السيارات الكهربائية الأوروبية أمام تحدي المنافسة المتزايدة .. محاولات لتقديم نماذج أرخص


يواجه صناع القرار والصناعيون تعقيدات تعترض مشاريع إنتاج سيارات كهربائية أوروبية الصنع بالكامل وبأسعار مقبولة، ما قد تفيد منه الشركات الصينية التي تعتمد استراتيجيات جريئة للإطاحة بالماركات المسيطرة تقليدا على هذه السوق. وعلى عكس صناعة النسيج أو الهواتف الذكية، لا تزال صناعة السيارات الأوروبية قادرة على الإفلات من منافسة المنتجات الصينية الرخيصة، بحسب "الفرنسية".
لكن المراقبين يتفقون على أن هذا الوضع لن يستمر، إذ تعمل مجموعة علامات تجارية على إعداد طرز موجهة للأسواق الأوروبية، كما يتضح من الحضور القوي للصين في معرض ميونخ للسيارات الذي يقام هذا الأسبوع.
وتجمع الشركات الوافدة الجديدة هذه بين التقدم التكنولوجي، بفضل استثمارات الصين في صناعة المركبات الكهربائية على مدى الأعوام العشرة الماضية، وتكاليف العمالة المنخفضة.
وتحث الحكومات الأوروبية الشركات المصنعة في القارة على جعل التنقل بالمركبات الكهربائية متاحا بصورة أكبر.
سيارة كهربائية بـ20 ألف يورو
في الصين، تباع السيارات الكهربائية بأسعار "أقل بنسبة تصل إلى 60 في المائة من تلك المعتمدة في ألمانيا"، وفق ما يشير فرديناند دودنهوفر خبير صناعة السيارات.
وتحدث كارلوس تافاريس المدير العام لشركة "ستيلانتيس" الفرنسية في نهاية يوليو عن "غزو" تقوم به شركات مصنعة تتكبد "تكلفة أقل بنسبة 25 في المائة". وتقدم العلامة التجارية الصينية الأكثر مبيعا في القارة العجوز، "إم جي" MG، مركبات تباع بنحو 30 ألف يورو، دون حساب الحوافز البيئية، تبعا للطرازات في الفئات الأولية.
وأسست شركة MG في بريطانيا عام 1924، لكن أعيد إطلاقها بعد إفلاسها عام 2005 من شركة السيارات الصينية العملاقة "سايك" SAIC، وتستفيد "إم جي" من "شهرتها كعلامة تجارية غربية قديمة فضلا عن القدرة التنافسية للسوق الصينية"، على ما يؤكد فيليبي مونيوز، من "جاتو دايناميكس". وفي النصف الأول من هذا العام، استحوذت العلامات التجارية الصينية على 8 في المائة من سوق المركبات الكهربائية في أوروبا الغربية، بينما كانت أسهمها قريبة من الصفر عام 2019، بحسب حسابات المحلل ماتياس شميت.
ومن المتوقع أن تبدأ شركة "بي واي دي" BYD الصينية الرائدة في صناعة السيارات الكهربائية، في إغراق السوق الأوروبية بمنتجاتها بدءا من النصف الثاني من عام 2023، وفق شميت.
وقد تربع طراز "أوتو 3" (Atto 3) على صدارة مبيعات السيارات الكهربائية في يوليو في السويد، حيث استحوذ على نسبة تفوق الربع من إجمالي السيارات الكهربائية المسجلة في البلاد.
في المقابل، يبذل المصنعون الأوروبيون قصارى جهدهم لتقليل تكاليف الإنتاج وتقديم نماذج أرخص.
حتى مرسيدس، التي أعادت تركيز استراتيجيتها على الرفاهية، وعدت الأحد بنموذج يهدف إلى جعل السيارات الكهربائية "متاحة" لفئات أوسع، وفق ما صرح أولا كالينيوس، دون تفاصيل.
وفي مارس، قدمت العلامة التجارية الألمانية فولكسفاجن سيارة ID.2 المستقبلية بسعر يقل عن 25 ألف يورو، المتوقع طرحها عام 2025. كما تخطط لتطوير طراز بأقل من 20 ألف يورو، وهو السعر الذي لم يصل إليه سوى عدد قليل من الشركات المصنعة للسيارات الكهربائية.
وتركز "ستيلانتيس" بشكل أساس على سيارة "سيتروين سي 3" الكهربائية، التي سيتم الكشف عنها في منتصف أكتوبر. وستطلق رينو سيارة مخصصة للتنقلات في المدن من طراز "آر 5"، بسعر يقل عن 30 ألف يورو.
وتخطط العلامة التجارية أوبل التابعة للمجموعة أيضا لتقديم نموذج "بسعر يقرب من 25 ألف يورو"، بعد وقت قصير من عام 2025، وفق ما أعلن رئيسها فلوريان هويتل.
زيادة الكمية لخفض الأسعار
أوضح أوليفر بلوم رئيس شركة فولكسفاجن في ميونخ أنه "كلما زاد عدد الطرازات الكهربائية لدينا، استفدنا أكثر من وفورات الحجم"، معولا على زيادة الكميات لخفض الأسعار.
وحتى ذلك الحين، وعلى خلفية التباطؤ الاقتصادي، فإن الحصة السوقية للسيارات الكهربائية، التي لا تزال باهظة الثمن، من المتوقع أن تنخفض بنسبة 12 في المائة في سبتمبر، بحسب دودنهوفر.
وفي فرنسا، وعدت الحكومة بتقديم عرض لتأجير السيارات الكهربائية "بأسعار معقولة"، وتحدث الرئيس إيمانويل ماكرون عن مبلغ 100 يورو شهريا لهذا التأجير، شرط توافر ظروف الموارد.
وتدرس فرنسا أيضا جعل إعانات الدعم للسيارات الكهربائية مشروطة بمنحها "علامة بيئية"، ما يرجح أن يحد من الواردات الصينية.
في ألمانيا، بلد فولكسفاجن وبي إم دبليو ومرسيدس، لا تعد مكافآت الشراء حلا مستداما. ولدفع الشركات المصنعة إلى تسويق مزيد من السيارات الكهربائية بأسعار معقولة، خفضت الحكومة المكافأة البيئية هذا العام، وتعتزم إلغاءها تدريجيا بحلول عام 2025.
هذا الوضع يمكن أن يؤثر في الهوامش المريحة التي حققتها المجموعات الأوروبية من خلال الاستفادة من التضخم لرفع الأسعار.
السيارات الصينية في السوق الأوروبية
ما زالت ماركات السيارات الصينية، مثل بي واي دي BYD، غير معروفة بالنسبة للجمهور العام في أوروبا، لكنها حضرت جميعها تقريبا معرض ميونخ للسيارات في إطار سعيها لتسليط الضوء على علاماتها التجارية.
وتهدف الصين، التي تسعى إلى تقليل انبعاثاتها الملوثة واعتمادها على النفط المستورد إلى بيع نحو 20 في المائة من السيارات الكهربائية أو الهجينة في العالم عام 2025.
أسست بي واي دي BYD الشركة التي يختصر اسمها عبارة "ابن حلمك" عام 1995، وتخصصت في الأساس في تصميم وتصنيع البطاريات.
لكن منذ عام 2003، نوعت المجموعة ومقرها في شنتشن، في جنوب الصين، أعمالها في مجال السيارات لتصبح واحدة من الشركات الكبيرة العالمية المصنعة للسيارات الكهربائية.
توقفت الشركة عن إنتاج سيارات تعمل على البنزين العام الماضي وتركز حاليا فقط على الطرازات الهجينة والكهربائية.
دخلت BYD السوق الأوروبية عبر النرويج وهي تسعى للتوسع إلى بلدان أخرى في أوروبا حيث تشتهر العلامة التجارية بفضل حافلاتها الكهربائية.
تقوم شركة BYD بتسويق عديد من موديلات السيارات في ألمانيا منذ بداية العام واستفادت من معرض ميونخ لإطلاق سيارة عائلية متعددة الاستخدامات باسم سيل يو Seal U، إضافة إلى علامتها التجارية الفاخرة دنزا Denza في السوق الأوروبية.
بينما تعد إكسبنج XPeng في الصين أحد أخطر منافسي تسلا Tesla. إكسبنج التي أسست عام 2014 في الصين وأدرجت في الولايات المتحدة، توظف أكثر من 10000 شخص حول العالم ولها مكاتب في وادي التكنولوجيا سيليكون فالي.
دخلت إكسبنج التي تملك شركة فولكسفاجن 5 في المائة منها السوق الأوروبية عام 2021 وتقوم بتسويق سياراتها في النرويج والسويد والدنمارك وهولندا. في حين أسست شركة دونجفنج المصنعة للسيارات والشاحنات عام 1969، وحتى قبل بضعة أعوام، كانت تعد من الشركات الصينية الرائدة. وفي معرض باريس للسيارات العام الماضي، قدمت المجموعة نموذجين للسوق الأوروبية.
بينما "ليبموتور" هي واحدة من الشركات الناشئة التي تصنع السيارات الكهربائية بنسبة 100 في المائة، وما زالت غير معروفة خارج الصين. أطلقت طرازها الأول عام 2019 وتبيع 10000 سيارة شهريا في الصين. طرحت سياراتها في فرنسا في ربيع عام 2023، وتخطط للتوسع في أوروبا. أما جيلي GEELY فقد اشترت الشركة المصنعة للأجهزة المنزلية سابقا العلامة التجارية السويدية فولفو عام 2010.
طرحت المجموعة الصينية مع فولفو العلامة التجارية لينك آند كو لتعزيز مكانتها في أوروبا عبر استهداف العملاء الشباب الناشطين على الإنترنت. إلى ذلك، افتتح المستشار الألماني أولاف شولتس رسميا أكبر معرض سنوي للسيارات في ألمانيا "آي أيه أيه موبيليتي"، في مدينة ميونخ أمس. وتأمل صناعة السيارات الألمانية أن يتخذ شولتس موقفا واضحا بشأن هياكل التكلفة التي يثار جدل مكثف حولها في القطاع.

تاريخ الخبر: 2023-09-06 03:23:04
المصدر: صحيفة الإقتصادية - السعودية
التصنيف: إقتصاد
مستوى الصحة: 43%
الأهمية: 44%

آخر الأخبار حول العالم

بوريل يدعو إلى عدم بيع الأسلحة لإسرائيل

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-10 12:25:54
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 62%

السجن سنة ونصف للمدون يوسف الحيرش

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-10 12:25:48
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 55%

بوريل يدعو إلى عدم بيع الأسلحة لإسرائيل

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-10 12:25:49
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 61%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية