الداكي: النصوص التشريعية والآليات المؤسساتية غير كافيتين لمكافحة جرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب


شدّد الحسن الداكي، الوكيل العام للملك، رئيس النيابة العامة، اليوم الثلاثاء، بالرباط، على أن "مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب ليست عملية ظرفية مرتبطة بتنزيل خطة عمل، أو الخروج من لائحة معينة، بل إنها مبنية على مقاربة مستدامة تقوم على تعزيز المكتسبات، ومواصلة تطوير طرق الاشتغال وتدارك النواقص بكل مسؤولية".

وتابع الداكي، بمناسبة حضور افتتاح الدورة التدريبية حول "التحقيق المالي الموازي في مجال غسل الأموال وتمويل الإرهاب": "إذا كان الإجرام المالي، عموما، يتميز بنوع من التعقيد وصعوبة الإثبات، فإن جرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب تبقى أكثر تعقيدا، ولا تنضبط للوسائل التقليدية للمراقبة والتحري والتحقيق، نظرا لكون القائمين بها يستخدمون تقنيات متطورة للتمويه والتعتيم والتضليل، عبر شبكة معقدة من الإجراءات على درجة عالية من السرية، يصعب، في أحيان كثيرة، اكتشافها والوصول إلى مرتكبيها".

وأضاف أنه "وفقا لذلك، يبقى الجمع بين وسائل البحث الكلاسيكية، والتحقيق المالي الموازي، وتقنيات البحث الخاصة، المدخل الأساسي لتطويق جريمة غسل الأموال، وكشفها، وتقديم مرتكبيها إلى العدالة".

واعتبر رئيس النيابة العامة أن "التحقيقات المالية الموازية، ومدى نجاحها في الوصول إلى تحقيق الهدف الأساسي منها، المتمثل في مصادرة متحصلات الجريمة، معيار مهمّ يتحدد، على أساسه، مدى التزام الدولة بمتطلبات مكافحة غسل الأموال وتمويل الإٍرهاب، وفقا لمعايير مجموعة العمل المالي، ويعتبر ذلك عاملا حاسما في تقييمها، على المستوى الدولي، ومن ثم حذفها من قائمة الدول عالية المخاطر".

واستدرك: "غير أن نجاح البحث المالي الموازي في دعم البحث الجنائي يتوقّف، بشكل كبير، على تظافر الجهود، والتنسيق بين النيابة العامة وأجهزة الإشراف وأجهزة المراقبة والأشخاص الخاضعين والهيأة الوطنية للمعلومات المالية والشرطة القضائية، في إطار تكامل الأدوار وتبادل المعلومات".

وفي هذا الإطار، أشار الداكي إلى أن "رئاسة النيابة العامة، في إطار تعزيز آليات التنسيق والتعاون الوطني والرفع من جودة التحقيقات المالية الموازية، أبرمت عدة اتفاقيات شراكة وتعاون مع مؤسسات وهيئات وطنية، نخص منها بالذكر؛ الاتفاقيات الموقعة بين رئاسة النيابة العامة والهيئة المغربية لسوق الرساميل والمجلس الأعلى للحسابات وبنك المغرب والهيئة الوطنية للمعلومات المالية؛ حيث ساهم التعاون مع الهيئة، في الشق الخاص بطلب المعلومات، في تمكين النيابات العامة من الاستفادة من خدمة "goAML"، التي تتوفر عليها الهيئة، والتي تسمح بالتبادل الفوري والآمن للمعلومات المالية".

أما بالنسبة للتعاون مع بنك المغرب، يضيف رئيس النيابة العامة، "فمكّن من إحداث آلية لدعم الأبحاث المالية الموازية، والحصول على المعلومات المالية حول الحسابات البنكية، في وقت وجيز لا يتجاوز ستين دقيقة".

وأكد الداكي أن "تكوين الموارد البشرية المكلفة بمحاربة جرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب يكتسي أهمية بالغة في مسار تطويق هذه الظواهر الإجرامية، خاصة على مستوى تنمية قدرات الأجهزة المكلفة بالبحث والتحقيق في موضوع التحقيقات المالية الموازية؛ إذ أن نجاح هذه الأجهزة خلال البحث والتحقيق في إحدى الجرائم الأصلية، من خلال فتح بحث مالي، بالموازاة مع البحث الجنائي التقليدي، من أجل الكشف عن المتحصلات المالية للجريمة، وتعقبها عن طريق  توجيه انتدابات بشأنها إلى المؤسسات المختصة، للكشف عن حساباتهم البنكية وممتلكاتهم العقارية والمنقولة، ومن ثم تقديم الأدلة لربط تلك المتحصلات المالية بالجريمة الأصلية، سيساهم لا محالة في تجويد المعالجة القضائية لقضايا غسل الأموال وتعقب الأموال والمتحصلات وحرمان المجرمين من الانتفاع منها".

وتابع أنه "بقدر دورها في رصد الأموال المشبوهة على النحو المذكور، فإن التحقيقات المالية الموازية تبقى، أيضا، الوسيلة الناجعة التي تمكن الأجهزة المكلفة بالبحث والتحقيق من التمييز بين الأموال المشروعة وغير المشروعة المملوكة للمشتبه فيهم"، مشيرا إلى أنه "بالنظر لأهمية هذا الموضوع، عملت رئاسة النيابة العامة على إيلائه أهمية بالغة، من خلال التعليمات التي وجهت إلى النيابات العامة، على الصعيد الوطني، بموجب الدوريتين عدد 48 س/ ر ن ع، بتاريخ 14 نونبر 2019، وعدد 14س/ ر ن ع، بتاريخ 30 أبريل 2020؛ حيث تم حثها على تكليف الشرطة القضائية بإجراء الأبحاث المالية الموازية، وذلك عبر جرد ممتلكات المشتبه فيهم العقارية والمنقولة، وحساباتهم البنكية، وعلاقة تلك الممتلكات بالجريمة، بالإضافة إلى الاستعانة بمخرجات التقييم الوطني للمخاطر لتوجيه الأبحاث نحو الجرائم الأصلية ذات المخاطر المرتفعة، مع التأكيد على ضرورة طلب مساعدة الهيأة الوطنية للمعلومات المالية، بشأن جميع الأدلة والمعلومات التي قد تفيد في البحث، فضلا عن تفعيل إجراءات الحجز والتجميد، بمناسبة قضايا غسل الأموال وتمويل الإرهاب والجرائم الأصلية، مع جعلها قاصرة على الأموال ذات الصلة بالجريمة واحترام حقوق الغير، وذلك بعد إجراء الأبحاث المالية الموازية اللازمة التي تسمح بالتحقق من قيمة الأموال ذات الصلة بالجريمة، مع تقديم ملتمسات للمحكمة، من أجل مصادرتها في الحالات التي يسمح بها القانون".

واعتبر الداكي أن "النصوص التشريعية والآليات المؤسساتية، وإن كانتا ضروريتين، إلا أنهما غير كافيتين لوحدهما للحد من المخاطر المستجدة لجرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب، والكشف عن مرتكبيها، وتقديمهم للعدالة، وإنما الواقع الحالي يفرض بذل مجهودات ملموسة على مستوى تأهيل كفاءات ومهارات مختلف الفاعلين في هذا المجال، وتطوير طرق الاشتغال لديهم، لاسيما أجهزة إنفاذ القانون المكلفة بإنجاز الأبحاث والتحقيقات بخصوصها".

و"في ظلّ تنامي منسوب التجارة الإلكترونية، وتطور التقنيات الجديدة والتكنولوجيا الناشئة، فضلا عن تنامي ظاهرة التعامل بالعملات والأصول الافتراضية، وانتشار وسائل الدفع الحديثة، والإقبال على اللجوء إلى الإنترنت المظلم، وما يطرحه كل ذلك من تحديات بشأن استخدامه في جرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب والجرائم الأصلية"، أكد رئيس النيابة العامة على "ضرورة مواصلة الاعتماد على التكنولوجيا وتقنيات الذكاء الاصطناعي، وتطويرها بما يتناسب مع خصوصيات إدارة التحقيقات المالية الموازية في هذا النوع من الجرائم، بالشكل الذي يمكّن من الرصد الإلكتروني للمعاملات المالية المشبوهة وتحليليها، مع الاستعانة في ذلك بمخرجات الإستراتيجية الرقمية لسلطات إنفاذ القانون في مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، التي أعدتها مجموعة العمل المالي وكافة الوثائق والشبكات العالمية ذات الصلة".

تاريخ الخبر: 2023-10-17 18:12:13
المصدر: تيل كيل عربي - المغرب
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 52%
الأهمية: 59%

آخر الأخبار حول العالم

حركة حماس تقول إنها تدرس "بروح إيجابية" مقترح الهدنة في قطاع غزة

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-03 12:27:46
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 67%

حركة حماس تقول إنها تدرس "بروح إيجابية" مقترح الهدنة في قطاع غزة

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-03 12:27:49
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 56%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية