برنامج المساعدة في السكن يعزز أبعاد الدولة الاجتماعية ويفتح آفاقها


الدار/ افتتاحية

جلسة العمل حول البرنامج الجديد للمساعدة في السكن التي ترأسها جلالة الملك محمد السادس يوم الثلاثاء مرحلة جديدة في مسلسل تثبيت أركان الدولة الاجتماعية الذي تتسارع وتيرته في بلادنا منذ جائحة كوفيد 19. بعد حوالي 18 عاما على إطلاق مبادرة التنمية البشرية التي نجحت في إدماج عشرات الآلاف من المواطنين من عديمي الدخل أو ذوي الدخل المحدود في الدورة الاقتصادية تتراكم المبادرات الرسمية التي أطلقتها بلادنا في أعقاب الجائحة لتؤكد النهج الرسمي المتوجه بسرعة وثبات نحو بناء أركان مجتمع متضامن تشرف عليها الدولة الراعية التي لا تستمد شرعيتها فقط من احتكار العنف أو جباية الضرائب وفقا للتعريف السوسيولوجي والتاريخي، وإنما من حرصها على العناية بمواطنيها والاستجابة لاحتياجاتهم وطلباتهم.

بعد إطلاق ورش تعميم الحماية الاجتماعية والتغطية الصحية الذي يعدّ في حد ذاته مشروعا اجتماعيا ضخما والإعلان عن قرب تفعيل برنامج المساعدة الاجتماعية في نهاية السنة الجارية جاء مشروع برنامج المساعدة في مجال السكن في إطار تنزيل إرادة جلالة الملك في تعزيز قدرة المواطنين على الولوج إلى سكن لائق. برنامج طموح وغير مسبوق سيخصص له غلاف مالي ضخم من الميزانية العمومية حيث سيتم تحديد مبالغ المساعدة المباشرة المقدمة للمواطنين حسب قيمة السكن الذي يتم اقتناؤه. وهكذا، تم تحديد مبلغ المساعدة في 100 ألف درهم من أجل اقتناء مسكن يقل ثمن بيعه أو يعادل 300.000 درهم مع احتساب الرسوم، و70 ألف درهم لاقتناء مسكن يتراوح ثمنه ما بين 300.000 درهم و700.000 درهم مع احتساب الرسوم.

هذا البرنامج الذي يروم تجديد المقاربة المتعلقة بالمساعدة على تملك السكن ودعم القدرة الشرائية للأسر، من خلال مساعدة مالية مباشرة للمقتني، سيستفيد منه المغاربة المقيمون بالمغرب أو بالخارج، الذين لا يتوفرون على سكن بالمغرب ولم يسبق لهم الاستفادة من مساعدة خاصة بالسكن. والهدف الأسمى وراء هذا المشروع الضخم هو تسهيل ولوج الطبقات الاجتماعية ذات الدخل المنخفض والطبقة المتوسطة إلى السكن، وتقليص العجز السكني، وتسريع وتيرة استكمال برنامج “مدن بدون صفيح”. إنها أهداف جد طموحة تأتي في سياق عرف فيه المغرب كارثة طبيعية مدمرة تمثلت في زلزال الحوز الذي أدى إلى وفاة وإصابة الآلاف من المغاربة وانهيار عشرات الآلاف من المباني، وتطلبت تدخلا عاجلا لتعويض المتضررين ودعمهم بالمساعدات الاجتماعية المباشرة.

هذه الكارثة التي استنزفت مبالغ هامة من الميزانية العامة للبلاد لم تؤخر الدولة عن الوفاء بالتزاماتها المتسارعة من أجل بناء مجتمع متضامن تتوفر فيه الحقوق الاجتماعية والاقتصادية الدنيا لكافة المواطنين وعلى رأسها الحصول على سكن لائق يضمن الكرامة للمواطن. وما يحدث من خلال هذه الأوراش الاجتماعية المختلفة التي فُتحت في بلادنا في السنتين الأخيرتين يمثل ثورة حقيقية في مجال ترسيخ أسس ودعائم الدولة الاجتماعية التي ينبغي لها أن تتكفّل بالمواطن من حيث الرعاية الاجتماعية بمختلف أبعادها سواء المعيشية أو السكنية أو الصحية. هذه المطالب التي كانت دائما تمثل الشغل الشاغل لجلّ المواطنين، أصبحت اليوم الشغل الشاغل للدولة نفسها بكافة مؤسساتها التنفيذية والتشريعية.

الدعم المالي الكبير الذي سيخصص مثلا لعملية شراء الشقق سينقذ مئات الآلاف من الأسر المغربية من هشاشة كبيرة على مستوى السكن، ويخفف عنهم الكثير من المعاناة التي كانت تقع على عاتقهم بسبب العبء الذي تشكله قروض السكن. هناك مقاربة متوازنة واضحة في هذا البرنامج تحقق هدفين رئيسيين في الوقت نفسه: من جهة تضمن لذوي الدخل المحدود والطبقة الوسطى الحصول على سكن لائق وكريم ينسجم مع إرادة الدولة الاجتماعية الهادفة إلى تحسين الوضع المعيشي لغالبية المغاربة، وتساعد من جهة أخرى على خلق ديناميكية اقتصادية جديدة تعطي لقطاع البناء والتطوير العقاري دفعة جديدة وتوفر المزيد من فرص النمو ومناصب الشغل.

تاريخ الخبر: 2023-10-18 12:26:20
المصدر: موقع الدار - المغرب
التصنيف: مجتمع
مستوى الصحة: 58%
الأهمية: 50%

آخر الأخبار حول العالم

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية