افتتاحية الدار.. الرؤية الأطلسية للملك محمد السادس تفتح آفاقا هائلة أمام غرب إفريقيا


الدار/ افتتاحية

في خطابه سنة 2020 بمناسبة الذكرى الخامسة والأربعين للمسيرة الخضراء وضع الملك محمد السادس أسس استراتيجية جديدة لتنمية الأقاليم الجنوبية تقوم على اقتصاد بحري حقيقي. وأعلن حينها جلالته أن الواجهة الأطلسية، بجنوب المملكة، قُبالة الصحراء المغربية، ستكون واجهةً بحريةً للتكامل الاقتصادي والإشعاع القاري والدولي الذي سيتعزّز أساساً بميناء الداخلة. أُطلقت في أعقاب هذا الإعلان كثير من المشاريع التنموية بينما تتواصل الأشغال الكبرى لبناء ميناء الداخلة الذي سيكون معادلا لميناء طنجة المتوسط في الأقاليم الجنوبية. وفي الوقت الذي شارف فيه الطريق السريع الذي يربط الصحراء المغربية بالأقاليم الشمالية يعود جلالة الملك ليؤكد أن هذه الواجهة الأطلسية ليست مجرد خيار تنموي بل هي رؤية ملكية حقيقية.

ما الذي يمكن أن نستنتجه من هذا الورش الملكي المفتوح؟ ولماذا يصرّ جلالته على وضع الساحل الأطلسي في قلب الرهانات التنموية للمغرب ومنطقة الساحل والصحراء بأسرها؟ لا بدّ من العودة هنا إلى جذور هذه الرؤية التي ترتبط أساسا بتصور ملكي عميق يعتبر أن العمق الإفريقي للمملكة يعد منجما حقيقيا للفرص الاقتصادية والتنموية وأساسا لتحقيق الشراكات الناجحة بين دول الجنوب على أساس مبدأ رابح-رابح، بدلا من الشراكات التقليدية التي كانت تربط دول غرب إفريقيا بقُوى استعمارية سابقة لا يهمّها إلا استغلال ثروات المنطقة ونهب خيراتها دون أن ينال أبناؤها بعضا من ثمارها ومخرجاتها المالية والاقتصادية.

والدليل على أن اهتمام جلالته بالواجهة الأطلسية للمغرب ينبع من رؤية متكاملة يمكن أن نسميها دون مبالغة الرؤية الأطلسية، هو أنها تعزّزت في خطاب الذكرى الثامنة والأربعين للمسيرة الخضراء الذي ألقاه جلالة الملك يوم الإثنين الماضي باقتراح تاريخي يدعو من خلاله إلى ربط دول منطقة الساحل بالمحيط الأطلسي كي تستفيد من الفرص التي يتيحها لا سيّما في مجال النقل واللوجستيك ويفكّ عنها العزلة المناخية والبيئية والجغرافية التي تعانيها. يتعلق الأمر هنا أساسا بأربع دول من دول الساحل لا تمتلك أيّ واجهة بحرية وهي بوركينافاسو والنيجر ومالي وتشاد. جلّ هذه الدول شهدت في السنوات القليلة الماضية موجة من الاضطرابات الأمنية والانقلابات العسكرية التي أدت كلها في النهاية إلى فك الارتباط بالقوى الاستعمارية السابقة فرنسا.

لكن جلالة الملك يدرك بفضل رؤيته الإفريقية العميقة أن هذه الدول الرئيسية في المنطقة في حاجة إلى بدائل تنموية حقيقية لتجاوز التحديات التي تواجهها لا سيّما على الصعيد التنموي والأمني. ومن ثمّ فإن مبادرة الملك محمد السادس من أجل تمكينها من الاستفادة من الواجهة الأطلسية تعد اقتراحا عبقريا يمكن أن يحقق مزيدا من التكامل الاقتصادي والسياسي بين دول هذه المنطقة. تفعيل هذه المبادرة الدولية يعني بالضرورة كسر الكثير من الحواجز والحدود التي كانت تعوق التعاون الاقتصادي بين هذه الدول، ويدفعها بالضرورة إلى اكتشاف إمكاناتها الذاتية على مستوى النمو الاقتصادي، ويجعلها أيضا مؤهلة لاحتضان المشروع الضخم الذي يمثله أنبوب الغاز الرابط بين نيجيريا والمغرب.

نحن إذاً أمام رؤية عملية ومتكاملة من المحتمل أن تحقق ثورة اقتصادية وتنموية في هذه المنطقة التي تعاني من ويلات التغير المناخي وعدم الاستقرار وأعباء المديونية. يؤمن جلالته بأن إفريقيا قادرة بسواعد الأفارقة وإراداتهم السياسية الخالصة أن تحقق المعجزات وتتخلص من قيود الاستعمار التي ظلت للأسف تعرقل أيّ مبادرات تحرّر أو استقلال حقيقيين في جلّ دول المنطقة. وإذا كان الملك محمد السادس قد قاد بنجاح تنمية الواجهة المتوسطية للمملكة وحوّلها إلى أقطاب صناعية وسياحية رائدة على رأسها قطب مدينة طنجة مثلا، فإن إطلاق مشروع الواجهة الأطلسية لتطوير أقطاب جديدة من بينها مدينة الداخلة يؤكد أننا أمام تصور مدروس مبني على استثمار المؤهلات الذاتية للمغرب بعيدا عن برامج التنمية التقليدية التي كانت تعتمد بالأساس على الدعم والتمويل الخارجيين. المحيط الأطلسي وفقا للرؤية الملكية ليس مجرد حدود جغرافية تفصل بيننا وبين القارة الأميركية العملاقة بل هو جسر حقيقي يمكن أن يؤهل بلادنا لتصبح منصة ناجحة وفعالة لمختلف المشاريع والاستثمارات التي يطمح إليها جلّ الفاعلين الاقتصاديين العالميين الراغبين في دخول الأسواق الإفريقية واغتنام مؤهلاتها وفرصها.

تاريخ الخبر: 2023-11-09 09:25:18
المصدر: موقع الدار - المغرب
التصنيف: مجتمع
مستوى الصحة: 59%
الأهمية: 60%

آخر الأخبار حول العالم

المقابر الجماعية في قطاع غزة على طاولة مجلس الأمن

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-05 12:25:46
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 67%

المقابر الجماعية في قطاع غزة على طاولة مجلس الأمن

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-05 12:25:53
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 58%

رشق إيريك زمور بالبيض خلال حملته الانتخابية

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-05 12:25:45
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 51%

بطولة السعودية.. ثلاثية الـ "دون" تخرق بريق الصدارة الهلالية

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-05 12:26:07
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 57%

استئناف مرتقب لجولة المحادثات بالقاهرة حول الهدنة في غز

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-05 12:25:54
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 57%

بطولة السعودية.. ثلاثية الـ "دون" تخرق بريق الصدارة الهلالية

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-05 12:26:01
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 60%

توقعات أحوال الطقس اليوم الأحد

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-05-05 12:25:03
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 60%

استئناف مرتقب لجولة المحادثات بالقاهرة حول الهدنة في غز

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-05 12:25:58
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 67%

رشق إيريك زمور بالبيض خلال حملته الانتخابية

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-05 12:25:39
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 54%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية