حقوق الإنسان وخياراته وصون كرامته هم السبيل نحو عالمٍ عربي زاخرٍ بالفرص والإمكانات


بينما يخوض العالم العربي غمار أزمات القرن الحادي والعشرين ويبحر، في ذات الوقت، عبر الإمكانات والفرص التي فتحت أبوابها ونوافذها خلاله، ينتظرنا مستقبلٌ زاخرٌ بالفرص غير المحدودة إذا ما قمنا بتعزيز حقوق الإنسان وخياراته وصون كرامته.
في القاهرة، في أيلول/ سبتمبر ١٩٩٤، أضاء زعماء العالم نبراسًا من الأمل، ومهدوا الطريق نحو مستقبل ينعم بالسلام والازدهار، يمكن فيه للجميع تحقيق كامل إمكاناتهم.

وقد أوضحت الرؤية التاريخية للمؤتمر الدولي للسكان والتنمية أن الحقوق الإنجابية للنساء والفتيات وخياراتهن هي الركيزة الأساسية لتحقيق التقدم والتنمية على كافة الأصعدة وفي كافة مناحي الحياة.

مادة اعلانية

وبعد مرور ما يقرب من ثلاثين عامًا، وعلى الرغم مما يكابده عالمنا من صراعات والمخاطر الناجمة عن تغير المناخ وتداعيات جائحة كوفيد-19، هناك أدلة كثيرة تبرهن على أن الاستثمار في صحة النساء والفتيات وحقوقهن وخياراتهن من شأنه أن يدعم القدرة على إحراز التقدم والازدهار، وأن الرؤية التي تم صياغتها في القاهرة لا تزال وثيقة الصلة بحاضرنا ولا تزال تتسم بالأهمية البالغة والحاسمة في الوقت الراهن، مثلما كانت عليه في عام 1994. بيد أن تنفيذ تلك الرؤية يتطلب قدرا أكبر من الإرادة السياسية والاستثمار، وذلك إذا أردنا الحفاظ على بعض المكاسب التي تحققت في السنوات الثلاثين الماضية وتحقيق خطوات جديدة.

وبالنظر إلى الإحصاءات الخاصة بالمنطقة لعام 2023، نجد أن ثلث النساء فقط في المنطقة العربية هن من تمكن من ممارسة خياراتهن الإنجابية من خلال وسائل تنظيم الأسرة الحديثة في عام 1994، مقارنة بما يقرب من النصف اليوم، ومقابل كل دولار يتم إنفاقه على وسائل تنظيم الأسرة الحديثة وعلى الحد من وفيات الأمهات في المنطقة، يتم تحقيق عوائد اقتصادية تبلغ خمسة دولارات.

وقد شهدت المنطقة العربية تراجعًا كبيرًا في وفيات الأمومة من 285 حالة وفاة لكل مائة ألف ولادة حية في عام 1994 إلى 145 حالة في وقتنا الراهن. وحتى الآن، حققت 11 دولة عربية بالفعل هدف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة المتعلق بخفض وفيات الأمومة على الصعيد العالمي إلى أقل من 70 لكل مائة ألف ولادة حية بحلول عام 2030.

ومع تطلعنا نحو المستقل ونحو تحقيق المزيد من التقدم، فإن استثماراً إضافياً قدره 7 مليار دولار في تعزيز صحة الأمومة في المنطقة العربية بحلول عام 2050، سيكون من شأنه تحقيق عائد اقتصادي يقارب خمسة أضعاف أي ما يعادل 34.4 مليار دولار من المكاسب الاقتصادية، ناهيك عن إنقاذ حياة الآلاف من الأمهات وتأمين مستقبل عدد لا يحصى من الأطفال.
ومع ذلك، لا يزال هناك الكثير مما ينبغي القيام به

يتصاعد العنف القائم على النوع الاجتماعي أثناء النزاعات وفي حالات القلاقل وعدم الاستقرار، ويتعين على البلدان العربية المتضررة من النزاعات إعطاء الأولوية للخدمات المقدمة للناجيات والمعرضات للخطر. كما ينبغي لها تعزيز نظم دعم النساء والفتيات اللواتي يواجهن العنف القائم على النوع الاجتماعي ومحاسبة الجناة.

وتتحمل المنطقة العربية جزءًا كبيرًا من عبء الممارسات الضارة، بما في ذلك تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية (ختان الإناث) وزواج الأطفال، والذي يثقل كاهل العالم بأثره. وسيكفل الاستثمار في وضع حد لتلك الممارسات الضارة حقوق الملايين من الفتيات والنساء وكرامتهن، كما سيحقق مكاسب اقتصادية كبيرة. إذ يمكن لكل دولار واحد يتم إنفاقه في إنهاء تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية (ختان الإناث) في البلدان الأكثر تضررا في المنطقة العربية أن يحقق عائدًا قدره خمسة دولارات في غضون 25 سنة، في حين أن استثمار دولار واحد في إنهاء زواج الأطفال يمكن أن يحقق أكثر من 35 دولارًا من العوائد الاقتصادية.

وتسجل المنطقة العربية أدنى معدل في العالم للمشاركة الاقتصادية للمرأة، حيث لا يتجاوز 26%، في حين يتجاوز المتوسط العالمي النصف بكثير. ومع ذلك، ووفقا للبنك الدولي، فإن سد الفجوات بين الجنسين في مجال التوظيف يمكن أن يرفع نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي بمتوسط 20 في المائة.

وبينما يؤدي تغير المناخ إلى تفاقم الفيضانات والجفاف والكوارث، ينبغي أن تكون النساء والشباب حاضرين ومنخرطين في العمل من أجل ضمان تحقيق مستقبل مستدام. إذ أن الشباب هم من سيرثون الكوكب، وتعتمد النساء- اللاتي يكلفن غالبا بتأمين المياه والغذاء والوقود - بشكل أكبر على الموارد الطبيعية لكسب عيشهن. وهذا يجعل من حضورهم وتواجدهم في المشهد أمراً ضرورياً من أجل وضع وصياغة استراتيجيات التكيف مع تغير المناخ والتخفيف من حدة آثاره.

إن شعوبنا هم أعظم ثرواتنا، ومع تنوع وديناميكية وشباب السكان في المنطقة العربية، والذين من المقرر أن ينمو عددهم إلى ما يزيد على 530 مليون نسمة بحلول عام 2030، فإن العالم العربي يزخر بالمواهب ويعج بالطاقات والعناصر الدافعة نحو المستقبل المشرق والتقدم إلى الأمام.

ومع اقتراب الذكرى الثلاثين للمؤتمر الدولي للسكان والتنمية، يلتقي القادة والخبراء في بيروت من أجل تقييم مدى التقدم الذي تم إحرازه والتطلع نحو المستقبل وما يمكن تحقيقه فيه.

ومن أجل بناء مجتمعات مستدامة تتمتع بالسلم وتنعم بالازدهار، ينبغي للدول العربية أن تضع النساء والشباب في صدارة برامجها وخططها الإنمائية وفي صميم تلك البرامج والخطط.

ومن ثم، فإننا من خلال تعزيز حقوق الإنسان وخياراته وصون كرامته، نفتح أمام عالمنا العربي آفاقًا واسعة من الفرص والإمكانات.

تاريخ الخبر: 2023-09-14 18:09:58
المصدر: العربية - السعودية
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 81%
الأهمية: 85%

آخر الأخبار حول العالم

حركة حماس تقول إنها تدرس "بروح إيجابية" مقترح الهدنة في قطاع غزة

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-03 12:27:49
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 56%

حركة حماس تقول إنها تدرس "بروح إيجابية" مقترح الهدنة في قطاع غزة

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-03 12:27:46
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 67%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية