بات عديد من المسؤولين المغاربة والوزراء يعتمدون في مداخلتهم وتصريحاتهم على اللغة الإنجليزية، واضعين اللغة الفرنسية في موضع تماس، بعدما تراجعت نفوذها في عديد من دول العالم.
وربط مجموعة من المراقبين والمحللين السياسيين، هذا التراجع بتأزم العلاقات الحالية بين المغرب وفرنسا، والتي اشتدت بعد الزلزال الذي ضرب المملكة المغربية ليلة الثامن من شتنبر، بهدف التحرر من تبعية المستعمر الفرنسي.
هذا التغيير شهدت عليه المناظرة الإفريقية الثانية من أجل الحد من المخاطر الصحية، التي احتضنتها مدينة مراكش الأسبوع الماضي، بعدما فضل رياض مزور، وزير الصناعة والتجارة، إلقاء مداخلته باللغة الإنجليزية عوض الفرنسية، كزميله محمد صديقي، وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، الذي تحدث باللغة الإنجليزية في مشاوراته مع نظيره الإسرائيلي قبل توقيع مذكرة تفاهم حول التعاون في المجال الفلاحي والماء.
تعليقا على هذا الموضوع، يرى عبد الصمد بلكبير المحلل السياسي، أن “ما قام به الوزير في مناسبة دولية هو تعبير رمزي على هذا الاستيقاظ المتأخر من قبل النخبة الفرانكفونية، إلى إيقاظ ضميرها من أجل العودة إلى لغاتها وهوية شعبها ووطنها”، مشيرا إلى أن “هذا التصرف من الوزير الذي لا أدري إذا كان شخصيا، لكن في الغالب هو يتلاءم مع المناخ العام، وأن هذا يعتبر سلوكا محترما ويشكر عليه”.
وشدد عبد الصمد بلكبير، في تصريح لـ”الأيام 24″، على أنه “يجب تحرير التعليم المغربي من اللغة الفرنسية، والإدارات المغربية بالإضافة إلى الاقتصاد المغربي في المجال البنكي وأيضا الجامعات المغربية”.
وتابع المتحدث ذاته أن هذه “استجابة متأخرة والفضيلة إذا جاءت متأخرة من الأفضل أن لا تأتي من قبل بعض وزراء الحكومة الراهنة”، مؤكدا على أنه “يعتبر مطلب شعبي عريق بدأ منذ بداية القرن الماضي وليس القرن الحالي”.
وأبرز المحلل السياسي أن هذه “القضية تعتبر هوية ومظهر من مظاهر الاستقلال وسيادة الدول، ولذلك نلاحظ ان فرنسا طرحت عدة قوانين للحد من إهانة اللغة الفرنسية من قبل الفرنسيين باستعمال بعض الفرنسيين لغات غير لغتهم الرسمية”.
“المملكة المغربية تأخرت بخصوص هذا الموضوع، ونحن دائما كنا نستنكر هذه السيادة الظالمة والنفوذ غير العادل، ليس للغة الفرنسية وإنما للفرانكفونية”، يقول المتحدث، موضحا أن “المغاربة والعرب والمسلمون والعالم مدين للغة الفرنسية بما يختصر في كلمة الحداثة، لأن الفرنسية تحمل مجموعة من القيم منها الحرية والمساواة والديمقراطية والاستقلال”.
وأشار بلكبير إلى أن “الفرانكفونية هي الاستعمال المغرض للفرنسية، من أجل أهداف استغلالية واستعمارية، ونحن ضد استعمال الفرنسية للهيمنة والسيطرة وليس ضذ الفرنسية، سواء على الإدارات والتعليم والاقتصاد والمجتمع”.
واختتم المحلل السياسي حديثه قائلا: “اتضح أن الارتباط التبعي للمغرب بالدولة الفرنسية، أدى إلى ما نحن بصدده وأن فرنسا تستعين بحقوقنا وبكرامتنا وبهويتنا وتتصرف معانا باستكبار واحتقار”.
