عندما دعم المغاربة ثوار الجزائر بالسلاح لطرد الاحتلال الفرنسي


 

تحتفظ العلاقات المغربية الجزائرية بذاكرة حية تنبض بروح التحرر من قيود الاستعمار الفرنسي في القرن 19. صفات ماض عصيٍ على موجات السياسية العاصفة أن تقذفها خارج الذاكرة المشتركة للبلدين. ففي المذكرات الدالة للمقاوم المغربي حمدون شوراق حول باخرة «دينا»، يعود الكاتب إلى نسج خيوط الانسيق بين الثوار المغاربة والجزائرين في زمن الاتحاد من أجل طرد المستعمرين.

 

وفي المذكرات المسجلة بعنوان «الباخرة دينا .. تسليح المغاربة للثورة الجزائرية: مذكرات المقاوم شوراق حمدون» شهر أبريل الماضي عن دار الإحياء للنشر بطنجة، استندت في المعلومات الواردة فيها على النسخة الوحيدة التي تتوفر عليها عائلة المقاوم شوراق، والتي قدمت لها الدكتورة حياة اجعير، الباحثة المتخصصة في تاريخ المقاومة المغربية، تحكي المذكرات كيف كان للمقاومين الفارين من جميع المناطق إلى الشمال الشرقي للمملكة إثر مظاهرتي وجدة وبركان في 16 و17 غشت 1953، دور بارز في إمداد الخلايا الفدائية في المنطقة بالسلاح.

 

وتابعت اجعير، أن ما ميز المنظمات الفدائية بهذه المنطقة عن غيرها في المناطق الأخرى من المغرب، هو قربها من منطقة النفوذ الإسباني خاصة المناطق التي لا يفصلها إلا نهر ملوية، وقربها أيضا من الجزائر بحيث كانت هناك سهولة في التنسيق بين الثوار المغاربة والجزائريين».

 

وأضافت كاتبة مقدمة الكتاب، التي خلصت إلى أن هذه الظروف هي التي نشأ فيها المقاوم حمدون شوراق، الذي بدأ حياته المهنية في التجارة على طول نهر ملوية، ما أتاح له الفرصة لربط علاقات واسعة مع مغاربة المنطقتين الإسبانية والفرنسية وصولا إلى ما وراء الحدود المغربية الجزائرية، إذ كانت المنطقة كلها ذات ترابط قوي، فضلا عن أن ممارسته للتجارة في الجزائر منذ عام 1945 سمحت له بتبادل الجرائد بين الجانبين، ونسج علاقات ثقة مع عدد من الوطنيين هنا وهناك، لا سيما وأنه كان موزعا للصحف التي كانت تصدر بتطوان، ومنها جريدة «الأمة» وجريدة «النهار».

 

 

وبسبب نشاطه السياسي هذا، سيتم اعتقاله من قبل السلطات الإسبانية لكن سرعان ما سيعود إلى الواجهة بعد خروجه من السجن  ليكون له دور بارز في الحركة الوطنية، مستعدا لدعم ومساندة أي جهود تهدف إلى تحقيق الاستقلال والتحرر من نير الاستعمار، وهو ما يجعل مذكراته بمثابة «سفر» لمعانقة «تجربة فريدة من نوعها في تاريخ التعاون والنضال المغربي الجزائري ضد الاستعمار الفرنسي، خاصة بعد رسو البواخر المحملة بالأسلحة القادمة من مصر في الشمال الشرقي للمغرب وبالضبط في منطقة شاطئ رأس الماء بالناظور، أو كما يسميها أهل المنطقة بـ «قابوياوا» ليتكفل بنقل السلاح إلى المقاومة الجزائرية عامي 1954 و1955 بعد اللقاء الذي جمعه في خريف 1954 مع كل من العربي بلمهيدي ومحمد بوضياف كمبعوثين من الثوار الجزائريين من أجل التنسيق معه بخصوص الباخرة «دينا».

 

وتدارس الثلاثة سبل نقل السلاح الذي تحمله والذي كانت شحنته الأولى تصل إلى 13 طنا، من المغرب إلى الحدود الجزائرية، وهو ما يقتضي تجييش عدد لا يستهان به من الأشخاص الذين يمكنهم حفظ السر لتفادي الوقوع في شباك الفرنسيين أو الإسبان، ليجد شوراق ضالته في أبناء قبيلته «كبدانة» الذين ضربوا مثالا في الوفاء وأداء المهمة في أحسن الظروف، خاصة وأن ما حدث سطر على تعاون بين «مقاومين لا تجمعهم اتفاقية ولا معاهدة مكتوبة، واجهوا الغطرسة الفرنسية بوسائلهم البسيطة التي أفزعت المستعمر».

 

وتؤكد اجعير، التي ترى في هذه المذكرات وسيلة و”مادة مرجعية توثيقية ترد على كل من يحاول إنكار الدعم الذي قدمه المغرب للمقاومة الجزائرية، وهي في حد ذاتها دعوة لذوي النوايا الحسنة وللنخب المغاربية إلى استثمار هذه المذكرات لاستحضار تاريخ النضال المشترك، الذي استمر حتى بعد استقلال المغرب، حيث كان توجه الدولة الرسمي هو دعم الثورة الجزائرية سياسيا وعسكريا. ولطالما اعتمدت الجزائر على الحدود المغربية واتخذتها بمثابة قاعدة خلفية لجبهة التحرير، وما فتئ المغرب يقدم لها الدعم الكبير في حربها ضد الاستعمار الفرنسي”.

تاريخ الخبر: 2023-11-04 09:08:47
المصدر: الأيام 24 - المغرب
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 75%
الأهمية: 76%

آخر الأخبار حول العالم

بوريطة يستقبل وفدا بيروفيا من حكومة بيورا الجهوية

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-05-10 21:25:00
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 54%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية