تنطلق اليوم أعمال الاجتماع الوزاري للجنة مراقبة الإنتاج في تحالف "أوبك+" التي تعقد كل شهرين برئاسة السعودية وروسيا وسط توقعات بعدم تعديل التحالف سياسته الحالية لإنتاج النفط الخام.
واتسعت الضغوط الهبوطية على النفط أمس، خلال تداولات الأسبوع الجاري، وذلك بفعل ارتفاع الدولار وزيادة عوائد السندات الأمريكية وصدور مؤشرات متباينة عن المعروض النفطي.
وقال لـ"الاقتصادية"، محللون نفطيون إن أسعار النفط الخام سجلت أكبر انخفاض لها خلال يومين منذ أوائل يونيو حيث يقوم تجار التجزئة بشكل متزايد ببناء الاتجاه الصعودي، لافتين إلى تحذيرات مبكرة من أن خام غرب تكساس الوسيط قد يستمر في الانخفاض.
وذكر المحللون أن الارتفاع الأخير في أسعار الخام كان مدفوعا - إلى حد كبير - بجهود السعودية وروسيا لخفض الإمدادات وتنظيم سوق النفط الخام العالمية، موضحين أن منتجي النفط الأمريكي يتمسكون بالحذر نتيجة مخاوف من كفاءة رأس المال والسياسات الحكومية غير الداعمة.
في هذا الإطار، أكد سيفين شيميل مدير شركة "في جي آندستري" الألمانية، أن جائحة كوفيد - 19 والحرب الروسية - الأوكرانية أثرت بالسلب في أسواق النفط على مدار الأعوام الماضية حيث غاب الاستقرار والتوازن وتفاقمت حدة التقلبات السعرية، عادا أن الأحداث الأخيرة مثل فيضانات ليبيا زادت من إجهاد الإمدادات.
من جانبه، قال روبين نوبل مدير شركة "أوكسيرا" الدولية للاستشارات، رغم ارتفاع إنتاج الولايات المتحدة خاصة من النفط الصخري وبدء موسم انخفاض الطلب العالمي في فصل الخريف تواجه الإدارة الأمريكية خيارات محدودة لمواجهة الارتفاعات المحتملة في أسعار النفط.
وعد أن تخفيضات إمدادات "أوبك+" تمثل العامل الرئيس الأسرع وراء تجدد زخم ارتفاع أسعار النفط التي تقترب من 100 دولار للبرميل، مبينا أن عدم إجراء تغيير في سياسة إنتاج "أوبك+" يرجح معه استمرار أسعار النفط في الارتفاع.
من ناحيته، ذكر ماركوس كروج كبير محللي شركة "أيه كنترول" لأبحاث النفط والغاز، أن زيادات ملموسة في إنتاج "أوبك+" حدثت أخيرا رغم التخفيضات الطوعية الإضافية للسعودية، مشيرا إلى أن أحدث البيانات تشير إلى رفع نيجيريا إنتاجها بمقدار 110 آلاف برميل يوميا في حين وصل إنتاج إيران إلى أعلى مستوياته منذ 2018 بسبب الإعفاء من تخفيضات "أوبك+". وأشار إلى محافظة السعودية على التزامها بضخ نحو تسعة ملايين برميل يوميا في سبتمبر لموازنة بعض الزيادات في الإنتاج.
بدورها، قالت مواهي كواسي العضو المنتدب لشركة أجركرافت الدولية، على عكس التوقعات فإن صناعة النفط الصخري الزيتي في الولايات المتحدة لم تقم بإجراء زيادة كبيرة في الإنتاج رغم تداول خام غرب تكساس الوسيط فوق 90 دولارا للبرميل حيث تمسك المنتجون بحالة من النهج الحذر نتيجة المخاوف المتعلقة بكفاءة رأس المال وتدفق المستثمرين إلى الخارج والتمويل المحدود والسياسات الحكومية غير الداعمة.
وأشارت إلى أن مع تغير توقعات الصناعة والضغوط الخارجية قد تستمر أسعار النفط المرتفعة فترة أطول، موضحة أنه في غياب العرض الإضافي، فإن تنظيم الأسعار سيعتمد على الطلب، عادة أن الطلب على النفط غير مرن بشكل ملحوظ ما يعني أن الأمر سيستغرق بعض الوقت. وفيما يخص الأسعار، حومت العقود الآجلة لخام برنت حول 90 دولارا للبرميل، بينما خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي عند 88 دولارا للبرميل.
وبحسب "رويترز"، قال محللو "إيه.إن.زد" في مذكرة للعملاء "انخفضت أسعار خام برنت إلى نحو 90 دولارا للبرميل مع هيمنة ارتفاع العوائد الأمريكية وقوة الدولار على معنويات السوق".
وأضافوا "بينما لا يزال المعروض محدودا، فإن ارتفاع أسعار الفائدة يعني التخزين الباهظ للمخزونات. وقد يؤدي ذلك إلى مزيد من السحب من مخزون النفط".
وكان الدولار قد ارتفع يوم الإثنين إلى أعلى مستوى في عشرة أشهر مقابل سلة من العملات الرئيسة بعد أن تجنبت الحكومة الأمريكية الإغلاق الجزئي وعززت بيانات اقتصادية توقعات إبقاء الفيدرالي الأمريكي أسعار الفائدة مرتفعة مدة أطول، ما قد يؤدي إلى تباطؤ النمو الاقتصادي.
ويجعل ارتفاع أسعار الفائدة، إلى جانب قوة الدولار، النفط أكثر تكلفة بالنسبة إلى حائزي العملات الأخرى ما قد يؤدي إلى انخفاض الطلب عليه.
وأعلن وزير الطاقة التركي أن بلاده ستستأنف هذا الأسبوع تشغيل خط أنابيب النفط الخام من العراق الذي تم وقفه منذ نحو ستة أشهر، ما ضغط أيضا على الأسعار.
وقال محللون من "بي.إم.آي" للأبحاث في تقرير للعملاء إنه "نظرا إلى تباطؤ الاقتصاد العالمي، فمن المرجح أن ترغب أوبك+ في الإبقاء على تخفيضاتها الحالية، مع الإشارة إلى نطاق القيام بمزيد من التخفيضات إذا استدعت ظروف السوق ذلك".
من جانب آخر، تراجعت سلة خام "أوبك" وسجل سعرها 94.99 دولار للبرميل يوم الإثنين مقابل 96.35 دولار للبرميل في اليوم السابق.
وذكر التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" أمس أن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 13 خاما من إنتاج الدول الأعضاء في المنظمة حقق ثاني انخفاض على التوالي وأن السلة خسرت أقل من دولار واحد مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي الذي سجلت فيه 95.31 دولار للبرميل.
