كمال الجزولي.. فقدنا سراجاً منيراً في عز العتمة


كمال الجزولي.. فقدنا سراجاً منيراً في عز العتمة

رشا عوض

أحقاً غادرتنا؟! أحقاً غابت شمس حضورك الآسر في منابر الفكر الحر والنضال السياسي الحقوقي! أحقاً لن نلتقيك في أماسي أمدرمان الثقافية المفرهدة باحاديث الفكر والسياسة والأدب والفن والتاريخ فتفتح نوافذ بيتنا السوداني الكبير على شوارع المدنية وميادين الاستنارة! أحقاً لن نرَ مجدداً وقفتك المهيبة في المحاكم مترافعاً بجسارة واقتدار مهني رفيع في قضايانا ضد السلطة الغاشمة!

أحقاً لن نراك مجدداً في ساحات التضامن والدفاع عن حقوق الانسان والعمل المدني والنضال الديمقراطي!

أحقاً ما عاد بالإمكان المزيد من الكتب والقصائد والروزنامات الفخيمة والأحاديث الشيقة التي تطوف بنا في تعاريج تجربتنا الوطنية وتستدعي احداثا وشخوصا ومعاني بفرادة في التعبير وسلاسة في الحكي ورصانة في الفكر!

هل من الآن فصاعداً سنتحدث عن كل ذلك بضمير الغائب وصيغة الماضي!

كم كانت مراثيك التي تكتبها وفاءً لمن رحلوا من رموزنا الوطنية مدرسة في تحويل الرثاء إلى حياة جديدة للراحلين وضياءً يكشف ما كان غائباً من سيرتهم!

ما أحوجنا اليوم لجزالة لغتك وشاعرية تعابيرك لكي ننظم كلماتنا في وداعك كما يليق بمقامك السامي وبحزننا عليك!

يا له من فقد أليم لمناضل جسور قاوم بصلابة كل النظم الدكتاتورية وعلم وطني سيظل خفاقا في سماء بلادنا المكلومة!

لا حول ولا قوة الا بالله، تغمدك الله بواسع رحمته وأسكنك فسيح جناته!

حرمتنا الحرب من أن نودعك الوداع الذي يليق بك! وحرمتك أنت من أن ترقد في أرض وطنك متوسداً أرض السودان التي تغنيت لها شعراً ونثراً، وفي سبيلها دخلت المعتقلات وقدمت التضحيات، وكنت ثمرةً من ثمارها وتجلياً لما هو كامن في شعبها من بذور العقلانية والاستنارة والشجاعة في مواجهة الباطل وإرادة النهوض والتقدم.

أنشدت الشاعرة الفلسطينية فدوى طوقان في تعلقها بتراب وطنها:

كفاني أموت عليها وأدفن فيها

وتحت ثراها أذوب وأفنى

وأُبعث عشباً على أرضها

وأبعث زهرة إليها

تعبث بها كف طفل نمته بلادي

كفاني أظل بحضن بلادي

ترابًا،‌ وعشبًا، وزهرة.

رحلت فدوى طوقان ودفنت في أرضها المحتلة وكتبوا على شاهد قبرها “كفاني أظل بحضن بلادي.. تراباً وعشباً وزهرة”

ما أشقى بلادنا نحن التي ما عاد فيها من سبيل لا إلى العيش الكريم ولا الموت الكريم! حتى مقابرها باتت عصية بعيدة لا يمكن الوصول إليها حالياً!

رحمة الله على الحبيب كمال الجزولي، وأحر التعازي لزوجته الدكتورة فائزة ولابنه أبي وابنته أروى، ولأخته الأستاذة أميرة ولبنات أخته مي محجوب شريف ومريم محجوب شريف، ولكل أفراد أسرته ولكل محبيه وعارفي فضله.

اللهم افرغ علينا صبراً وأعنا على هذا الحزن الكبير.

تاريخ الخبر: 2023-11-06 18:22:59
المصدر: صحيفة التغيير - السودان
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 45%
الأهمية: 62%

آخر الأخبار حول العالم

بانجول.. افتتاح سفارة المملكة المغربية في غامبيا

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-04 00:26:27
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 58%

بانجول.. افتتاح سفارة المملكة المغربية في غامبيا

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-04 00:26:34
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 63%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية