“إلياس يظهر في الحوز”، هو ليس عنوانا لرواية، على غرار رواية “عمر يظهر في القدس” لكاتبها المصري نجيب الكيلاني. لكنها حقيقة أرخت بظلالها على مشهد غابت فيه نخبة السياسة وزعماء الأحزاب، وتواروا إلى الخلف تاركين للدولة مهمة تدبير الفاجعة، والقيام بما يلزم تجاه ضحايا أعنف زلزال ضرب المغرب.
حقيقة ظهور الأمين العام السابق لحزب الأصالة والمعاصرة، إلياس العماري، في منطقة الحوز، وهو يحمل ميكروفون “إذاعة كاب راديو”، ويستجوب الناس، كأي صحفي يطارد الخبر بالصوت والصورة، تعيد إلى الأذهان علاقة الرجل بالزلازل. وهو الأمين العام ورئيس مجلس الجهة، الذي عصف به “زلزال سياسي” سنة 2017، أعقب خطاب عرش وبخ فيه الملك الطبقة السياسية ودعا إلى إحداث زلزال سياسي لإخراج البلاد والعباد من أزمة تسببت فيها نخبة سياسية “غير مسؤولة”.
وإذا كانت نهاية إلياس العماري السياسية سببها زلزال، فإن هناك من يرى بأن الرجل يحاول معاودة بعث “إلياس السياسي” من الرماد عبر شقوق زلزال الحوز، ومن خلال ارتداء جبة الصحفي وتبييض صورة علقت بها شوائب عدة، وأخطاء فرضتها السياسة، واعترف بها إلياس بنفسه معتذرا قبل أشهر.
مبدئيا، لا مشكلة في أن يستثمر الأمين العام السابق لحزب “الجرار”، المتهم بإخافة رجال السلطة وادعاء القرب من القصر ومحيطه، في ميدان الصحافة والإعلام، كما صرح هو بذلك في مقابلة سابقة، من خلال المساهمة في إذاعة.
لكن ما يخيف كثيرين من داخل حزب الأصالة والمعاصرة وباقي الأحزاب السياسية، هو أن تكون قبعة الصحافة بوابة لعودة محتملة للرجل المثير للجدل إلى عالم السياسة وقمرة قيادة “البام”، خاصة بعدما عاد نظيره عبد الإله بن كيران إلى قيادة الحزب الإسلامي الذي هوى من الطابق الخامس عشر إلى الأسفل، كما يقول بن كيران نفسه، واصفا حالة حزبه بعد انتخابات الثامن من شتنبر 2021، التي توافق الذكرى الثانية لها -ويا لغرابة الصدف!- حدوث أعنف زلزال عرفته المملكة المغربية على مر تاريخها.
