الحسن أيت بيهي
أكد إلياس بوزغاية، الخبير في قضايا المرأة والدراسات النسائية، في تعلقيه على مضامين بلاغ الديوان الملكي الصادر أمس الثلاثاء بخصوص تعديل مدونة الأسرة، أن أهميته “تكمن في كونه يعكس اهتماما وإرادة كبيرة من جلالة الملك لكي يكون هناك إصلاح للمدونة، لأن هناك هموما مجتمعية تطرح بشكل كبير، تجعل الإجابة من طرف الملك تؤكد على أن هناك إشكاليات تستوجب معالجتها، كما أن البلاغ يتماهى بشكل كبير مع ما ورد في خطاب العرش لعام 2022 من خلال التأكيد على منهجية الإصلاح الجماعي المشترك ووفق رؤية شمولية نستطيع من خلالها أن نخرج بإصلاح جماعي مشترك وبالتالي سيتم تحقيق الإجماع حول هذه التعديلات، وهو نفس ما تم الوصول إليه خلال المدونة عام 2004 بعد المخاض الإيديولوجي والمجتمعي حول المنهجية المعتمدة، حيث كانت الوزارة في تلك الفترة لديها توجه معين أدى إلى شبه صدام مع طرف معين من المجتمع وكانت هناك محاولات لإشراك الجميع من أجل رفع العوائق، وأعتقد أنه بنفس المنهجية سيتم الإصلاح المنتظر اليوم”.
ذات المتحدث، أشار في تصريح لـ”الأيام 24″ أن التوقيت الذي تم تحديده من أجل التوافق حول إصلاح المدونة، يأتي بالنظر إلى التراكمات التي تم تسجيلها منذ إقرار النص القانوني للمدونة عام 2004، كما أن النقط المعنية بهذا الإصلاح سبق أن أوردها الملك في خطاب العرش لعام 2022، وما على الفاعلين والمعنيين بهذا الإصلاح سوى التقاطها، ما سيمكن من ترشيد الزمن، علما، يضيف، إلياس بوزغاية، أن “إصلاحا بهذا الحجم يستدعي أن يكون هناك حشد لكل الإمكانيات، خاصة وأنه لن تكون هناك إشكاليات وخلافات بنفس الحدة خلال كما هو الشأن مثلا بالنسبة لزواج القاصرات وزواج الفاتحة والتعدد، وهي كلها قضايا تستدعي معالجة شكلية وتقنية وإقرار بعض الآليات مثل الخبرة الطبية بالنسبة لزواج القاصرات أو مجلس الصلح في قضايا الطلاق، وبالتالي، فستة اشهر تستدعي الإسراع في هذه العملية للحسم في الجدل ثم إعداد مشروع القانون والمصادقة عليه في البرلمان لأن ترك الزمن مفتوحا أمام الجهات المعنية قد يؤدي إلى إطالة الجدل حول هذه القضايا.
وردا على سؤال يتعلق بالمواد المتعلقة بتزويج القاصرات (المادة 20) والولاية الشرعية (المادة 236)، باعتبارها من أكثر المواد إثارة للجدل، وبالتالي كيفية الوصول إلى توافق بخصوصها في ظل مطالبة عدد من الجمعيات الحقوقية والمدنية بضرورة إعادة النظر فيها بل وتجريم بعض الممارسات مثل تزويج القاصرات، قال الخبير في قضايا المرأة والدراسات النسائية: “فيما يخص زواج القاصرات أعتقد ان هناك جدل حوله وهل هو 18 سنة أم يمكن السماح باستثناءات والحقيقة أن هناك اصطفاف قانوني اكثر مما هو اصطفاف يبحث عن المصلحة العامة وأعتقد أن اهم شيء في هذا النوع من الزواج هو إعداد الفتاة والفتى لتحمل أعباء الزواج وليس السن فقط واتخاذه كمعيار وحيد لتحديد سن الزواج لأن هناك فتيات اكثر من 18 سنة وليست لديها أهلية للزواج والعكس صحيح وهنا لا بد من استحضار المقاصد الشرعية حتى لا تكون المادة 19 من المدونة هي القاعدة والاستثناء هو المادة 20، وبالتالي نجد اليوم أن زواج القاصرات تتحكم فيه الخبرة الطبية والاجتماعية وهناك كثير من القضاة حتى لو كانت لديهم عقلية ذكورية تتحكم فيهم إكراهات أخرى خاصة في المجال القروي والتي تدفعه إلى منح الإذن بالزواج بالنظر إلى مجموعة من التمثلات الاجتماعية مثل العار والشرف والعرض والوضعية الاجتماعية، لكن الأهم هو الأهلية والقاضي يجب أن تكون له القدرة للحكم وليس حصر الموضوع في السن فقط”.
فيما أشار بخصوص الولاية الشرعية إلى أن هناك حالات تم الوقوف عندها خاصة وأن مشاكلها تطفو على السطح عند الطلاق وما يليها من رفض الىباء منح الأذونات لطليقاتهن من اجل قضاء بعض مصالح الأطفال، وهاذ فيه ظلم وبالتالي فإن الحسم في هذا الموضوع يتطلب استحضار المصلحة الفضلى للطفل، وإقرار التوازن، فلا يعقل أن تقر المدونة أن مسؤولية البيت هي تحت إشراف الزوجين، وعندما يقع الطلاق تصبح الولاية بيد الرجل يستعملها كسلاح، ما يدفع عددا من المطلقات إلى دق أبواب القضاء للحصول على أذونات لقضاء مصالح أطفالهن، وبالتالي فالتعديلات المرتقبة ستستحضر كل هذه الإشكاليات من أجل تقديم مدونة تتماشى مع الواقع المعاش.
