يأس البوليساريو أم مخاطرة إيران.. ما الذي يدفع الجزائر إلى اللعب بالنار؟


الدار/ افتتاحية

العملية الإرهابية التي استهدفت المدنيين الآمنين في مدينة السمارة مؤخرا وأودت بحياة عدد منهم وروّعت آخرين ليست مجرد خرق أمني عابر. لا بدّ من الوقوف على جذور هذه المغامرة العسكرية التي خاضتها الجزائر بتوظيف ميليشيات البوليساريو لفهم السياق واحتمالات التصعيد التي ما تزال قائمة. من المؤكد أن التخطيط لهذه العملية وتنفيذها انطلاقا من التراب الجزائري يلقي كامل المسؤولية القانونية على نظام الكابرانات وفقا للتشريعات الدولية الجاري بها العمل. عندما تنطلق الأعمال العدائية من أرض دولة معينة نحو الجوار فهذا يعني أن الدولة التي تحتضن الطرف المسؤول عن هذه الأعمال تتحمل قدرا مشابها من المسؤولية إن لم يكن أكبر.

نحن في المغرب لا نصدق أبدا نكتة إقدام جبهة البوليساريو على القيام بهذا الاعتداء الإرهابي الشنيع انطلاقا من قرارها الداخلي. وندرك تماما أن الجزائر تقف وراء هذا الاعتداء أيّاً كانت ادعاءاتها الرسمية. إذا لم تكن اتخذت قرار التنفيذ فهي على الأقل متورطة بالتمويل والدعم والمساندة التي تقدمها لجبهة البوليساريو. لكن ما الذي يدفع الجزائر فعلا إلى مغامرة عسكرية من هذا القبيل قد تكون بمثابة إعلان حرب؟ من الواضح أن نظام الكابرانات دخل مرحلة خطيرة من اللعب بالنار. من جهة تعود هذه المغامرة إلى حالة اليأس التي تسكن انفصاليي البوليساريو، الذين اعتقدوا أن الحماية والدعم الجزائريين يمكن أن يضمنا لهم تحقيق أحلام الجمهورية الوهمية.

اليأس الذي يستشري في أجيال المحتجزين في تندوف لا سيّما من الشباب الذين أدركوا أخيرا أن قيادة الجبهة التي نخرتها الشيخوخة تروّج أسطورة لن تتحقق أبدا وستظل مجرد إيديولوجيا في خدمة الجزائر وأهدافها المقيتة. هذا اليأس هو الذي يدفع تنظيما مسلحا من تركة الحرب الباردة إلى الإقدام على ارتكاب عملية إرهابية خطيرة وهو يدرك أن الردّ عليها سيكون بمستوى أكبر وحجم أقوى. وهذا اليأس نابع بالأساس من التطورات الدبلوماسية الدولية والتحوّل الجوهري المسجّل في كل المناسبات التي تتدارس فيها هيئة الأمم المتحدة قضية الصحراء المغربية. تحاول الجزائر من خلال دفع الجبهة إلى هذا العمل الإرهابي إحياء هذا النزاع وإدراجه ضمن قائمة أولويات المنتظم الدولي بعد أن أصبح ملفا روتينيا لم تعد له أيّ راهنية.

كيف تستعيد قضية الانفصال راهنيتها إن لم تفعل ذلك بخرق وقف إطلاق النار وافتعال أحداث أمنية من قبيل عملية السمارة الإرهابية؟ هذا هو المنطق الذي يمكن أن يفسر المغامرة الجزائرية الجديدة. لكن ثمة لعب آخر بالنار لا يقل خطورة. إنه استمرار هذا التقارب الجزائري الإيراني المحموم الذي يمكن أن يدفع المنطقة إلى حالة حادة من الاستقطاب السياسي والإيديولوجي الخطير. اللقاء الذي أشارت إليها الصحافة الألمانية مؤخرا بين مسؤولين إيرانيين وممثلين عن جبهة البوليساريو من أجل عقد صفقات تسلح تشمل تسليم طائرات إيرانية مسيّرة لجبهة البوليساريو لتوظيفها في تنفيذ هجمات ضد المغرب يمثل تطوراً خطيراً. ولا داعي للتذكير مرة أخرى أن هذا التنسيق والتعاون العسكري بين الطرفين لا يمكن أبدا أن يتم بعيدا عن إشراف الجزائر.

ومن هنا من حقّنا أن نتساءل: ما الذي يدفع الجزائر في الوقت الراهن إلى اللعب بالنار إلى هذه الدرجة؟ تحريض الانفصاليين على ارتكاب أعمال إرهابية تستهدف المدنيين والتوسط لصفقات تسلح مع نظام الملالي الإيراني. ليس هناك من تفسير لهذه التطورات غير اليأس العميق الذي يخترق هذا النظام بعد أن فشلت كل مخططاته الدبلوماسية الهادفة إلى محاصرة المغرب وتضييق هوامش تحركه. فشلت خطة إلغاء العمل بأنبوب الغاز المغرب العربي وفشلت خطة الضغط على حلفاء المغرب وعلى رأسهم إسبانيا، وفشلت خطة منافسة المغرب في القارة الإفريقية وفشلت عملية استقطاب الدعم العربي بتنظيم القمم والتظاهرات، وفشلت الحملات الإعلامية الهادفة إلى تأجيج الأوضاع في بلادنا. وفشلت عشرات المخططات الجزائرية ولم يعد أمام هذا النظام من أفق آخر غير رهانات اليأس الخطيرة.

تاريخ الخبر: 2023-11-11 09:26:39
المصدر: موقع الدار - المغرب
التصنيف: مجتمع
مستوى الصحة: 46%
الأهمية: 58%

آخر الأخبار حول العالم

عادل رمزي مدربا جديدا لمنتخب هولندا لأقل من 18 سنة

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-29 21:26:15
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 53%

عادل رمزي مدربا جديدا لمنتخب هولندا لأقل من 18 سنة

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-29 21:26:19
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 56%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية