنه إذا ظل حياً، فسيعيش مع أضرار بالغة في الدماغ.

وقال الدكتور صفوان فياض، أخصائي العناية المشددة، لبي بي سي: "لقد أصيب هذا الرجل لكي يموت".

وداهمت القوات، بيتا في 21 أغسطس/آب لاعتقال أحد السكان. ووفقاً لأحد السكان المحليين، تعتقد القوات أن عائلة الرجل يمكن أن تعرف مكان وجود المسلح الذي قتل قبل أيام اثنين من الإسرائيليين - أب وابنه - في مغسل سيارات في بلدة حوارة القريبة.

وأثار هذا الهجوم موجة من الاعتقالات العسكرية ومداهمات لجمع المعلومات الاستخبارية بينما كانت القوات تبحث عن المشتبه به الذي لا يزال طليقاً.

وقام السكان برمي الحجارة على ناقلات الجند المدرعة عند دخولها القرية. وقال شهود لبي بي سي إن ضباط شرطة الحدود شبه العسكرية الإسرائيلية، خرجوا من سيارة جيب توقفت في أعلى الشارع حيث انضم جاغوب إلى ثلة من الشباب والمراهقين.

وقال الشهود إنه أثناء فراره من المنطقة التي تتمركز فيها القوات، أطلق أحدهم النار عليه لتصيب مؤخرة رأسه.

ويظهر في اللقطات جاغوب في الثواني التي سبقت إصابته، وهو يتجه نحو مجموعة تحمل جريحاً على نقالة.

وفي وقت سابق، ورد أن أحد أفراد القوات الخاصة بالشرطة قد اقترب من شخص آخر، يدعى محمود عليان، وقال له "اذهب وأخبر هؤلاء الأطفال أن يبتعدوا عن هنا لأنني هنا لأقتل". وقال إن الضابط، الذي تحدث معه بالعبرية، كرر العبارة مرتين.

التعليق على الصورة،

دعت منظمة هيومن رايتس ووتش إلى رد دولي على استخدام إسرائيل للقوة المميتة في الضفة الغربية.

ولم ترد شرطة الحدود الإسرائيلية على أسئلة بي بي سي حول أقوال عليان.

وعندما سئلت القوة عن قضية جاغوب، لم توضح سبب إطلاق النار عليه بالتحديد. وقالت في بيان إن قواتها واجهت "أعمال شغب عنيفة" في بيتا "عرضت حياة قوات الأمن الموجودة للخطر".

وجاء في التقرير: "مع تزايد أعمال الشغب، ارتفع مستوى رد قوات الأمن. بالإضافة إلى ذلك، ردت القوات باستعمال ذخيرة من عيار 0.22 والرصاص الحي. وتم التعرف على الإصابات".

وغالباً ما ينتاب الأسرة شعور بالقلق على الأطفال، لذلك، يبقى ابن جاغوب الصغير (ينال) في منزل العائلة مع جده.

ويعمل جاغوب كهربائياً، إذ أنه في معظم الأوقات يمر بنقاط التفتيش العسكرية إلى إسرائيل التي قد تساوي أجرة العامل فيها خمسة أضعاف ما هي عليها في الضفة الغربية.

ويقول غالب، والد جاغوب: "هذا عمل قاسٍ وجبان، لأنه كان في طريقه للقيام بعمل إنساني. ولم يكن يحمل حجرا أو سلاحا أو أي شيء".

ويقول لبي بي سي: "إن أطفاله صغار ولا يدركون ما حدث، لكنهم يسألون عنه طوال الوقت".

وتقول عائلته إنها تلقت مكالمات من جماعات حقوق الإنسان في إسرائيل، وكذلك من وسائل الإعلام الإسرائيلية بعد لقطات إطلاق النار التي تم تداولها على نطاق واسع على وسائل التواصل الاجتماعي. لكنهم غير متأكدين فيما لو كان ذلك سيحدث فرقاً أم لا.

وعلى الرغم من المراجعات التي تعلن عنها القوات الإسرائيلية لحوادث مماثلة، فإن الغالبية العظمى من الحالات لا تؤدي إلى ملاحقات قضائية أو مساءلة حقيقية.

وفي حالة جاغوب، قالت وزارة الخارجية الأمريكية، التي أصبحت صريحة بشكل غير عادي بشأن بعض الممارسات الإسرائيلية في الضفة الغربية، خاصة في ضوء تزايد عنف المستوطنين، إنها "منزعجة" من التقرير الذي أفاد بأن "إسرائيلياً أطلق النار على مدني فلسطيني أعزل" من الخلف بينما كان الأخير يبتعد عن موقع إسرائيلي، ودعت إلى إجراء تحقيق شامل والمحاسبة الكاملة".

ويقول سعيد، شقيق جاغوب، الذي يزوره يومياً بينما هو ضريح فراشه: "إن العالم لا يفعل شيئاً من أجلنا، وعلى الرغم من أننا نناشد المجتمع الدولي دائماً، لأن الهجمات الإسرائيلية تتزايد".

وجدت بيتا نفسها في قلب أعمال العنف المتصاعدة في الضفة الغربية في مايو/أيار 2021، عندما أنشأت مجموعة مستوطنين إسرائيليين نقطة إفياتار الاستيطانية القريبة، مما أدى إلى فصل القرية الفلسطينية عن جزء من أراضيها.

التعليق على الصورة،

انتشرت لقطات مصورة لعملية إطلاق النار على نطاق واسع على وسائل التواصل الاجتماعي

وبنى المستوطنون المستوطنة في انتقام واضح لمقتل يهودا جوتا، طالب المدرسة الدينية البالغ من العمر 19 عاماً، الذي قُتل بالرصاص على يد فلسطيني أمريكي جاء من بلدة تبعد 20 كيلومتراً عن بيتا.

وبموجب القانون الدولي، جميع المستوطنات غير قانونية رغم أن إسرائيل تعترض على ذلك.

والبؤرالاستيطانية مثل إفياتار غالباً تقترن بالاستيلاء على الأراضي الفلسطينية المملوكة للقطاع الخاص، وهي أيضا غير قانونية بموجب القانون الإسرائيلي.

وفي العام الذي تلا إنشاء إفياتار، قتلت القوات الإسرائيلية تسعة فلسطينيين، ثمانية منهم من بيتا، خلال الاحتجاجات الأسبوعية ضد البؤرة الاستيطانية، وفقاً لمنظمة حقوق الإنسان الاسرائيلية "بتسيلم".

التعليق على الصورة،

شهدت الضفة الغربية تصعيدا في أعمال العنف مع هجمات دامية نفذها فلسطينيون ضد إسرائيليين، وغارات عسكرية إسرائيلية، وأعمال عنف من جانب المستوطنين الإسرائيليين.

وتقول ساريت ميخائيلي، مسؤولة المقاضاة الدولية في المنظمة، إن القرية "دفعت بالفعل ثمنا باهظا" لنمو البؤر الاستيطانية غير القانونية في منطقة نابلس.

وشبهت الأمر بما جرى خلال المظاهرات التي جرت حول بيتا، وأرجعت إصابة جاغوب إلى "قواعد إطلاق النار" من قبل القوات الإسرائيلية.

وتقول: "من المهم التأكيد على أن هذا ليس حادثًا منعزلاً... نحن نتحدث عن سياسة شاملة تتمثل في استخدام القوة المميتة".

وأضافت: "حقيقة أن بعض الأشخاص كانوا يلقون الحجارة و بأن الجنود أو ضباط شرطة الحدود كانوا يشتبكون مع الفلسطينيين لا يمنحهم ببساطة سلطة إطلاق النار على رأس شخص أعزل".

وبموجب القانون الدولي، يُعرّف استخدام قوات الأمن للأسلحة النارية ضد المدنيين بأنه الخيار الأخير ولا يمكن أن يتم إلا لوقف "تهديد وشيك للحياة أو الإصابة الخطيرة".

وترفض إسرائيل بشكل روتيني اتهامات جماعات حقوق الإنسان، قائلة إن قواتها تعمل لحماية المدنيين الإسرائيليين وإن القوة المميتة ضرورية ضد ما وصفه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بـ "موجة الإرهاب" الحالية في الضفة الغربية.

وقتل ما لا يقل عن 220 فلسطينيا في الضفة الغربية وقطاع غزة، و33 إسرائيليا، منذ بداية هذا العام.