أطفال ينبعثون من ركام الزلزال ويعلنون استمرار الحياة


الدار /تحليل

“نكي دجدي” هكذا يلخص طفل من أحد دواوير إقليم الحوز والجروح ما تزال طرية في وجهه قصة الزلزال الذي ضرب الإقليم ليلة الجمعة الماضية. “بقيت أنا وجدي وحدنا” يقولها هذا الطفل بعينين غارقتين في هول الصدمة وبراءة تخلو من أيّ استجداء أو تسوّل. ثبات انفعالي غير عادي لا يمتلكه أحيانا حتى الكبار. طفل يفقد أمّه أغلى ما لديه، ويودّع إخوته وأخواته لكنّ الحزن الذي يغمر عينيه يخفي وراءه صمودا وقوة قادرة على تحدّي المستقبل. دمّر الزلزال بيته وقضى فيه أفراد أسرته ومع ذلك يتشبث بالأمل ويرضى بقضاء الله وقدره. ومثل هذا الطفل عشرات بل مئات من الأطفال الذين فقدوا آباءهم أو أمهاتهم وأضحوا بين عشية وضحى يتامى.

100 ألف طفل وفقاً لمنظمة اليونيسف متضررون اليوم من الزلزال الذي ضرب إقليم الحوز. وبينما توقّفت الدراسة في المناطق المنكوبة فإن الكثير من التلاميذ الصغار قضوا في هذا الزلزال المدمر. وبين هذا العدد الكبير من الأطفال قصص مؤلمة عن اليتم الذي أضحى واقعا مفاجئا وصادما بالنسبة إليهم. طفل آخر من أطفال الحوز يقف أسيف الرأس مصدوما بينما يوجه بعض المقرّبين منه نداء إلى المحسنين وذوي القلوب الرحيمة من أجل التكفّل به. هذا الطفل الذي يرتدي قميصا لأحد أندية كرة القدم فقد والديه وإخوته جميعا ولم يعد له في الدنيا أيّ سند يعتمد عليه. الحزن الذي يدمي قلبه وخجله الواضح يمنعه حتى من رفع رأسه وفتح عينيه أمام الكاميرات.

لكن الأمل الذي ظهر في قصة هذا الطفل هو إعلان إدارة فريق الرجاء البيضاوي تكفّلها بهذا الطفل من أجل ضمّه إلى أكاديمية الفريق والإشراف عليه في دراسته وتداريبه حتى يصبح قادرا على تحمّل مسؤولياته. كلّما ظهرت مأساة من مآسي الأطفال المنكوبين إلا وهبّ إليها المغاربة بتضامنهم وتعاطفهم اللامشروط والمعهود. ومثلما حشد المغاربة من كل بقاع المغرب الأطنان من المساعدات والمواد التموينية والإغاثية وأُرسلت إلى المناطق المنكوبة في أقاليم الحوز وتارودانت وورزازات وشيشاوة، تهفو قلوبهم أيضا إلى هذه الحالات الإنسانية التي تدمي قصصها الجوارح وتؤثر في النفوس.
من هذه الحالات حالة الأخوات الثلاث اللاتي فقدن الوالدين وكلّ أفراد العائلة وبقين وحيدات ثابتات برباطة جأش استثنائية وهنّ يحضنن بعضهن بعضاً خوفا من مستقبل مظلم. النداء الذي أطلقه الشخص الذي صوّر حالة هذه الفتيات الثلاث كان معبّراً وهو يؤكد أنهنّ فقدن كلّ سند أو حضن في هذه الحياة ولم يبق لهنّ أحد. مشدوهات وحائرات وقفن يتأملن وقد توسّطتهن الصغيرة بينما تحدب عليها الشقيقة الكبرى بكل حنان ورعاية. وكأنها أدركت أنها نضجت في لحظة واحدة وأن عليها أن تتحمّل المسؤولية وتحضّر نفسها لحياة جديدة تنسى فيها طفولتها وتقتحم بعدها عتبة الكبار قبل الأوان. هذه الحالة الإنسانية أثارت تفاعل الكثيرين من مستخدمي شبكات التواصل الاجتماعي الذين عبّروا عن استعدادهم لتبنّي هؤلاء الفتيات والتكفّل بهن.

وفي أمزميز قصة معجزة أخرى من معجزات الكوارث. حكاية الطفل الرضيع بلال الذي انتشله المنقذون من بين أحضان والدته التي قتلت في الزلزال. مات والدة الطفل خديجة لكنها استطاعت أن تحمي هذا الرضيع من ركام الزلزال القاتل حتى وجده المنقذون حيا يرزق، لكنه أضحى اليوم طفلا يتيما في أحضان جدته. ينتظر مثله مثل العديد من يتامى الزلزال من ينظر إلى أحواله وأحوال باقي أفراد عائلته الفقيرة في دوار تفكاغت. المستقبل هو العنوان الكبير الذي ترسمه نجاة هؤلاء الأطفال، إنهم أضحوا اليوم رمزا لاستمرار الحياة وربّما دليلا مضيئا إلى بهجتها في غمرة الأحزان والآلام الجارفة.

تاريخ الخبر: 2023-09-13 00:25:55
المصدر: موقع الدار - المغرب
التصنيف: مجتمع
مستوى الصحة: 46%
الأهمية: 55%

آخر الأخبار حول العالم

الدار البيضاء تحتفي باليوم الوطني للمسرح

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-13 12:25:41
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 53%

توقعات أحوال الطقس اليوم الاثنين

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-05-13 12:25:02
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 67%

الدار البيضاء تحتفي باليوم الوطني للمسرح

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-13 12:25:50
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 56%

رئيس مجلس النواب في زيارة عمل برلمانية لجمهورية الصين الشعبية

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-05-13 12:24:59
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 51%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية