لماذا يجب رفع جريمة خفر السواحل الجزائري إلى المحكمة الجنائية الدولية؟


الدار/ عبد الله النهري

الاعتراف سيد الأدلة. واعتراف وزارة الدفاع الجزائرية بمسؤولية حرس السواحل عن مقتل مواطنين مغربيين كانا قد ضلا طريقاهما أكبر دليل على أن الجيش الجزائري وقيادته يجب أن تتحمّل المسؤولية القانونية والجنائية أمام المنتظم الدولي وأمام عائلات وأسر الضحيتين البريئتين. ما ورد في بلاغ وزارة الدفاع الذي صدر بالمناسبة تحت الإكراه بعد ضغوط فرنسية بسبب الجنسية المزدوجة للضحيتين دليل على أن الجريمة جزائرية خالصة، وأن على قيادة الجيش ممثلة في قائد الأركان السعيد شنقريحة أن تدفع ثمن هذا الإجرام الجديد وهذه الممارسة الإرهابية المقيتة أمام القضاء الدولي، وعلى رأسه المحكمة الجنائية الدولية.

عندما يتعمد جيش بلد ما قتل مواطنين مدنيين وعزّل ينتمون إلى بلد مجاور فقط لأنهم اجتازوا الحدود البحرية أو البرية، قصدا أو خطأ، فهذا يعدّ بمثابة إعلان حرب وجريمة من جرائمها النكراء، حيث تمنع اتفاقية جنيف الشهيرة الإعدامات وعمليات القتل الموجهة ضد المدنيين من طرف المسلحين والعسكريين. لقد أقرّ بيان وزارة الدفاع أن السياح الأربعة الذين كانوا يستقلون دراجاتهم المائية كانوا قد توغلوا في قلب المنطقة البحرية الجزائرية، وهذا يعني أنه كان بإمكان حرس السواحل الجزائري مطاردتهم وإلقاء القبض عليهم، أو على الأقل طردهم إلى ما وراء الخط الفاصل بين الحدود البحرية للمغرب والجزائر. عندما تستقل دراجة مائية فإنك تكون ضحية سهلة لزوارق خفر السواحل، كما أنك تكون في منطقة مكشوفة تُظهر بسهولة مدى خطورتك أو عدم خطورتك.

لقد لاحظ حرس السواحل الجزائري أن الأمر يتعلق بشبان يستقلون دراجات مائية، ويجرون بها بعض المناورات “الخطيرة” على حد قول البيان، علما أن المقصود هنا بالمناورات لم يكن واضحا. هل الخطر كان على مستقلي هذه الدراجات أم على حرس السواحل؟ من المؤكد أن الدراجة المائية لا يمكن أن تنال من زورق أو قارب ضخم من قوارب حرس السواحل، ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن تلحق الأذى به. والدليل على ذلك أن الاعتراف الذي أصدرته وزارة الدفاع الجزائرية لم يتضمن أيّ إشارة إلى وجود مخاطر أو تهديدات ضد حرس السواحل ولا إلى حمل هؤلاء الشباب أسلحة أو تجهيزات تهدد سلامة الآخرين أو تهدف إلى الإضرار بالممتلكات أو حتى إلى التجسس والتقاط المعلومات.

هذا يعني أن ما حدث كان جريمة من الجرائم الموجهة ضد الإنسانية بكامل أركانها. جريمة يرتكبها عسكري ضد سائح مدني بدم بارد. القتل بدم بارد أو الإعدام بالأحرى جريمة يعاقب عليها القانون الدولي لا سيّما عندما تصدر عن جندي ينتمي إلى دولة ويخضع إلى قيادة معينة ويكون ضحيتها مواطن أعزل ينتمي إلى دولة أخرى. وما يؤكد توفّر أركان الجريمة ضد الإنسانية هو أن القاتل يعتبر المقتول منتميا إلى بلد يصفه بالعدو. لا يمكن أن يطلق الجنود الجزائريون النار على هؤلاء المواطنين لو لم يتلقوا تعليمات حازمة تأمرهم بذلك عندما يتعلق الأمر بمواطنين مغاربة. ولا شيء يبرر ما حدث غير هذا الحقد الدفين الذي أصبح يسيطر على عقلية الكابرانات.

من هنا نؤكد أن هذه الجريمة النكراء ينبغي أن تصل إلى أعلى الهيئات والمؤسسات الدولية العاملة في مجال حماية الإنسانية من تغوّل واعتداءات الجيوش النظامية التابعة لبعض الأنظمة المارقة والشمولية. يجب أن يوضع ملف جريمة قتل السياح المغاربة لدى المحكمة الجنائية الدولية على اعتبار أن ما حدث كان اغتيالا وقتلا بدم بارد يرقى إلى الجرائم التي ارتكبتها الكثير من الأنظمة الفاشية في تاريخ الإنسانية المعاصر ضد شعوب أو أقليات لاعتبارات عرقية أو قومجية لا أقل ولا أكثر. حرس السواحل الجزائري لم يقتل الشبان المغاربة لأنهم يشكلون خطرا أو تهديدا، لقد قتلهم لأنهم مغاربة.

تاريخ الخبر: 2023-09-05 00:25:26
المصدر: موقع الدار - المغرب
التصنيف: مجتمع
مستوى الصحة: 49%
الأهمية: 64%

آخر الأخبار حول العالم

مع مريـم نُصلّي ونتأمل (٢)

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-05-02 06:21:50
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 50%

تراجع جديد في أسعار الحديد اليوم الخميس 2-5-2024 - اقتصاد

المصدر: الوطن - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-02 06:21:03
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 54%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية