شهدتها مختلف ولايات الوطن

أنشطة ثقافية ومسابقات احتفاء بالمولد النبوي

أحيا الجزائريون على عادتهم منذ قرون ذكرى المولد النبوي الشريف؛ على المستوين الرسمي والشعبي، بأنشطة دينية وثقافية مختلفة عاشتها المساجد والزوايا وبعض المؤسسات الثقافية والشبانية، تأكيدا على حب الجزائريين لرسول الله صلى الله عليه وسلم وتمسكهم بالدين الذي أرسل به، وتأكيدا منهم على ارتباطهم الوجداني بأشقائهم المسلمين في شتى ربوع الأرض الذين واكبوا هذه الاحتفالات،

وفي هذا الصدد أحيا وزير الشؤون الدينية والأوقاف الدكتور يوسف بلمهدي الذكرى من ولاية بشار حيث أشرف رفقة والي الولاية على وضع حجر الأساس لمسجد زينب بنت خزيمة ببلدية القنادسة. كما أشرف على افتتاح الدورة التكوينية الثانية التي تنظمها وزارة الشؤون الدينية والأوقاف لإطارات الشؤون الدينية للجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية الشقيقة، مُمَثلين بمدير التوجيه الديني وثلة من الأئمة والإطارات من وزارة الشؤون الدينية الصحراوية الديمقراطية.
وعبر ولايات الوطن بادرت مختلف مديريات الشؤون الدينية والأوقاف بتنظيم أنشطة مسجدية تمثلت أساسا في مسابقات في حفظ كتاب الله تعالى وقسطا من أحاديث المصطفى صلى الله عليه وسلم، وأمسيات قرآنية بتلاوات عطرة لآي كتاب الله تعالى، وكذا قوافل علمية تجوب المساجد لتقيم ندوات ومحاضرات بالمناسبة، وقد شملت موضوعات هذه الندوات محاور ذات صلة مباشرة بهذه الذكرى لإبراز المعنى الحقيقي للاحتفال بذكرى المولد، وإبراز حقوق الرسول صلى الله عليه وسلم تجاه أمته؛ ومنها: محاضرات حول الاتباع وكيفيته، الرسول صلى الله عليه وسلم مع أهله، أسباب محبة النبي صلى الله عليه وسلم،  الرسول صلى الله عليه وسلم في القرآن الكريم، من جوانب القدوة في حياة الرسول صلي الله عليه و سلم، «ولكم في رسول الله أسوة حسنة، سيرة وشمائل النبي صلى الله عليه وسل، علاوة على حصص إذاعية لبعض الأئمة حول مخاطر المفرقعات التي تنتشر عادة في مثل هذه المناسبة.
وقد شارك رئيس المجلس الإسلامي الأعلى الدكتور بوعبد الله غلام الله حفل إحياء المولد النبوي الشريف بزاوية سيدي عبد الرحمن الثعالبي اليسري بمدينة يسر بولاية بومرداس، كما كانت هذه الذكرى فرصة للمسؤولين المحليين لتكريم الناجحين في مختلف المسابقات المنظمة بهذه المناسبة.
ع/خ

الإمام ابن باديس لم يتخلف عن إحياء ذكرى المولد النبوي الشريف
لم يتخلف عموم العلماء المسلمين الجزائريين عن الاحتفال بذكرى المولد النوبي الشريف؛ حيث كانوا حاضرين بخطبهم وكلماتهم المقدمة للعبر والعظات من هذه الذكرى، ومنها: خطاب ألقاه الإمام ابن باديس في نادي الترقي بالعاصمة سنة 1348هـ/1929م، في هذه الذكرى خطابا ارتجله ارتجالا في ذلك المقام وقد نشر في مجلة الشهاب، ومما جاء فيه:
بسم الله الرحمن الرحيم، وعلى اسم الجزائر الراسخة في إسلامها، المتمسكة بأمجاد قوميتها وتاريخها-افتتح الذكرى الأولى بعد الأربعمائة والألف من ذكريات مولد نبي الإنسانية ورسول الرحمة سيدنا ومولانا محمد بن عبد الله- عليه وعلى آله الصلاة والسلام- في هذا النادي العظيم الذي هو وديعة الأمة الجزائرية عند فضلاء هذه العاصمة ووجهائها.
لسنا وحدنا في هذا الموقف الشريف لإحياء هذه الذكرى العظيمة، بل يشاركنا فيها نحو خمسمائة مليون من البشر في أقطار المعمور كلهم تخفق أفئدتهم فرحا وسرورا وتخضع أرواحهم إجلالا وتعظيما لمولد سيد العالمين.قلوب خمسمائة مليون! هذه قوة كبيرة في هذا العالم مرتبطة بالحب متدرعة بالإيمان فلو شعرت حقيقة الشعور ببعضها لأثمرت للإنسانية فوائد كبرى وعملت لها أعمالا عظيمة.بل تشاركنا في موقفنا هذا الإنسانية كلها وإذا لم يكن بلسان مقالها فبلسان حالها. فمن الإسلام الذي جاء به صاحب هذه الذكرى عرفت الإنسانية وذاقت حرية العقول والرقاب، ومنه عرفت وذاقت العدل على أتم معناه، ومنه عرفت وذاقت المساواة بين العباد فيما هم متساوون فيه، وبهذه الأصول العظيمة أمكن اشتراك أمم كثيرة تحت راية الإسلام في خدمة العلم والمدنية حتى أزهرت رياضهما وسمت صروحهما في الشرق والغرب واغترفت من معينهما أبناء الإنسانية جمعاء.نقلت المدنية الإسلامية أصول المدنيات السابقة نقل الأمين، ونخلتها نخل الناقد البصير، وزادت عليها من نتائج أفكارها وثمار أعمالها ما كان الأساس المتين لمدنية اليوم.
هذا الذي نقوله يعترف به العلماء المنصفون من الغربيين أنفسهم ويشهد به مثل قانون ابن سينا الذي لا زال يدرس إلى القرن الثامن عشر في جامعاتهم ومثل مقدمة ابن خلدون تلميذ شيوخ تلمسان، واضع علم الاجتماع المترجمة إلى جميع لغاتهم.كنا نسمع هذا الاعتراف من الأفراد ولكننا اليوم صرنا نسمعه من الأمم ففي العام الماضي كان احتفال إسبانيا أمتها وحكومتها بانقضاء ألف سنة على تأسيس الخلافة الإسلامية في قرطبة، ومعنى ذلك الاعتراف لهذه الخلافة الإسلامية العربية بفضلها على مدنية اليوم، ورفعها منار العلم والعمران أيام كانت أمم الغرب في همجية عمياء، وفي هذه السنة كان الاحتفال في جامعة ألمانيا ببرلين بذكرى أبي القاسم الزهراوي الأندلسي الطبيب الجراح الذي لا تزال نظرياته واستنباطاته معتمدا عليها إلى اليوم، وكان الاحتفال في القاعة الكبرى التي لا يحتفل فيها إلا بأكابر العلماء الذين خدموا الإنسانية خدمة جليلة. ومعنى هذا الاعتراف لعلماء العرب بخدمة العلم والإنسانية في ظل الإسلام منذ قرن.
فالإسلام الذي جاء به صاحب هذه الذكرى هو أبو المدنية أمس واليوم- وأعني بمدنية اليوم المدنية من جهة العلم والعمران، لا من جهة الأخلاق والاجتماع فهنالك ما يتبرأ منه الإسلام.لا عجب بعد هذا البيان أن نقول أن الإنسانية تشاركنا بالاحتفال في هذا المقام.ما الداعي إلى إحياء هذه الذكرى؟
ثم أورد دواعي وهي المحبة في صاحبها.ثم قال: وأقتصر على ذكر خلقين من أخلاقه أراهما ركنين أساسيين في حياته وفي شريعته وهما:الرحمة  والقوة، وتجلت آثار القوة والرحمة في أخلاقهن في: الأمانة والصدق والعدل:
ليخلص إلى القول: لو تتبعت أصول شريعته وفروعها وآدابها لوجدتها كلها مبنية على أساسي الرحمة والقوة. فليس من الإسلام ذلك التماوت وذلك التمسكن الذي يتظاهر به بعض الناس..ولو بحثت عن أسباب انتشار المملكة الإسلامية المبنية على الشريعة المحمدية لوجدت أصل تلك الأسباب هذين الأساسين: الرحمة والقوة. فإن الضعيف مغلوب، وإن القاسي مبغوض. ولا يسود ويحب- كما كان للإسلام- إلا القوي الرحيم.
كما أن نشيد شعب الجزائر مسلم الذي يحفظه الجزائريون ألقي في احتفالية بمناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف عام 1356هـ/1937م، أقامتها مدرسة التربية والتعليم في قسنطينة، وكان عنوان القصيدة التي تحوي قرابة 40 بيتا *تحية المولد الكريم* وشعب الجزائر مسلم.. 

ميلاد رسول الله صلى الله عليه وسلم ميلاد أمة وحضارة
حري بنا أن نتوقف في كل ذكرى ميلاد المصطفى صلى الله عليه وسلم من كل عام لدفع البشرية لدراسة سيرة النبي صلى الله عليه لتعرف الخبر وتستلهم العبر من السيرة والمسيرة لتقتفي الأثر في بناء الأمة وتشيد الحضارة بدل الدخول في جدل جواز الاحتفال وعدم جوازه، فلما بعث النبي صلى الله عليه وسلم كانت البشرية غارقة في جاهلية وموغلة في الكفر والإلحاد ولم تكن بقعة من بقاع الأرض تعرف توحيدا ولا تحتكم لأخلاق وفضيلة بل الظلم والتهارج والاقتتال والاستعباد وسيادة الرذيلة عنوان الحياة العامة للأمم والشعوب والإيغال في الماديات والإسراف في الإلحاد وعبادة الأوثان والكواكب والشمس والقمر والنجوم.
ولقد خلدت أسفار حضارات الأمم والشعوب بتاريخ البشرية قاطبة و حتى أصحاب الديانات السماوية انحرفوا عن جادة الصواب، ولم يبق سوى ثلة من أولئك الذين أطلق عليهم الحنفاء ورغم تمسكهم بالتوحيد والملة الحنفية السمحة بقايا شريعة إبراهيم عليه السلام إلا  أنهم لم يكونوا ليحدثوا تغييرا ولا ينكروا واقعا أليما بل الغاية الكبرى النجاة بالنفس والاعتزال في الفيافي والقفار، وأما جزيرة العرب فأمة همل لا يلتفت إليها ملتفت، ولا يطمع فيها طامع سوى بعض الأجزاء في كل من الشام والعراق المناذرة والغساسنة فكانوا تبعا للروم أو الفرس لا يملكون قرارا و لا يصنعون حدثا إلا بإذن من ملكوهم ،كما عششت فيهم الخرافة وحكمتهم الأساطير وألغي دور العقل تماما، ويمكننا القول إن الرسالة التي جاء بها النبي محمد صلى الله عليه وسلم تتمثل في:
(أولا)صناعة الإنسان الرسالي كما أراده الله تبارك :وتعالى،حيث يحمل رسالة الاستخلاف وعمارة الأرض في ظل العبودية الحقة لله تبارك وتعالى مصدقا لقوله تعالى: [وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً]. وقوله تعالى: [واستعمركم فيها]. وقوله تعالى:[وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون] فكل تعمير وبناء للأرض خارج هذه الثلاثية فليس باستخلاف ولا إعمار لأنه خال من الروح فلا يسمى حضارة.
(ثانيا) بناء منظومة القيم والأخلاق: لا قيمة للإنسان مالم يتحل بمنظومة خلقية متكاملة ولقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في بيان الهدف من البعثة الشريفة [إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق] فبالأخلاق الحميدة انتشر الإسلام وساد المسلمون وتصدروا المشهد الحضاري العالمي، وتبوء الصدارة في قيادة الأمم والشعوب. وهذا لما كانت الأخلاق سلوكا وممارسة لا تنظيرا وفكرا فحسب. ولقد قال الصحابة عن البعد الأخلاقي في رسالة النبي صلى الله عليه وسلم:(كان النبي صلى الله عليه وسلم يفرغنا ثم يملؤنا) يفرغهم من جميع المفاهيم الخاطئة والأخلاق السيئة ويملؤهم قيما حضارية وأخلاقا فاضلة عالية.
(ثالثا)تصحيح العقائد والتصورات عن عالم الغيب: وهو حجر الزاوية في بناء شخصية الإنسان المسلم، حيث كان الاضطراب العقدي وتشوه النظرة الإنسانية للذات الإلهية والملائكة واليوم الآخر وعالم الغيب عموما السمة الغالبة للإنسان، فاليهود قالوا عزير ابن الله والنصارى قالوا عيسى ابن الله، والأمم الأخرى عبدوا آلهة شتى وتعددت الآلهة عند العرب وتكاثرت الأوثان حتى أصبح لكل قبيلة صنما تعبده؛ فجاءت رسالة الإسلام بقيمة التوحيد التي تقر بوحدانية الله الفرد الصمد بعيدا عن التشبيه والتعطيل الكامل في صفاته وأفعاله تبارك وتعالى.
(رابعا) غرس الإيجابية وبناء الحضارة: ورابع مهمة جاء بها نبينا محمد صلى الله عليه وسلم الإيجابية والانطلاق في إعمار الأرض وتشييد الحضارة في ظل إعمال السنن الإلهية في البشر أفرادا وجماعات ودولا وانطلاقا من مبدأ التعاون الحضاري وفقه التجاور مع الآخر عملا بقول الحق تبارك وتعالى: "لَّا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ " وقوله تعالى:" وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان"، ولقد انطلق المسلمون بعد رسول الله تعالى وفق هذه النظرة الاستشرافية فأسسوا حضارة شهد لها العدو قبل الصديق والغريب قبل القريب، وساسوا أمما وشعوبا من حضارات شتى أذعنوا لدولة الإسلام بالولاء والطاعة في ظل رعاية الحقوق الشخصية والعامة لهذه الشعوب، وهذا ما يجب أن يقف عنده المسلمون بالدرس والتذكير والبيان.

تاريخ الخبر: 2023-09-30 00:25:55
المصدر: جريدة النصر - الجزائر
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 48%
الأهمية: 59%

آخر الأخبار حول العالم

بطولة اسبانيا: ليفاندوفسكي يقود برشلونة للفوز على فالنسيا 4-2

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-04-30 09:25:28
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 58%

الصين تتخذ تدابير لتعزيز تجارتها الرقمية

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-04-30 09:25:33
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 57%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية