لا ضير إن استحضرنا في سياق الاجتماعات السنوية لصندوق النقد والبنك الدوليين، أولى إرهاصات لظهور أول الأبناك في العالم أو في تاريخ البشرية ككل، وبمناسبة تنظيمها داخل المملكة المغربية الشريفة تجتمع في كتاب تراث هذا البلاد جملة من المآثر التاريخية التي تميز معماره القروي التقليدي.
وتعتبر المخازن الجماعية والتي تسمى بـ”إكودار” أو “إكيدار”، من أول المؤسسات القديمة والعتيقة التي تعتمد على تجميع وتخزين المواد الغدائية والسندات والوثائق، وكان يأخذ شكلها المعماري على شكل مربع تعلو زواياه أبراج للمراقبة، أو على شكل مستطيل بدون أبراج، وقد يتخذ شكلا هندسيا آخر كالدائري، حسب المناطق والمناخ والطبوغرافيا.
في هذا الصدد، قال خالد ألعيوض، دكتور وباحث في التراث، إن “المخازن الجماعية تجتمع على مصطلح “إكيدار” وتوجد بالمملكة المغربية أكثر من 560 مخزن جماعي، لذلك يعتبر المغرب أكبر حاضن وخزان في شمال إفريقيا، وتوجد قلة قليلة في الجزائر وبعضها في تونس والأخرى في ليبيا”.
وأورد خالد ألعيوض، في تصريح لـ”الأيام 24″، أن “مخازن المغرب تعتبر أكثر تطورا لأنها طورت أساليب التدبير التشراكي بين الساكنة، وأنتجت لذلك ألواحا تنظم العلاقات بين الناس”، مشيرا إلى أنه “هناك ألواحا مكتوبة تتضمن بنود وعقود ولوازم، إذ ينضبط عندها الناس بعد تشكيل مجلس منتخب، حيث تعتبر أول مؤسسة ديمقراطية أيضا وأن تدبيرها يوكل إلى جماعة من الأعيان وهم أهل الحل والعقد”.
وتابع المتحدث عينه أن “نظام التخزين بإكودار هو شبيه بنظام الأبناك لذلك تم تسميته بأول إرهاصات لظهور أول نظام بنكي في العالم، بحيث أنه يتكون من عدة غرف تحت إشراف الأسر”.
“هذا النظام هو نظام عريق لأن أول كتابته الأولى تشير إلى أن أول لوح عثر عليه كان لوح اغادير سنة 492، غير أنه وجدت في أحد الكتابات أن مهدي ابن تومرت عندما ذهب من مراكش إلى أعالي الأطلس قام ببناء منزلا ومخزنا للحبوب حيث كان يضع في جانبه كل من الفضة والسندات والوثائق”. يقول المتحدث.
وخلص المتحدث إلى أن “هذا النظام أبدعه المغاربة في مجال التدبير والاقتصاد، لأنه يرسخ القيم الجماعية ويخضع لقوانين تسمى بالأعراف”.
