عندما تترافع التنمية في الأقاليم الجنوبية عن مغربية الصحراء


الدار/ تحليل

الزيارة التي يقوم بها المبعوث الشخصي للأمم المتحدة إلى الصحراء ستيفان دي ميستورا تمثل في حد ذاتها أقوى مرافعة على مغربية الصحراء وجدية الطرح المغرب والمبادرة المقترحة منذ 2007 لتمكين سكان الأقاليم الجنوبية من تدبير شؤونهم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بأنفسهم ووفقا لانتظاراتهم وطموحاتهم المحلية. والجولة التي دشنها دي ميستورا إلى المنطقة وستشمل الجزائر وتندوف يمكن أن تُظهر له وللمنتظم الدولي بجلاء الفرق بين صاحب الحق الذي يبني ويشيد ويوفر للصحراء والصحراويين كل احتياجاتهم وحقوقهم الاجتماعية والاقتصادية وبين الأنظمة الفاشية التي يظل مسعاها الأساسي يدور في إطار تعزيز بؤر التوتر وزيادة الفرقة وتشتيت المجزأ أصلا.

نحن نتحدث عن منطقة تعد اليوم من بين أكثر جهات المملكة نموا وتحقيقا للثروة. يكفي أن نذكر هنا أن جهة الداخلة وادي الذهب على سبيل المثال تحقق أعلى معدل ناتج إجمالي مقارنة بكافة الجهات. وهذا الواقع التنموي الذي رآه دي ميستورا بأم عينه خلال جولته بالأقاليم الجنوبية يعد وسيلة ترافع ناجعة وفعالة عن مغربية الصحراء والوحدة الترابية لبلادنا. إذا كانت بلادنا قد أنفقت كل هذه الاستثمارات الهائلة في الأقاليم الجنوبية لمدّ طريق تزنيت العيون وبناء ميناء الداخلة الأطلسي وتدشين محطات الطاقة الريحية الهائلة بطرفاية فلأنها واثقة من أن الصحراء ستظل في مغربها وأن المغرب سيظل في صحرائه. ومن ثم فإن هذه المقاربة التنموية تفرض نفسها اليوم ليس على أبناء المنطقة فقط بل على هيئات الأمم المتحدة مراقبيها وموظفيها الذين يتابعون هذا النزاع منذ عقود طويلة.

الصحراء التي تركها المستعمر الإسباني لا علاقة لها بالصحراء الحالية التي تحتضن حواضر أصبحت اليوم تنافس أكبر المدن المغربية على مستوى التأهيل الحضري والتطور العمراني والبنيات التحتية. العيون والداخلة أكبر مثالين عن قصة النجاح هذه. انتقلت هاتان الحاضرتان في ظرف سنوات قليلة من مناطق رملية معزولة إلى مدن جد عصرية مجهزة بكافة البنيات التحتية وتتفوق في جماليتها وتنظيمها على مدن صحراوية غنية بالبترول والغاز في دول قريبة. ما الذي جعل العيون تتفوق على بشار وحاسي مسعود مثلا؟ إنها إرادة الدولة المغربية والشعب المغربي التي قررت منذ زمن أن تثبت للعالم أن شرعية الموقف المغربي لا تستند فقط إلى الادلة التاريخية والسوسيولوجية والجغرافية فقط. هناك رابط آخر لا يقلّ متانة بين الأقاليم الجنوبية وباقي جهات المغرب.

إنه رابط التنمية الذي يمثل صلة الوصل الحقيقية والقوية بين المواطن وبين انتمائه إلى بلده. الصحراويون تربطهم بباقي جهات المغرب روابط قبلية وإنسانية عريقة. واليوم تتعزز هذه الروابط من خلال شرعية الإنجاز والمشاريع والتطوير الحضري والعمراني والصحي والتعليمي. ومن المهم الإشارة هنا إلى الدور الكبير والحاسم الذي تلعبه بعض القطاعات الحكومية مثل وزارة الداخلية وبعض المجالس المنتخبة وكذا الإدارة الترابية في تغيير واقع الأقاليم الجنوبية نحو الأفضل. قبل أسابيع قليل فقط شهدت مدينة العيون وحدها تدشين العديد من المشاريع الضخمة سواء في مجال البنيات التحتية كالطرق والمرائب أو في مجال التأهيل السوسيوثقافي مثل المكتبات الضخمة.

إذا زار المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دي ميستورا مثلا المكتبة الوسائطية الضخمة التي دُشنت مؤخرا في مدينة العيون سيدرك جيدا الفرق بين دولة تسعى إلى الاستقرار والسلام الدائم والعادل من خلال البناء والنماء وبين أنظمة وعصابات تنفق كل مقدّراتها وثروات شعوبها في الهدم والتخريب وتمويل الميليشيات والانفصال والصراع، وتفضل احتجاز الأبرياء في مخيمات العار منذ عقود طويلة دون أن تسمح لهم بالاختيار والالتحاق بوطن أم يتطور يوما عن يوم. وتندوف التي سيزورها دي ميستورا هي العلامة الدالة إلى هذا الفارق الهائل بين الصحراء المغربية وبين أحلام الدويلة الانفصالية.

تاريخ الخبر: 2023-09-08 09:25:27
المصدر: موقع الدار - المغرب
التصنيف: مجتمع
مستوى الصحة: 50%
الأهمية: 54%

آخر الأخبار حول العالم

حركة حماس تقول إنها تدرس "بروح إيجابية" مقترح الهدنة في قطاع غزة

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-03 12:27:46
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 67%

حركة حماس تقول إنها تدرس "بروح إيجابية" مقترح الهدنة في قطاع غزة

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-03 12:27:49
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 56%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية