حياة القدّيسة تريزا الطفل يسوع


ولدت القديسة تريزا الطفل يسوع ، في بلدة إلنسون بفرنسا سنة ١٨٧٣، من أسرة مسيحية ، وهي التاسعة بين أبنائها، وحين بلغت الخامسة عشرة من عمرها، انتسبت إلى دير سيدة الكرمل في ليزيو، حيث كانت قد سبقتها إليه ثلاثة من أخواتها.

توفيت في ٣٠ سبتمبر سنة ١٨٩٧، شغوفة بحب يسوع، مبتلاة بداء السل الرئوي

.

طريق القداسة :

في مستهل حياتها، كانت تعتبر بحماس بأن سبيل القداسة يستوجب ” قهر الذات “، إلا أنها حين بلغت الثانية والعشرين من عمرها، بدَّلت من تفكيرها وأيقنت بأن القداسة ترتكز على

إتقان ممارسة الأعمال اليومية الوضيعة التي يوجبها علينا واقع حياتنا الراهنة . عاشت بطولة ” طريق البساطة الروحية ” ، فارتقت في غضون سنوات قليلة إلى قمم مدهشة من الإيمان والرجاء. وفي غياهب الظلمات التي اجتازتها، عرفت كيف تظل أمينة ليسوع ، بالرغم من المحن الروحية والأدبية والصحية ، وثابرت عل الإمتثال لتوجيهات أخواتها الراهبات، فيما يتعلَّق بالمتطلبات الرسولية للكنيسة. هذا هو ” طريق البساطة ” إلى القداسة المرتجاة ، أعادتها إلى الأذهان تريزا الطفل يسوع فَكانَّتْ بحق ” تريزا الصغيرة “.

الطفولة الروحيّة تؤول إلى الخلاص والسعادة :

لقد كان شعارها الدائم قول الربّ يسوع :

” إن لم تعودوا كالأطفال لن تدخلوا ملكوت السماوات ” ( متى ٣ : ١٨ ).

فعاشت الطفولة الروحية وشهدت لها، لذلك كانت تقول : ” سوف أبقى أبداً طفلةً إبنةُ سنتين أمامه تعالى كي يضاعف اهتمامه بي … فالطفل يرتضي بصغره وضعفه ويقبل أن يكون بحاجة إلى المعونة … سأتوكَّل على الله أبي في كلِّ شيء وأطلب إليه كلَّ شيء وأرجو منه كلَّ شيء . سأترك له الماضي مع ما فيه من المتاعب والمآثم ليغفرها… وسأقبل الحاضر والمستقبل منه مسبقاً كما تشاء يده الحنون أن تنسجها لي … إنَّ كلَّ شيء يؤول في النهاية إلى خلاصي وسعادتي ومجده تعالى … الله يعلم كلَّ شيء، وهو قادرٌ على كلِّ شيء … ويُحبني … سوف أبقى أبداً طفلةً أمامه وأحاول دوماً أن أرتفع إليه بالرغم من ضعفي ووهني … الطفل الصغير يستطيع المرور بكلِّ مكان لصغره … كم أتوق إلى السماء، حيث نحبُّ يسوع دون تحفظ أو حدود … في قلب يسوع سأكون دوماً سعيدة … الشيء الوحيد الذي أرغب في أن تطلبه نفسي هو نعمة حبِّ يسوع وأن أجعل، قدر إمكاني، كلَّ إنسان يحبه … إن أصغر لحظة حب خالص ، لأكثر فائدة لها، من جميع ما عداها من نشاطات مجتمعة … ”

الرغبة في تحقيق القداسة :

إن ما يميِّز دعوة تريزا إلى القداسة هو رغبتها السريعة في تحقيقها، رغم إدراكها لحقيقة الضعف المتأصلة في الإنسان، تقول : ” لابدَّ لي من أن أقبل واقعي كما هو، بكلِّ ما فيه من نواقص . إني أريد أن أذهب إلى السماء ، سالكةً طريقاً مستقيمة وقصيرة المدى ، طريقاً صغيرة وجديدة . فنحن في عصر الاختراعات، ولم يَعُد ضرورياً أن نتسلَّق الدَرَج درجة درجة … هناك المِصعَد ! … أنا أريد أن أجد مصعداً يرفعني إلى يسوع ، فأنا أصغر من أن أتسلَّق سلّم الكمال ، وهي سلّم شاقة “. ولكن ، ما هو المِصعَد في نظر صغيرتنا القديسة ؟! … الطبيعة ؟ … أم الكتب المقدَّسة ؟… أم كلاهما معاً ؟…

لقد وجدت تريزا في تأملها الكتب المقدسة “ما كانت تسعى إليه ” . فكانت تعتبر أن كلمة الله هي دائماً واقعية، بشكل أن تكون موّجهة إلينا مباشرة، وشخصيّاً، ولقد كانت باستمرار ” موضوع أشواقها “. ولَكَم كانت الطبيعة أيضاً مصدر إطلالة حبِّ الله عليها، حتى أكثرت من الاستعارات والتشابيه المستمّدة من الطبيعة كالورود والطيور والشمس والعاصفة والمطر والضباب .

لم تتردَّد تريزا مطلقاً أن تظهر في سيرتها نقائصها التي كان يسوع ساهراً على تجاوزها، لذلك ” لا تجد صعوبةً في النهوض عندما تكبو “، على حدِّ قولها. فحين يكتشف الإنسان ضعفه، تقول تريزا: ” يتحمَّل نقائص الغير، ولا تصدمه مواطن الضعف فيه “. فلا يكفي أن نقول أننا نحبُّ الآخرين ، ” بل علينا أن نقيم الدليل على هذا الحب ” .

لم تتأخر تريزا في إظهار عفويتها، ومواقفها المرحة، كأن تذكر مثلاً أن أمها كانت تصفها بالـ ” عفريته ” … وأنها حين كانت تمازح أباها تتمنى له أن يموت لكي يذهب إلى السماء. وعندما تهددها الوالدة بأنها ستذهب إلى جهنم حين لا تكون ” عاقلة “، تردُّ عليها أنها سوف تتعلّق بها لتذهب معها إلى السماء، ” إذ كيف يمكن للرب ، تقول تريزا لها، أن يُبعدني ؟ ألا تضميني إلى ذراعيكِ بشدة “. كأنها كانت على قناعة أن الله ” لن يستطيع حيالها شيئاً ” طالما هي بين ذراعي الأم ! التي هي بدورها، تصف صغيرتها، أنها، رغم صراحتها وشفافيتها و” قلبها الذهبي “، ” طائشة “، ” عنادها لا يقهر … عندما تقول ” لا “، لا يمكن لأي شيءٍ أن يُزعزعها ” . وتحتار الأم حول مستقبلها وتتساءل عنها ” ماذا ستكون ” ؟ … ليتكِ علمتِ أيتها الأم الفاضلة التي قدَّمَتْ للكرمل أربع زهرات من بناتها، أن الصغيرة منهن ستكون قديسة !

وتساعدني على احتمال المنفى الأرضي . أما يقول سفر الحكمة ” الحياة كالسفينة الجارية على الماء المتموج التي بعد مرورها لا تجد أثره ولا خط حيز وميها في الأمواج ”

طريقة الطفولة الروحية هي طريقة الثقة والاستسلام المطلق، أريد ان أدل النفوس على

– الموت حبا هذا رجائي

أريد أن أستعر بحبه

أريد أن أراه وأتحد به للأبد

تلك سمائي ذاك مصيري

الحياة بالحب

– أنت الحنون وقلبك البحرُ وأنا اليباسُ وقلبي الصخرُ.

تاريخ الخبر: 2023-10-01 09:21:24
المصدر: وطنى - مصر
التصنيف: غير مصنف
مستوى الصحة: 54%
الأهمية: 53%

آخر الأخبار حول العالم

اعتقال عشرات المؤيدين لفلسطين في عدد من الجامعات الأمريكية

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-04-28 09:22:33
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 68%

توقعات أحوال الطقس اليوم الأحد

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-04-28 09:24:54
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 62%

أعضاء مجلس الأمن يعربون عن قلقهم بشأن تصاعد التوتر في السودا

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-04-28 09:22:28
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 62%

بسبب انخفاض الذكور.. 90% في اليابان يدعمون فكرة تولي امرأة م

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-04-28 09:22:38
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 55%

وزارة الدفاع تعلن وظائف عسكرية للجنسين - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-04-28 09:23:59
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 52%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية