رافقت نداءات الاحتلال الإسرائيلي بالإخلاء وتهجير الفلسطينيين القسري تحذيرات المسعفين من أن الآلاف قد يموتون في المستشفيات، إما بسبب النقص الشديد في الوقود والإمدادات الأساسية في المستشفيات المكتظة بالجرحى أو بسبب حالاتهم الحرجة التي تفرض عليهم البقاء ورفض الإخلاء. وقالت منظمة الصحة العالمية إن عملية الإخلاء «قد تكون بمثابة حكم بالإعدام» لأكثر من 2000 مريض في المستشفيات الشمالية. واجتمع ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود، في الرياض مع وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن.

وجرى خلال الاجتماع بحث التصعيد العسكري الجاري حاليًا في غزة ومحيطها، وأكد ولي العهد ضرورة العمل لبحث سبل وقف العمليات العسكرية التي راح ضحيتها الأبرياء، وسعي المملكة لتكثيف التواصل والعمل على التهدئة ووقف التصعيد القائم، واحترام القانون الدولي الإنساني بما في ذلك رفع الحصار عن غزة، والعمل على تهيئة الظروف لعودة الاستقرار واستعادة مسار السلام بما يكفل حصول الشعب الفلسطيني على حقوقه المشروعة وتحقيق السلام العادل والدائم. وشدد على رفض المملكة استهداف المدنيين بأي شكل أو تعطيل البنى التحتية والمصالح الحيوية التي تمس حياتهم اليومية.

كفاح فلسطيني

ويكافح الفلسطينيون في القطاع الساحلي المحاصر للعثور على الغذاء والماء والأمان قبل الهجوم البري الإسرائيلي المتوقع في الحرب التي أشعلتها هجوم حماس. وأجرى الاحتلال تدريبات استعدادًا لما قالت إسرائيل إنها حملة واسعة النطاق لتفكيك الجماعة المسلحة، حيث تمركزت قوات الاحتلال الإسرائيلية على طول حدود غزة بدعم من انتشار متزايد للسفن الحربية الأمريكية في المنطقة. وقالت وزارة الصحة في غزة إن 2329 فلسطينيًا قتلوا منذ اندلاع القتال، وهو عدد أكبر مما قُتل في حرب غزة عام 2014، والتي استمرت أكثر من ستة أسابيع، ما يجعل هذه الحرب هي الأكثر دموية من بين حروب غزة الخمس لكلا الجانبين. وقالت وزارة الخارجية الأمريكية إن وزير الخارجية أنتوني بلينكن سيعود إلى إسرائيل بعد الانتهاء من جولة محمومة، شملت ست دول عبر دول عربية تهدف إلى منع القتال من إشعال صراع إقليمي أوسع.



جرحى الأطفال

في مستشفى ناصر، في مدينة خان يونس الجنوبية تمتلئ غرف العناية المركزة بالمرضى الجرحى، معظمهم من الأطفال دون سن الثالثة، وقد وصل مئات الأشخاص الذين يعانون من إصابات خطيرة نتيجة الانفجار إلى المستشفى، حيث من المتوقع أن يتم تشغيل الوقود، وقال الدكتور محمد قنديل، استشاري مجمع الرعاية الحرجة، هناك 35 مريضًا في وحدة العناية المركزة يحتاجون إلى أجهزة التنفس الصناعي، و60 آخرين يحتاجون إلى غسيل الكلى، وأضاف أنه إذا نفد الوقود، «فهذا يعني أن النظام الصحي بأكمله سيتم إغلاقه»، بينما كان الأطفال يئنون من الألم في الخلفية، و«جميع هؤلاء المرضى معرضون لخطر الموت إذا انقطعت الكهرباء». وقال الدكتور حسام أبو صفية، رئيس قسم طب الأطفال في مستشفى كمال عدوان شمال غزة، إنه لم يتم إخلاء المستشفى رغم الأوامر الإسرائيلية، وقال إن هناك سبعة أطفال حديثي الولادة في وحدة العناية المركزة موصولين بأجهزة التنفس الصناعي، «لا يمكننا الإخلاء، لأن هذا يعني الموت لهم وللمرضى الآخرين الذين تحت رعايتنا»، حيث يستمر وصول المرضى بأطراف مقطوعة وحروق شديدة وإصابات أخرى تهدد حياتهم.

غزة تجف

وقال مستشفى الشفاء في مدينة غزة، وهو الأكبر في القطاع، إنه سيدفن 100 جثة في مقبرة جماعية كإجراء طارئ بعد أن امتلأت المشرحة، ولم يتمكن الأقارب من دفن أحبائهم، وتجمع عشرات الآلاف من الأشخاص الباحثين عن الأمان في مجمع المستشفى.وكانت غزة تعاني بالفعل من أزمة إنسانية بسبب النقص المتزايد في المياه والإمدادات الطبية بسبب الحصار الإسرائيلي، ومع إغلاق بعض المخابز، قال السكان إنهم لم يتمكنوا من شراء الخبز، كما قامت إسرائيل بقطع المياه، مما أجبر الكثيرين على الاعتماد على الآبار قليلة الملوحة. وأمرت إسرائيل أكثر من مليون فلسطيني -أي ما يقرب من نصف سكان المنطقة- بالتحرك جنوبًا، ويقول الجيش إنه يحاول إخلاء المدنيين قبل حملة كبيرة ضد حماس في الشمال، حيث يقول إن المسلحين لديهم شبكات واسعة من الأنفاق والمخابئ وقاذفات الصواريخ. وتقول الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة إن النزوح الجماعي داخل غزة، إلى جانب الحصار الإسرائيلي الكامل، سوف يسبب معاناة إنسانية لا توصف.