طرحت تصريحات رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز، أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، عدة تساؤلات حول استقرار وثبات دولة إسبانيا عن موقفها تجاه قضية الصحراء المغربية، بعدما أعلن على أن بلاده تسير نحو إيجاد حلّاَ سياسياً مقبولاً للطرفين.

بيدرو سانشيز الذي دعم قبل سنة مبادرة الحكم الذاتي التي وضعتها المملكة المغربية على طاولة الأمم المتحدة ومجلس الأمن، شدد هذه المرة في مداخلته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، على أن الحل يجب أن يكون في إطار قرارات الأمم المتحدة.

فما هي خلفيات هذا التصريح؟ وهل فعلا تحاول إسبانيا التملص من دعمها لمبادرة الحكم الذاتي؟

إسبانيا تحتفظ بقرارها

في هذا الصدد، قال يونس دافقير، الصحافي والمحلل السياسي، إن أي “دولة عندما تريد أن تتراجع عن موقفها في علاقاتها الثنائية، تعلن عليه بشكل صريح ومباشر دون الإعلان عنه في إطار دبلوماسي بعيد”.

وأضاف يونس دافقير، في تصريح لـ”الأيام 24″، أنه “لا يمكن قراءة تصريح بيدرو سانشيز على أنه تراجع بلاده عن دعمها لمبادرة الحكم الذاتي”، مشيرا إلى أنه “هناك فرق بين التصريحات التي تتم بين دولتين في إطار العلاقات الثنائية، وبين التصريحات التي تتم في جلسات الأمم المتحدة”.

وأشار المتحدث عينه إلى أنه في الأمم المتحدة “يتم الحديث بشكل عام هو أن الدولة تدعم وجود حل سياسي متوافق بشأنه وتعلن عن دعمها لجهود الأمين العام للأمم المتحدة”، موضحا أن “هذا هو التوجه الذي تسير عليه جميع الدول من بينها الدول التي تدعم ملف الصحراء المغربية”.

“الولايات المتحدة الأمريكية، مثلا، أعلنت عن اعترافها بمغربية الصحراء، وفي أول اجتماع لمجلس الأمن قالت إنها تدعم حالا سياسيا متوافق بشأنه، ولم تقول أنها تعترف بمغربية الصحراء”، يقول المتحدث، مضيفا أن “كثيرا من متتبعي الشأن السياسي اعتبروا أن هذا التصريح تراجع عن اعترافها أو موقفها تجاه القضية المغربية، وتبين فيما بعد أنه ليس تراجعا وإنما صيغة عامة للموضوع”.

وأكد دافقير أن “إسبانيا مازالت تحتفظ بموقفها تجاه القضية الوطنية للمملكة المغربية، وأن بيدرو سانشيز عبر عن الإطار العام للحكومة الاسبانية في إطار الدبلوماسية الدولية”.

إسبانيا أقل تحررا

من جهته، يرى يونس مسكين، الصحافي والباحث في العلوم السياسية، أن “الموقف الرسمي لإسبانيا أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، أو داخل أروقة الأمم المتحدة بصفة عامة، باعتبار إسبانيا من بين أعضاء مجموعة أصدقاء الصحراء، ينطبق عليه ما ينطبق على الموقف الأمريكي، الذي يعتبر أصلا كل ما يحاول المغرب في السنوات القليلة الماضية إحداثه في قضية الصحراء”.

وأشار يونس مسكين، في تصريح لـ”الأيام 24″، إلى أن “الخطوات المتقدمة في اتجاه الاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء، لا تتحوّل إلى بموقف رسمي داخل الأمم المتحدة، سواء من جانب إسبانيا، أو الولايات المتحدة الامريكية التي تعتبر حاملة القلم داخل مجلس الأمن الدولي، وهي التي تتولى صياغة مسودة مشروع قرار مجلس الأمن الدولي”.

“صحيح أن ما صرّح به رئيس الحكومة الإسبانية في نيويورك لا يعتبر بأي شكل من الأشكال تراجعا عن الإعلان المشترك الذي وقعه في المغرب، والذي تضمن دعما إسبانيا غير مسبوق لمقترح الحكم الذاتي”، يقول المتحدث.

وزاد: “الموقف يظل بعيدا عن التأثير إيجابيا في المسار الأممي للنزاع، بما أن إسبانيا التي تعتبر “أقل تحررا” من الولايات المتحدة الأمريكية في هذا الملف، لكون الأخيرة عضو دائم في مجلس الأمن الدولي ولديها مصالح معقدة مع مختلف الأطراف الدولية”.

وتابع المحلل السياسي حديثه قائلا: “إذا كان المغرب قد بذل جهودا دبلوماسية كبيرة في السنوات الأخيرة، وأقدم على خطوة تطبيع علاقاته مع إسرائيل تحت مبرر البحث عن المصلحة الوطنية المرتبطة بقضية الصحراء، فإنني أعتقد أن هذه الجهود ينبغي أن تتواصل لجعل هذه المواقف الجديدة المعلنة من طرف عواصم مثل واشنطن ومدريد، تنتقل إلى البعثات الدائمة لهذه الدول داخل منظمة الأمم المتحدة”، مشددا على أن “اعتراف ترامب وخطوة سانشيز المتقدمة، تظل أقرب إلى الإستهلاك الإعلامي منها إلى التحول الحقيقي”.