قيّم العقارات وتأثيرها الاقتصادي


أصبحت التداعيات الاقتصادية لوباء كوفيد الذي بدأ في عام 2020 جليةً الآن في العديد من القطاعات. إذ يواجه قطاع العقارات في الاقتصاد العالمي مشكلةً بسبب الإحصائيات السيئة القادمة من الولايات المتحدة والصين، أكبر اقتصادات العالم وأكثرها نفوذاً.

وكانت الصين قد استجابت للوباء عبر إغلاق اقتصادها الضخم فعلياً من خلال سياسات صارمة لتقييد حركة السكان وإبقاء المناطق الأكثر تضرراً من المرض معزولةً ومغلقةً لعدة أشهر. وكانت النتيجة تباطؤ النمو السنوي في الصين، مما أدى إلى وجود فائض هائل في العقارات السكنية التي تم بناؤها والتي أصبحت الآن فارغة تقريباً.

مادة اعلانية

وتشير التقديرات إلى أن هناك أكثر من 65 مليون منزل وشقة شاغرة في البر الرئيسي للصين وعشرات الآلاف من العقارات غير المباعة في مشاريع التطوير الخارجية مثل تلك الموجودة في ماليزيا. وخلال سنوات الازدهار التي شهدتها الصين، كان شراء وبيع العقارات يعتبر وسيلةً آمنةً ومربِحة للطبقة المتوسطة الآخذة في الازدهار لاستثمار مدخراتها. وبما أن قيمة العقارات استمرت في الارتفاع بسبب ارتفاع الطلب، يمكن للمشتري أن يضع المال على مشروع تطوير مخطط له على أمل أن ترتفع قيمته قبل الانتهاء من البناء.

ومع ذلك، فإن التباطؤ في الاقتصاد الصيني وتزايد البطالة أدى إلى إضعاف الطلب على كل من العقارات السكنية والمكتبية، مما ترك شركات البناء مع ديون ضخمة يتعين عليها سدادها، ومنافذ البيع بالتجزئة بدون الأعمال التجارية التي تكون مصحوبة بمجتمع مزدهر، والمدن بدون إيرادات العقارات وضرائب المبيعات. وإذا أعلنت شركة كانتري جاردن، وهي أكبر شركة تطوير في الصين، إفلاسَها، فمن الممكن أن يخلف ذلك تأثيرات مماثلة واسعة النطاق على الاقتصاد. وبالمثل، فإن الوضع في الولايات المتحدة مثير للقلق بنفس القدر مع وجود مساحات مكتبية فارغة في جميع المدن الكبرى، ويرجع ذلك جزئياً إلى السماح للعمال بأداء وظائفهم من المنزل بمجرد انتشار فيروس كورونا. ولم يعد العديد من العمال بعد إلى مكاتبهم.

وما تزال العديد من المباني الجديدة الرئيسية التي تم تشييدها خلال فترة انتشار فيروس كورونا فارغةً، مما قد يؤدي إلى عواقب وخيمة محتملة على منافذ البيع بالتجزئة والترفيه والإيرادات الضريبية للمدن.

ومع ذلك، فإن الفارق الكبير مع الصين يتعلق بتوفر السكن. فالسوق الأميركية ببساطة لا تملك ما يكفي من العقارات المنزلية ذات الأسعار المعقولة لتلبية الطلب. ونتيجة لذلك، أصبح التشرد مشكلة كبيرة في المدن الكبرى، وخاصة لوس أنجلوس، وسان فرانسيسكو، ونيويورك، وسياتل. وأدى وجود المشردين في الشوارع، إلى جانب النشاط الإجرامي العنيف، إلى إجبار متاجر البيع بالتجزئة على الإغلاق وحرمان المدن من الدخل الذي تولده المبيعات والسياحة. وقد تم الإعلان عن العواقب الاجتماعية بشكل جيد من قبل «الجمهوريين» الذين ألقوا باللوم على إدارة بايدن كونها السبب في الأزمة الوطنية التي تفاقمت بسبب التدفق المتزايد للمهاجرين غير الشرعيين عبر الحدود الجنوبية مع المكسيك.

وما يواجهه كلا البلدين هو أن التزامات الديون المزعجة للغاية تتراكم على المؤسسات المالية، والتي يمكن -في ما لو فشلت- أن يكون لها تأثير مثير للقلق على اقتصاديهما الوطنيين. كما تشهد أستراليا وكندا وبريطانيا والعديد من أعضاء الاتحاد الأوروبي أزمات مماثلة بما في ذلك التشرد وارتفاع الإيجارات والمساحات المكتبية غير المأهولة.ورغم الإجماع بين الاقتصاديين والساسة على أن أزمة العقارات خطيرة وعالمية النطاق، إلا أن هناك شكوك حول ما إذا كانت قد تؤدي إلى أزمة مالية مماثلة لما حدث في عام 2008.

ففي ذلك الوقت بدأت الأزمة بإفلاس أحد البنوك في الولايات المتحدة بسبب الكشف عن أن العديد من القروض العقارية التي تدعمها البنوك الكبرى كانت عديمة القيمة في الأساس.

نقلاً عن "الاتحاد"

تاريخ الخبر: 2023-09-15 18:11:26
المصدر: العربية - السعودية
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 80%
الأهمية: 90%

آخر الأخبار حول العالم

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية